الخميس 04/يوليو/2024

زيتونة…لن يأسروا في الورد عطر الياسمين

د. خالد  معالي

من يظن؛ أنه بدون حراك، وبدون أن يشمر عن ذراعيه وينطلق؛ بعد تفكير سليم؛ سيحقق أية نتائج  مرجوة وطيبة؛ فهو بحاجة لمراجعة خطواته وأفكاره؛ فزيتونة مجرد سفينة صغيرة، فضحت الاحتلال، وكشفت هشاشة الوضع العربي وتعثره، وحركت المياه الراكدة، على تواضع الخطوة وبساطتها.

زيتونة؛ اسم على مسمى؛ فكل امرأة فلسطينية، أو حتى أية امرأة تحمل معاني إنسانية راقية وأخلاق عظيمة، هي زيتونة راسخة في الوطن وفي قلوب الإنسانية جمعاء، فزيتونة هي كل من تحمل من المشاعر الإنسانية النبيلة بنصرة المظلوم وفضح الظالم؛ وهل هناك أعظم ظلما من احتلال يستعبد شعبا بأكلمة؟! يقوم جهارا نهارا بقرصنة بحرية مخالفة للقوانين الدولية، ويعتدي على متضامنات سلميات لا يشكلن أي تهديد لدولة الاحتلال.

زيتونة؛ ما كان لها أن تنطلق وتسير في طريق العزة والكرامة وكسر الجمود؛ لولا وجود نساء يملؤهن حب الإنسانية، والمشاعر الجياشة، جمعتهن إنسانيتهن وأحاسيسهن المرهفة والنبيلة برفض الظلم؛ مهما كان مصدره وقوته وجبروته.

زيتونة هي أيضا تلك الطفلة الأسيرة نتالي شوخه (15عاما) من قرية رمون قضاء رام الله؛ التي قيدها الاحتلال؛ رغم جراحها وصغر سنها؛ وراح يتلذذ بتعذيب الطفولة وبراءتها، وهي جريحة لا تلوي على شيء، ولا تقدر على الهروب من الجنود المدججين بمختلف أنواع الأسلحة حولها والمحيطين بها كإحاطة السوار للمعصم.

كل جريمة الطفلة نتالي وبقية الأسيرات وسبعة آلاف أسير؛ أنهن يرفضن حياة الذل والعار تحت حراب الاحتلال؛ ليقوم الاحتلال بتعذيبهن بكل أصناف العذاب، مثل الشبح والضرب وتقييد اليدين للخلف، والسب والشتم وغيرها الكثير.

الطفلة الجريحة نتالي؛ كتبت رسالة لعائلتها مؤثرة؛ كتبت فيها أنهم لن يأسروا في الورد عطر الياسمين، وحالها كان كحال زميلتها  الطفلة الأسيرة تسنيم حلبي الخطيب التي اعتقلت معها، وأكثر  من 70 أسيرة بطلة في سجون الاحتلال.

تعسا لأمة تدعي أنها أفضل الأمم وخير أمة أخرجت للناس؛  لا تقدر وتقف عاجزة، وتنظر بصمت لأسر متضامنات على سفينة زيتونة، ولا تستطيع إخراج فتيات بعمر الزهور من زنازين الاحتلال وتخليصهن من الأسر والعذاب، وتعسا لكل من زعم أنه حر وشريف دون أن يفكر أو يشارك في تخليصهن من قيود الأسر وقضبان السجن.

ما دام الاحتلال موجودا؛ سيبقى يعاني الشعب الفلسطيني؛ وستبقى الاعتقالات متواصلة؛ وسيقوم جيش الاحتلال بقرصنة سفن التضامن مع الشعب الفلسطيني؛ وسيبقى هناك من يستفيد الاحتلال من وجوده وأفعاله عن قصد أو غير قصد؛ كحال من أطلق قذيفة عشوائية يوم أمس من غزة ؛ دون معرفة العواقب وانعكاساتها في هذه اللحظة الحرجة؛ بحيث غطت على سفينة كسر الحصار  زيتونة.

سياسة التباكي؛ لا تفيد في شيء؛ فلا التباكي على زيتونة يقدم شيئا، ولا التباكي على الأطفال الأسرى؛ أو على مواصلة اعتقال أسرى لأكثر من 30 عاما؛ يجدي نفعا؛ ولا التباكي على من أطلق قذيفة بغير تخطيط وتنسيق وتفكير؛ يجدي نفعا.

من يظن أن الظلم سيبقى منتصرا؛ فقد أساء الظن بالله؛ وسقوط طائرة ومقتل طيار من المحتلين الظلمة؛ سواء أكان السقوط خللا فنيا، أو كان بفعل المقاومة؛ ففي الحالتين؛ إن الله لا يترك عباده المؤمنين دون نصر؛ “وكان حقا  علينا نصر المؤمنين”.

أي عمل أو خطوة في الحياة ما لم يكن مخططا لها جيدا، وتكون في وقتها ومكانها المناسب؛ فإنها قد تجلب سلبيات كثيرة، وتنقلب عكسيا؛ كحال قذيفة غزة أمس؛ ومن هنا وجب التخطيط والتدقيق، وأخذ القرارات بحكمة وروية، وإلا صرنا في الماضي، وتائهين دون مستقبل؛ فهل اتعظنا، وأخذنا الدروس والعبر هذه المرة؟!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات