عاجل

الجمعة 27/سبتمبر/2024

عملية مصباح القدس دعوة للعمل المنظم

مصطفى الصواف

راهن الاحتلال الصهيوني على قوته الأمنية والاستخباراتية والعسكرية وعلى تعاونه الأمني مع أجهزة أمن السلطة في رام الله في السيطرة على انتفاضة القدس التي يقودها شباب وشابات الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية بما فيها القدس.

 وظن في لحظة ما أنه تمكن من إخماد جذوتها والسيطرة عليها، وكان مقياسه في ذلك هو انخفاض في عدد العمليات في الشهور الأخيرة بالقياس بالشهور التي سبقتها، واعتبر ذلك مؤشرا لنجاحه في السيطرة على الانتفاضة.

وجاءت عملية الشهيد البطل مصباح أبو صبيح البطولية في منطقة الشيخ جراح والتي استخدم فيها سلاحه الرشاش للرد على مزاعم الاحتلال بالقضاء على الانتفاضة، هذه العملية التي أدت إلى مقتل وإصابة ثمانية اثنين منهم قتلى على الأقل إلى جانب أنها أقضت مضاجع الاحتلال وشكلت صفعة قوية لأجهزته الأمنية وخلطت كل الأوراق، وأظهرت هشاشة منظومته الأمنية وسهولة خداعها كما فعل الشهيد مصباح منفذ العملية والتي كانت أجهزة الاحتلال الأمنية تنتظره كي يسلم لها نفسه في نفس يوم العملية ليقضي في سجونها حكما بالسجن لمدة أربعة أشهر لنشاطه في القدس والمسجد الأقصى، والذي اعتقل من أجله مرات عديدة، وأبعد عنه لنفس الأسباب.

كان يظن الاحتلال أن الشهيد أبو صبيح كان يحضر ملابس السجن، وإذ به كان يحضر سلاحه (الـ ام 16) من أجل الانتقام من الاحتلال على إرهابه وبطشه ونازيته في القدس وفلسطين ليسلم بعدها روحه لخالقه شهيدا كما أحب ويحب كل مؤمن أن يلقى الله شهيدا، فصدق الشهيد مصباح الله فصدقه الله، أما الجسد ليفعل به الاحتلال ما يشاء وستضمه أرض فلسطين سواء في القدس أو أي مكان آخر منها، فكل فلسطين هي أرض طاهرة مباركة.

نسي الاحتلال أن انتفاضة القدس التي مر عليها عامها الأول ودخلت في العام الثاني تعتمد على الفردية دون التنظيم بشكل مباشر أو غير مباشر، والعمل الفردي يحتاج إلى وقت أكثر من العمل المنظم.

 العمل الفردي يحتاج إلى جهد ووقت ومال، وهذا ربما الذي اعتقد العدو من خلاله أنه تمكن من القضاء على الانتفاضة، الفرد الذي يريد تنفيذ عملية يقوم من ألف إلى ياء العملية معتمدا على ذاته، فالتفكير يحتاج إلى وقت لاتخاذ القرار، بعد اتخاذ القرار هو يحتاج إلى عملية رصد للمكان الذي حدده لتنفيذ العملية وفي المكان يتم تحديد الهدف وبعد تحديد الهدف هو بحاجة لتحديد الوقت الأنسب للتنفيذ وهذا يحتاج وقت كثير، ثم تأتي مرحلة التحضير اللوجستي للأدوات المراد تنفيذ العملية بها، وهذه تحتاج مزيد من الوقت والجهد والمال.

 وعليه يكون هناك طول في الفترة الزمنية بين العملية والأخرى، وهذا عكس العمل المنظم والذي يعتمد على فريق عمل والمنفذ فقط يتلقى الأوامر بالتنفيذ وفق خطة معدة لها ومحدد زمانها ومكانها ومتوفر لها كل الإمكانيات، وما على المنفذ إلا أن يكون على استعداد نفسي وموافقة على التنفيذ، وفي ذلك توفير لكثير من الجهد والوقت والمال.

اليوم وبعد مرور عام على انتفاضة القدس بات العمل المنظم ضرورة من ضروريات استمرارها ونجاحها وهذا يحتاج إلى وقفة مع الذات من قبل القوى المقاومة كي تعمل على إمداد هذه الانتفاضة بكل الوسائل والإمكانيات حتى تستمر وتراكم من إنجازاتها وتحقق المكاسب المختلفة منها، لأن مرحلة الفردية في العمل المقاوم استنفدت هدفها في أنها رسخت هذه الانتفاضة على أرض الواقع، وحققت بعض أهدافها في خلق حالة من الخوف والرعب والقلق، وأوقعت في صفوف الاحتلال خسائر بشرية ومادية رغم فارق الإمكانيات بين عمل الفرد وعمل جيش دولة تعاونه أجهزة أمن السلطة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات