الأحد 30/يونيو/2024

الزراعة.. مقوم أساسي في البنية الاقتصادية الفلسطينية

الزراعة.. مقوم أساسي في البنية الاقتصادية الفلسطينية

تعد الزراعة إلى جانب كونها نشاطا اقتصاديا، مصدرا مساهماً رئيساً في حماية الأراضي من المصادرة والاستيطان وتحقيق الأمن الغذائي للمواطن الفلسطيني.

ويوفر القطاع الزراعي فرص عمل لنحو  13.4% من القوى العاملة، إلى جانب المساهمة في 8.1% في الناتج المحلي الإجمالي وفي 15.2% من مجموع الصادرات بالإضافة إلى إسهامها المباشر في تحسين البيئة والمحافظة عليها وعلاقتها بالقطاعات الأخرى كمزود لمتطلبات الصناعة ومستهلك ومستخدم للمدخلات والخدمات من القطاعات الأخرى.

الأراضي الزراعية
تبلغ المساحة الزراعية الكلية نحو 1.854 مليون دونم، ما نسبته 31% من المساحة الكلية للضفة الغربية وقطاع غزة؛ 91% منها في الضفة الغربية و9% في قطاع غزة.  

وتشكل مساحة الأراضي البعلية 86% بينما تشكل المساحة المروية 14% من مجموع المساحة الزراعية، أما مساحة المراعي فتبلغ 2.02 مليون دونم ولا تتجاوز مساحة المتاح منها للرعي 621 ألف دونم.

وتبلغ مساحة الأراضي المصنفة كغابات وأحراش 94 ألف دونم، من مجموع المحميات الطبيعية والبالغة (48) محمية تسلمت السلطة الفلسطينية (17) محمية فقط، تتركز في أراضي المنحدرات الشرقية والأغوار. 

ويقع 62.9% من الأراضي الزراعية في منطقة (ج) و 18.8 في منطقة (ب) و 18.3 في منطقة (أ) وفق تصنيفات اتفاق أوسلو ما بين الاحتلال ومنظمة التحرير.

أما كميات المياه المتاحة للزراعة فتبلغ (150) مليون متر مكعب سنويا وتشكل 45% من إجمالي المياه المستخدمة، (70) مليون متر مكعب منها يستعمل في الضفة الغربية و(80) مليون متر مكعب يستعمل في قطاع غزة.

وتشكل الآبار الجوفية المصدر الرئيسي للمياه في قطاع غزة، فيما تتشكل مصادرها بالضفة الغربية  ما بين المياه الجوفية والينابيع.

ويصادر الاحتلال نحو 82% من المياه الجوفية الفلسطينية في الضفة الغربية.

أهم المحاصيل الزراعية في فلسطين:
• الزيتون: ويزرع بمساحات كبيرة خاصة في الضفة الغربية؛ غالبيته تتم زراعته بطريقة بعلية تعتمد على الأمطار الموسمية.

• الحمضيات: تعتبر من الزراعات المهمة في فلسطين، ومن أنواعها (البرتقال، الكلمنتينا، الليمون، الجريب فروت، المخال، البوملي.. وغيرها).

• الخضار: وهي البندورة، الخيار، الكوسا، البطيخ، الباذنجان، البطاطس، الشمام، الفلفل الحار، الملفوف، الفاصوليا، السبانخ، الجزر، البصل، الثوم، القرع، اللفت، الفجل، التوت الأرضي.

• أشجار الفاكهة واللوزيات: تزرع بمساحة كبيرة في المناطق الفلسطينية، ومنها (العنب، البرقوق، الموز، الجوافة، الخوخ، التفاح، أسكدنيا، سفرجل، مانجا، أفوجادو، الرمان، لوز).

الإنتاج والصادرات
يبلغ حجم إنتاج القطاع الزراعي الفلسطيني 450 ألف طن سنوياً، وبلغ حجم الصادرات في النصف الأول من العام الحالي (2016) حوالي  542 طن إلى أوروبا، 1822 طن إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، 1957 طن إلى الأردن، و6107 طن تم تصديرها من غزة إلى الضفة.

وقد ظهر في إحدى الدراسات التي قامت بها وزارة التخطيط الفلسطينية لتحديد الميزة التنافسية في الاقتصاد الفلسطيني، أن زيت الزيتون والزهور الفلسطينية وبعض أنواع الخضار والفواكه ضمن أهم تسع سلع تم اختيارها كمحاصيل ذات قدرة تنافسية لتصدريها والتي يكون إنتاجها مرتفعًا وبتكلفة نسبية قليلة.

كما وتتسم المحاصيل الزراعية في فلسطين بخصائص مختلفة تتمثل بالجودة، وتنوع المنتوجات الزراعية، وتواجدها على فترات طويلة خارج الموسم الزراعي، والموقع الجغرافي القريب من أسواق التصدير (الأسواق العربية والأوروبية). والإنتاج الجيد بكفاءة عالية وتكلفة منخفضة وجودة متميزة وتوفر التقنيات الحديثة.

* النمط الزراعي في قطاع غزة:
يزرع في المنطقة الغربية (منطقة الشيخ عجلين) حيث التربة رملية، محاصيل العنب والتين والزيتون صنف k18 وصنف شملالي، وحديثا التفاح، والخضار المكشوفة والمحمية في صورة أنفاق أرضية أو تحت الشاش مثل الخيار والفلفل والباذنجان والكوسا، كما يزرع الكرنب والملفوف والقلقاس والطماطم والملوخية وغيرها. 

ويزرع في منطقة المغراقة والزيتون الغربي حيث التربة متوسطة الزيتون والحمضيات والنخيل والخضار المكشوفة والمحمية داخل الدفيئات وتشمل الطماطم والفلفل والباذنجان والزهرة والملفوف والخس والبازلاء والقلقاس والبطاطس. 

أما المنطقة الشرقية حيث التربة طينية القوام فيزرع الزيتون خاصة الصنف السُّري والخضار المكشوفة التي تتحمل ملوحة مياه الري، وكذلك المحاصيل البعلية مثل الباميا والفقوس وكذلك محاصيل الحبوب مثل القمح والشعير والحمص والحلبة.

* نقاط القوة للقطاع الزراعي الفلسطيني:
وهي عبارة عن الإمكانات المتاحة والتي يتميز بها القطاع الزراعي في الأراضي الفلسطينية، والتي تساعد في تعظيم الفائدة من الزراعة، خصوصا عند إعداد السياسات واستراتيجيات التطوير، وهي: إمكانية التوسع الأفقي والرأسي، والموقع الجغرافي الاستراتيجي، وارتباط المزارع بالأرض، وحبه للعمل فيها، والتنوع المناخي المميز، وتوافر العمالة الزراعية المدربة بأجور مناسبة.

مشاكل الإنتاج الزراعي
إن المشكلة الرئيسية تكمن في انخفاض المساحات المزروعة، والتي لخص أسبابها الباحث عطية مصلح على النحو التالي:

• مصادرة سلطات الاحتلال الصهيوني للأراضي، وخاصة الأرض الزراعية لصالح الاستيطان، حيث عملت على اقتلاع الأشجار المثمرة، وبناء المستوطنات، والطرق الموصلة إليها.

• هجرة الأيدي العاملة من الضّفة الغربية، للعمل في الكيان الصهيوني، حيث الأجور المرتفعة.

• ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج الزراعي؛ من أسمدة، ومبيدات، وبلاستيك، ومياه، وغيرها.

• حرمان المزارعين من حقوقهم المائية، خاصة المياه التي يسرقها الاحتلال.

• التحكم في تسويق المنتجات الزراعية، وربطها بحاجة السوق الصهيونية للمنتجات.

• تحويل مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، إلى أراضٍ سكنية، تقام عليها مشاريع إسكان، مع تزايد عدد السكان في فلسطين.

* استراتيجيات في التدخل لزيادة الإنتاج:
1 – الحفاظ على مصادر المياه: من حيث الاعتماد على الزراعة المطرية قدر الإمكان وزراعة محاصيل أقل استهلاكا للمياه (كالزيتون _ اللوزيات _النخيل_ التين والرمان) وكذلك استغلال مياه الأمطار عن طريق الحصاد المائي وإدارة أفضل للخزان الجوفي بعدم التعديات عليه بحفر آبار عشوائية _ استخدام أنظمة ري حديثة واستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في الري.

