إنه الربيع الفلسطيني

مرة أخرى يتبين خطر حسابات الصهاينة وبؤس رهاناتهم على خيارات القوة في تعاطيهم مع الشعب الفلسطيني ومقاومته. فقد تبين فشل إستراتيجية «العصا والجزرة» التي بلورها وزير الحرب الصهيوني أفيغدور ليبرمان.
فقد سعت هذه الإستراتيجية إلى دق إسفين بين المجتمع الفلسطيني ومقاومته من خلال الإعلان عن جملة من «المغريات» الاقتصادية لمناطق الضفة الغربية التي لا ينطلق منها مقاومون ينفذون عمليات ضد الأهداف الصهيونية، في مقابلة قائمة من العقوبات الجماعية ضد المناطق الأخرى.
وتبين أن الشعب الفلسطيني يرفض ابتداء فكرة التعايش مع الاحتلال، ومستعد لدفع الثمن المطلوب من أجل إقناع الصهاينة بذلك. فهناك في “تل أبيب” من يخشى أن يمثل تطبيق هذه الإستراتيجية محفزا إضافيا لمبادرة المزيد من الشباب الفلسطيني لتنفيذ مثل هذه العمليات، كما دلل على ذلك انفجار الموجة الأخيرة.
أفرز انفجار عمليات المقاومة الفردية في أرجاء الضفة الغربية والقدس المحتلة، تحديات أمنية وسياسية وميدانية للمستوى السياسي الحاكم والمؤسسة الأمنية في “تل أبيب”، حيث أحرج هذا التطور رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو وكبار وزرائه، بعد أن سبق لهم الإعلان، بشكل تظاهري، عن انتصار “تل أبيب” على موجة من العمليات الفردية التي تفجرت في أكتوبر من العام الماضي.
وتبين، وبخلاف ما ادعى نتنياهو، أن الإجراءات الأمنية والعقوبات الجماعية التي نفذها الكيان الصهيوني بشكل منهجي ضد الفلسطينيين لم تنجح في ردع الفلسطينيين عن استئناف تنفيذ هذه العمليات بعد فترة توقف استمرت عدة أسابيع.
وقد أجبرت الموجة الجديدة من عمليات المقاومة عددا كبيرا من النخب الصهيونية على الدعوة لإعادة تقييم السلوك الصهيوني تجاه الشعب الفلسطيني.
فحسب نير حسون، معلق الشؤون الفلسطينية في صحيفة «هآرتس» فإن عمليات الطعن التي تفجرت فجأة في أرجاء الضفة الغربية والقدس المحتلة هي نتاج «سياسة العقوبات الجماعية التي تفرضها الحكومة الصهيونية على الفلسطينيين».
ولفت حسون الأنظار إلى أن اتساع دائرة العمليات في القدس تحديدا يعد «ردا مباشرا» على القرارات التي اتخذها رئيس بلدية الاحتلال في المدينة نير بركات، والتي أهانت الفلسطينيين وقلصت هامش المناورة أمامهم.
ولم يفت حسون الإشارة إلى أن بركات «يتصرف كما لو كان الفلسطينيين في القدس مجرد أطفال يريد أن يعلمهم آداب السلوك»، وهو ما دفع الفلسطينيين لتعليمه الدرس المطلوب.
وحسب يوسي ميلمان، المعلق في صحيفة «معاريف»، فإن تفجر موجة العمليات يدلل على أنه لا يمكن «إجبار الفلسطينيين على التعايش مع الاحتلال وقبوله، محذرا من أن تواصل الواقع الحالي يمكن أن يستعدي عربا من خارج الأراضي الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني.
وفي مقال نشرته صحيفة «معاريف»، اعتبر ميلمان أن الهدوء الذي شهدته الضفة الغربية خلال الأسابيع الماضية «ولد وهما لدى دوائر صنع القرار في تل أبيب بأن الفلسطينيين يمكن أن يقبلوا أن يواصل المستوطنون التصرف كما لو كانوا سادة الأرض في الضفة الغربية».
وحسب ميلمان، فإن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تخشى أن تكون “إسرائيل” على موعد مع «الأسوأ» في المستقبل. وقد كان من اللافت الدلالات التي استخلصها ميلمان في إقدام الشاب الأردني سعيد عمرو، الذي استشهد الجمعة قبل الماضي لدى محاولته تنفيذ محاولة طعن في القدس المحتلة، حيث اعتبر أن هذا الحدث يحمل دلالات خطيرة.
فقد أشار ميلمان إلى أن هذا قد جاء بعد عدة أسابيع على تنفيذ شاب أردني آخر عملية طعن أخرى في منطقة «غور الأردن». ويحذر ميلمان من أن تواصل الجمود السياسي إلى جانب الاستيطان قد يشجع المزيد من الأردنيين على اقتفاء أثر عمرو، مما قد يهدد نسق العلاقة القائم حاليا بين الكيان الصهيوني والأردن.
وتبين بالنسبة لكثيرين في “إسرائيل” أن تفجر عمليات المقاومة الفردية يدلل على عدم واقعية الانشغال الصهيوني بمواجهة مواقع التواصل الاجتماعي وتعليق رهانات مبالغ فيها على الخطوات التي قامت بها حكومة نتنياهو مؤخرا، سيما نجاحها في إقناع موقعي «فيسبوك» و»يوتيوب» بحذف عشرات الصفحات والحسابات الفلسطينية.
وخلال مؤتمر نظم في “تل أبيب” أواخر الأسبوع الماضي حول دور مواقع التواصل الاجتماعي في التحريض على العمليات، قال معلق الشؤون الفلسطينية آفي سيخاروف إن التركيز على دور مواقع التواصل الاجتماعي في التحريض على «العنف مبالغ فيه»، مشيرا إلى أن الفلسطينيين سيواصلون تنفيذ العمليات بغض النظر عن وجود مواقع التواصل الاجتماعي.
قصارى القول، أنه تبين بشكل لا يقبل التأويل أن الرهانات الصهيونية على خيار القوة لم تؤت ثمارها. وفي الوقت ذاته، فإن انفجار هذه الموجة من العمليات يدلل على بؤس التحركات التي تقوم بها بعض الأطراف العربية الإقليمية والتي هدفت بشكل واضح وصريح إلى فرض قيادات على الشعب الفلسطيني تكون أكثر استعدادا للتفريط بالحقوق الوطنية الفلسطينية.
إنه الربيع الفلسطيني الذي سيشكل بداية واعدة لإعادة ترتيب الأولويات بما يتفق مع الوجهة الصحيحة للبوصلة الوطنية والقومية بعكس ما ترغب به “تل أبيب” والعاملون لحسابها.
المصدر: السبيل الأردنية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

استشهاد مقاوم باستهداف الاحتلال في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاوم بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين كاكوب...

حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع...

صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريون
المركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى...

27 شهيدًا و85 إصابة بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وصول 27 شهيدًا، و85 إصابة إلى مستشفيات قطاع غزة، خلال الـ 24 ساعة الماضية؛ جراء العدوان...

عشرات الآلاف يؤدون صلاة الجمعة في الأقصى
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام أدى عشرات آلاف الفلسطينيين صلاة الجمعة، في المسجد الأقصى المبارك وباحاته، وسط تشديدات وإجراءات مكثفة فرضتها...

الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم لليوم الـ103
طولكرم – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على مدينة طولكرم ومخيميها لليوم الـ103 على التوالي، ولليوم الـ90 على مخيم...

1000 شهيد و6989 مصابًا في الضفة منذ 7 أكتوبر
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام وثق مركز معلومات فلسطين "معطي" استشهاد 1000 فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر...