الأحد 04/مايو/2025

الحاجة نجمة الحمدوني.. حين تزف الفقيرة أسيرها شهيدًا

الحاجة نجمة الحمدوني.. حين تزف الفقيرة أسيرها شهيدًا

ألقت بجسدها الذي أوهنه الكبر في قبر ابنها محاولة المكوث إلى جانبه في القبر عقب إنزاله مقامه الأخير وهي تردد بصوتها المنهك: “وين أزفك وين يا ابن الفقيرة؟”.

كانت كلمات بسيطة، كما يصفها مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”، عبرت عن حياة شقاء وبؤس عاشتها هذه الحاجة الفلسطينية التي أكل الدهر عليها وشرب تحت نير الاحتلال، متنقلة بين فقر العيش وضيق الحال، وبين ضريبة الاحتلال وسجونه.

لم تتمالك نفسها ولم تحتمل رؤية ابنها يوسد في قبره فحاولت أن تكون إلى جانبه تحت التراب لولا جموع المواطنين التي شاركت في تشييعه على أرض يعبد القسام في جنين.

قهر الأحرارورغم صلابتها التي عهدت عليها وكبريائها في تحمل جبروت الاحتلال وشظف العيش وضيق الحال؛ حيث كانت مدرَسة في الصبر، إلا أن إشعاع القهر الذي بدا من عيونها وهي تزف ابنها الشهيد كان أكبر من أن يحتمله المشيعون، فكيف بالأم الذي كان مشهدها أبلغ من أي تعبير؟.

لم تتمكن الحاجة نجمة من كبت مشاعر الألم في الفصل الأخير للحكاية، والتي طالما استطاعت أن تكبتها لسنوات طوال، ورفضت إلا أن تكون أول المشيعين من جنين إلى يعبد، وحملت على غير العادة جثمان نجلها وجابت به الشوارع في مشهد يعبر عن أن لا شيء أكثر قسوة من “قهر الأحرار”.

لعقود مضت، كانت الحاجة نجمة قوية وصلبة؛ حيث قضى ابنها 14 عامًا في سجون الاحتلال، لم يبق خلالها سجن ولا حاجز ولا إهانة إلا وتعرضت لها على أعتاب السجون، وهي التي جاوزت عقدها السابع، إلا أنها كانت مثالاً يستشهد به للأم الفلسطينية المعهودة.

ويعرف عن الحاجة نجمة مشاركتها الفاعلة في فعاليات مناصرة الأسرى خلال فترة اعتقال ابنها، وحتى حين كان عدد المشاركين في بعض فعاليات مناصرة الأسرى لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة كانت تثابر للمشاركة وهي تحمل صورة ابنها الأسير الذي غدا شهيدًا.

عتاب لمن تأخر“ليس هذا الخبر الذي توقعت أن تأتوني به”.. كانت العبارة الأولى للحاجة نجمة لدى إبلاغها من قبل طاقم نادي الأسير باستشهاد نجلها يوم أن صادر الاحتلال حقه في الحياة عبر سياسة الإهمال الطبي التي يتعرض لها الأسرى.. عبارة قالتها لمن توقعت أن يكون خبرهم هو أن ابنك سيتم الإفراج عنه في إطار تسوية أو صفقة تبادل!.

لم يحتمل الحاضرون حينها المشهد، ولم تكن كلماتها عادية، بعد 14 عامًا من ألفتها مع الحركة الأسيرة وفعاليات التضامن؛ حيث كانت رسالة لقيادة السلطة والفصائل بأنكم تأخرتم كثيرًا، وأن من هو بموقع المسئولية كان يفترض أن يزف إليها خبر تمكنه من تحرير ابنها.

يذكر أن الأسير باسر الحمدوني استشهد جراء سياسة الإهمال الطبي فجر الأحد (26-9-2016) عقب إصابته بجلطة دماغية، وكان محكومًا بالسحن المؤبد، ويعاني مشاكل في القلب جراء ضربه من جنود الاحتلال داخل السجن، فيما لم يُقدّم له العلاج المناسب.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات