الخميس 08/مايو/2025

نابلس بالكارتون والحصى.. مجسم يحكي حضارة البلدة القديمة

نابلس بالكارتون والحصى.. مجسم يحكي حضارة البلدة القديمة

منذ سبعة شهور يواصل مهندسان فلسطينيان من مدينة نابلس (شمال القدس المحتلة)، عملهما في مجسم يجسّد البلدة القديمة في المدينة، كي يكون مرجعا تعليميا ومساعدا في الترويج السياحي للمنطقة التي تضم في ثناياها كثيرا من المعالم التاريخية والأثرية.

إسلام أبو زنط (35 عاما)، ونورا جردانة (33 عاما)، يعملان في “مركز تنمية موارد المجتمع”، التابع لبلدية نابلس، تولدت لديهم الفكرة لتجسيد البلدة القديمة في مجسم كرتوني وباستخدام الحصى وكثير من الأدوات، ليأتي هذا العمل ضمن مشروع “التطوير الحضري والموروث التراثي والثقافي”، وبالاشتراك بين بلدتي نابلس ومدينة ليل الفرنسية بعد إعلان التوأمة بينهما.

موروث ثقافي

الشاب أبو زنط، الذي درس “تصميم التراث” في إحدى الجامعات المغربية،  قال في تقرير لوكالة “قدس برس”، إنه التحق بالعمل في المركز التابع لبلدية نابلس، ونفّذ من خلاله وبالاشتراك مع بقية العاملين فيه، كثيرا من الأنشطة الثقافية والتربوية التي تهم المجتمع، والتي من خلالها يتم التأكيد على الموروث الثقافي والتاريخي للشعب الفلسطيني.

وأضاف أنه بدأ وزميلته العمل في تصميم مجسم البلدة القديمة منذ سبعة شهور، وتجاوزت ساعات العمل به حتى الآن الألف ساعة تقريبا، بجهد مشترك وعمل دؤوب.

وأشار أبو زنط، إلى أنهما بدءا بالبحث عن الأدوات التي تمكنهما من تصميم المجسم، حتى تم توفيرها بجهد شخصي، حيث استخدم الكرتون المقوى المخصص لذلك، وكميات كبيرة من الأحجار والحصى الصغيرة، بالإضافة إلى أوراق السرو، والمواد اللاصقة والألوان.

وتُكمل الشابة جردانة، تدرجها وزميلها في خطوات تصميم هذا المجسم، وتُضيف أنهما قاما بزيارات متعددة للبلدة القديمة وحاراتها وأزقتها، ودخلوا إلى كثير من المناطق الأثرية والأبنية القديمة للإطلاع على تفصيل بنائها.

وأشارت جردانة التي درست هندسة الديكور، أنهما وبعد الإطلاع على تفاصيل البلدة القديمة، عملا على رسم مخطط هندسي بقياسات متناسقة ودقيقة لكل معالمها، وتضمن الرسم الهندسي كافة مكونات البلدة بدءًا من حاراتها الست ( الياسمينة، الغربي، القريون، العقبة، القيسارية، والحبلة)، بالإضافة لأكثر من تسعة مساجد، وخمسة قصور أثرية، وثلاثة حمامات تاريخية، ومدرستيْن، وكنيس للطائفة السامرية، وغيرها من التفاصيل والمباني التي تروي كل واحدة منها تاريخ وحضارة من عاش على هذه الأرض.

وسيلة إرشادية

وفي الوقت ذاته، يؤكد المصممان أبو زنط وجردانة، على أن عملهما الجديد، أضاف لمخزونهما العلمي والثقافي المزيد من المعلومات التي كانا يفتقدانها سواء حول نابلس وحاراتها، أو تاريخها وحضارتها.

وأضافا أن الهدف الرئيس من وراء تصميم هذا المجسم، هو أن يكون وسيلة إرشادية وتعليمية للطلبة، وكذلك كدليل سياحي يسهل على السائحين والزوّار التعرف على نابلس وتاريخ بلدتها القديمة.

وأشاروا إلى أن انهيار بعض المباني الأثرية في البلدة القديمة نتيجة عوامل عدة، منها الزلازل التي ضربت المدينة في القرن الماضي، أو نتيجة ما تعرضت له من قصف إسرائيلي خاصة إبان اجتياح الاحتلال للضفة الغربية في عملية “السور الواقي” عام 2002، كان حافزاً لهما لإعداد هذا المجسم كي يبقى شاهدا على آثار البلدة القديمة.

وبيّنا أن هناك عدة رؤى حول كيفية التعامل مع المجسم بعد الانتهاء من العمل به، ومن بينها أن يوضع في مكان عام بعد الاحتفاظ به في بيت زجاجي، حتى يتمكن جميع الناس وزوّار المدينة من رؤيته عن قرب، والتعرف على تاريخ المدينة وحارات بلدتها القديمة.

كما لفتا إلى أنهما بصدد القيام بتصميم مجسمات جديدة لذات الهدف وبنفس الآلية، لتجسيد بعض الأحياء والمواقع التاريخية الأثرية الأخرى في المدينة، لتُضاف إلى الإنجازات والتصاميم السابقة، من أجل الحفاظ على تاريخ وإرث المدينة الحضاري والثقافي.

ونابلس هي إحدى أكبر المدن الفلسطينية سكانًا وأهمها موقعًا، كما تعتبر عاصمة فلسطين الاقتصادية، ومقر أكبر الجامعات الفلسطينية، إضافةً إلى كونها مركزاً لمحافظة نابلس التي تضم 56 قرية، ويُقدر عدد سكانها بقرابة 350 ألف نسمة.

ومشهود لنابلس أدوارها الريادية في المجالات الحياتية الفلسطينية. فقد كانت نابلس رائدة القرار الوطني والسياسي قبل عام 1948، وكانت رائدة النشاط السياسي إبان العهد الأردني. كما وتعتبر نابلس مدينة المفكرين والشعراء والأدباء، وهي كانت دائما في مقدمة النشاط الثقافي والفكري في البلاد.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات