تأخر المطر.. أرض فلسطين تشكو العطش

تسود لدى المزارعين تخوفات على الموسم الزراعي الشتوي لهذا العام، مع استمرار انحباس الأمطار حتى شهر تشرين ثانٍ الجاري (الأكثر جفافا منذ عقود)؛ حيث لم تسقط فيه قطرة ماء واحدة.
ويقول المزارع حسن مرعي، من بلدة كفردان (سلة خضار جنين)، لمراسلنا: “إن مزروعات الخضار الشتوية مهددة، سيما وأن الأمطار انحبست بشكل فاق التوقعات، إضافة إلى موجة الانخفاض الحاد في درجات الحرارة في الأيام الأخيرة”.
وأضاف: “استمرار الوضع الراهن يعني اضطرار المزارعين إلى قلب الأرض وزراعتها من جديد، ما يعني خسائر مادية من جهة، وارتفاعًا في أسعار الخضراوات من جهة أخرى”.
انخفاض مياه الآبار
وأشار صاحب صهريج نقل مياه في قرى غرب جنين أحمد أبو الهيجاء، إلى أن منسوب المياه في الآبار الارتوازية ينخفض بشكل ملحوظ؛ “فنحن لم نعتد على نقل المياه في هذا الوقت من السنة؛ لأن غالبية المنازل والمزارع بها آبار تجميع مياه أمطار”.
وأضاف: “نحن نعمل حاليا كما لو كنا في فصل الصيف من حيث كثافة نقل المياه للمنازل والمزارع، ونلحظ في أكثر من ثمانين بئرًا ارتوازيًّا في المنطقة الغربية انخفاضا ملحوظا في قوة ضخ المياه، فالبئر الذي كان يضخ سبعين كوبًا في الساعة بالكاد يضخ حاليا عشرين”.
وأردف: “نحن بانتظار رحمة الله تعالى، ولو استمر انحباس الأمطار إلى الشهر القادم بهذه الطريقة فسيكون السيناريو أسوأ بكثير”.
ويبدي المزارع عبد الله خمايسة، قلقا على مزروعاته من “القرنبيط”، وهي تيبس أمام ناظريه بفعل انحباس المطر، مشيرا إلى أنه سبق وتلقى ضربة في الموسم الشتوي السابق بسبب ذروة المنخفض الشديد في كانون أول، واليوم يوشك أن يتلقى خسارة أخرى سببها انحباس الأمطار.
وأضاف: “خسائرنا لا تتوقف، فنحن نضطر للسقي بالري بدلا من الأمطار، بل تتجاوزها إلى تكلفة استخدام المبيدات الحشرية باهظة الثمن لمكافحة أمراض مثل العناكب والبياض الدقيقي، والتي لا تنتشر في هذا الوقت من السنة في حال هطلت الأمطار”.
مربّو الماشية
ويلحق انحباس الأمطار الخسائر في كل القطاعات الزراعية، حسب مربّي الماشية في وادي المالح بالأغوار عمر دراغمة، والذي يشير لمراسلنا، إلى أنهم يعانون جراء انحباس الأمطار، “حيث تكون المراعي قد اكتست حلتها الخضراء في هذا الوقت من السنة، ولكنها مقفرة حتى الآن، ما يزيد الاعتماد على الأعلاف”.
ويضيف: “وعدا عن ذلك، فإن تكلفة نقل المياه المرتفعة، إضافة إلى انتشار أمراض كالبراغيث وغيرها بسبب انحباس الأمطار يزيد الأعباء، آملا من العلي القدير أن يفتح أبواب السماء بماء منهمر”، حسب وصفه.
ويعزو مدير دائرة الأرصاد الجوية يوسف أبو أسعد تأخر الأمطار إلى التقلبات المناخية التي تشهدها فلسطين، فضلا عن سيطرة مرتفع جوي على البحر الأبيض المتوسط، يحول دون تقدم المنخفضات الجوية القادمة من جنوب القارة الأوروبية.
ونبّه لمراسلنا، إلى أنه من المتوقع أن تسقط الأمطار الشهر القادم، ما يخفف من وطأة انحباسها، حسب ما تشير إليه الخرائط الجوية، وهو ما قد يشكل بشرى للمزارعين.