2 – حماية الأراضي الزراعية: زيادة الملوحة لها تأثير على زراعة العديد من المحاصيل وكذلك التجريفات المتكررة من الاحتلال للأراضي الزراعية والزيادة العمرانية واقتطاع مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، ولذلك يجب الحفاظ على الأراضي الزراعية، واستخدام التوسع الرأسي في الزراعة.

3 – توفير مستلزمات الإنتاج الجيدة والمراقبة مثل الأسمدة والمبيدات والبذور والكومبست وغيرها؛ وذلك من خلال توفير الأشتال النوعية من زراعة الأنسجة ذات المواصفات الجيدة والخالية من الأمراض -إدخال أصناف زراعية جديدة وعدم الاعتماد على الأصناف القديمة _ استخدام المخلفات الزراعية والمنزلية كأسمدة عضوية.

4 – تحقيق الأمن الغذائي في بعض المحاصيل الاستراتيجية وذلك بتوفير المنتج الزراعي في كل وقت وبأسعار مناسبة للجميع وجودة مقبولة للمستهلك (مثل البصل –البطيخ – الجزر – الثوم).

5 – تحسين مستوى دخل المزارع: وذلك من خلال زراعة الأراضي الجانبية من المزرعة بمحاصيل إضافية كالنخيل والزيتون وتصنيع الكومبست والاستزراع السمكي ووقف استيراد المحاصيل المنتجة محليا وحسب السوق.

6 – تحسين الجودة والقدرة التنافسية للمنتج وهذا يجعله منافسا قويا في الأسواق العالمية.

7 – استخدام التكنولوجيا الحديثة والبحوث العلمية في الزراعة ودورات مكثفة للمزارعين الرياديين عليها وكذلك للمرشدين الزراعيين.

8- استغلال محطات التجارب في أمور عملية.

الرؤية المستقبلية
زراعة مستدامة ذات جدوى وقادرة على تحقيق الأمن الغذائي والمنافسة محلياً وخارجياً عبر الاستخدام الأمثل للموارد كجزء من التنمية الشاملة، وتعزيز ارتباط وسيادة الإنسان الفلسطيني على أرضه وموارده وصولاً إلى بناء الدولة.

وهذا يتطلب التزام الحكومات المتعاقبة وأصحاب العلاقة بتوفير مرتكزات تحقيق الرؤية والتي تتمثل بمعالجة نتائج وآثار التدمير والتشوهات الناجمة عن الاحتلال وتمكين الإنسان الفلسطيني من السيطرة على الموارد، وإنصاف القطاع الزراعي والاهتمام به.

 إن مهمة ومسؤولية النهوض بالقطاع الزراعي هي مسؤولية تشاركية تكاملية وتنسيقية ضمن إطار واضح للمهام والأدوار بين مؤسساته الحكومية والأهلية والقطاع الخاص في إطار من الشفافية والمساءلة والنزاهة، حيث إن الإنتاج الزراعي الفلسطيني يعتمد بمعظمه على صغار المزارعين، وبالتالي يتوجب تشكيل تنظيمات وتعاونيات ومجالس المزارعين ومنحها أولوية خاصة.

كذلك مراعاة استدامة واستخدام الموارد المتاحة بالشكل الأمثل، وضرورة إيقاف الاستنزاف والاستخدام الجائر للموارد المتاحة وخاصة المياه الجوفية والمراعي، وكذلك الحد من ظاهرة تدهور الأراضي وانجراف التربة والتصحر والتغير المناخي وآثارها.

وتحسين قدرة القطاع الزراعي على استقطاب الاستثمار وذلك بتوفير الحوافز والتشريعات والضمانات والخدمات والتأمينات الكفيلة بتشجيع القطاع الخاص، والأخذ بعين الاعتبار مصالح صغار المزارعين، وبناء الموارد البشرية وتعزيز حضور الخبرات والكفاءات الزراعية الفلسطينية على المستوى الإقليمي والدولي.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات