الثلاثاء 02/يوليو/2024

أقمار التجسس الإسرائيلية .. غياب البديل العربي

هشام منور

مع الادعاء الإسرائيلي المتواصل بكون كيان الاحتلال واقعًا تحت تهديد “جيرانه” من العرب، وأنه يحتاج دومًا إلى حماية نفسه من أية هجمات محتملة، والحفاظ على تفوقه العسكري والتقني عليهم؛ تظل ممارساته تشير إلى عكس ما يعلن.

حاجة الكيان إلى التفوق تدفعه دومًا إلى اختلاق الأعذار، وتبرير ممارساته التجسسية والاستخبارية في المنطقة، مسخرًا في سبيل ذلك ملايين الدولارات التي تستثمرها واشنطن في تعزيز منظومتها الأمنية في الوقت نفسه.

تقارير إسرائيلية عدة كشفت أخيرًا حالة من القلق العميق، تساور وزارة الأمن الإسرائيلية لعدم انتظام القمر الصناعي لأغراض التجسس (أوفيك 11)، الذي أطلق من قاعدة (بلماحيم) الإسرائيلية، ونقلت القناة الثانية عن مسؤولين في وزارة الأمن قولهم: “إنّ بعض المنظومات والأجهزة على متن القمر (أوفيك 11) لا تعمل كما يجب”.

يمتلك كيان الاحتلال إلى غاية الآن 10 أقمار صناعية لأغراض التجسس، لكن ذلك لم يمنع وزارة الأمن الإسرائيلية من إطلاق القمر (أوفيك 11)، وهو “أكثر أقمار التجسس الإسرائيلية تطورًا”، لكنّ أوجه خلل في بعض منظومات القمر بدأت تظهر بعد ساعات من إطلاقه، فأعلنت الوزارة أنّ مهندسي مديرية الفضاء الإسرائيلية يواصلون سلسلة من الفحوصات على القمر، كان خطط لها من قبل.

يستعين كيان الاحتلال بالأقمار العشرة التي لديه (بينها مجموعة من أقمار (أوفيك) وبعضها أقمار تجارية) لجمع المعلومات الاستخبارية، والتقاط الصور لمصلحة جيش الاحتلال الإسرائيلي، والأذرع الاستخبارية الأخرى، وبحسب ما ذكرت وزارة الأمن الإسرائيلية إنّ هذه الأقمار تقوم بنحو 800 دورة تصوير سنويًّا، وتصور 64 ألف دقيقة.

كيان الاحتلال أطلق القمر الصناعي (أوفيك 10) قبل عامين، ومنيت الصناعات الجوية الإسرائيلية قبل أسبوعين بضربة قوية، عندما أدى انفجار صاروخ (فالكون 9) في القاعدة الأميركية (كيب كرنفال) بفلوريدا إلى تدمير قمر الاتصالات الإسرائيلي (عاموس 6) الذي كلّف تطويره 200 مليون دولار، وأثار تدمير القمر (عاموس 6) جدلًا في كيان الاحتلال بشأن غياب سياسة فضاء رسمية، وعدم وجود خطة خماسية في هذا المجال، بحسب ما أكد المدير العام للصناعات الجوية الإسرائيلية يوسي فايس.

الاحتفاء الإسرائيلي بإطلاق الصاروخ (أوفيك 11) يأتي إذًا بعد أن تلقت الصناعات الجوية الإسرائيلية ضربة قاسية، عندما دمر انفجار صاروخ من طراز (فالكون 9) في قاعدة أميركية بفلوريدا القمر الصناعي للاتصالات (عاموس 6) قبل يوم من إطلاقه.

وأعلن الاحتلال في حينه أن القمر الصناعي (عاموس 6) كلف الصناعات الجوية نحو 200 مليون دولار، وأعلنت الصناعات الجوية أنها تملك بوليصة تأمين تضمن لها استرداد المبلغ كاملًا.

اللافت في الموضوع أن القمر (عاموس 6) كان من المفترض أن يقدم لمصلحة شركة (فيس بوك) خدمات (إنترنت) لدول في أفريقيا وسوريا والعراق، وربط عشرات ملايين السكان بخدمات (إنترنت) لشركة (فيس بوك)، ما يعني أن علاقة حميمة بين كيان الاحتلال والشركة العملاقة (فيس بوك) قد توطدت، ووصلت إلى درجة الشراكة العملية، بعد أن كان كيان الاحتلال يحارب هذه الشركة، ويزعم أنها تدعم الإرهاب ومعاداة السامية بتسهيل العديد من المنشورات والحملات التي يقوم عليها نشطاء الانتفاضة الفلسطينية، ولاسيما خلال العمليات التي كانت تستهدف المستوطنين في القدس والخليل.

وكشف تدمير القمر (عاموس 6) مدى ارتباط مشروع الفضاء الإسرائيلي بالولايات المتحدة والبنى التحتية اللازمة المتوافرة هناك، في ظل غياب ما عده محللون عسكريون في كيان الاحتلال غيابًا وانعدامًا لسياسة إسرائيلية واضحة لأبحاث الفضاء.

في المقابل، إن إطلاق القمر الصناعي (أوفيك 11) خطوة نحو تعزيز قدرات الاحتلال الاستخبارية وقدرات التجسس على مناطق واسعة، خاصة في الوطن العربي وإيران. ويتماشى ذلك والسعي الإسرائيلي -بحسب الإستراتيجية الجديدة للجيش الإسرائيلي- إلى تعزيز سلاح (السايبر) والاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.
ويساهم القمر الجديد في حال تفعيله في تعزيز الدور الإسرائيلي، وعلاقات كيان الاحتلال مع وكالات الاستخبارات الغربية في مراقبة ما يحدث بإيران، خاصة البحث عن “منشآت سرية” للمشروع النووي الإيراني.

سياسة التجسس، وعدم الاكتفاء بالعامل البشري في تلقف المعلومات، والاعتماد على منظومة (السايبر) والمنظومات الاستخبارية التكنولوجية والتطبيقات الحديثة، ولاسيما (فيس بوك)؛ تثير اهتمام كيان الاحتلال، وفي الوقت عينه توضح مدى خطورة التراخي في مراقبة هذه المنظومات التي باتت تخترق كل مجالات الحياة في عالمنا العربي؛ فالتجنيد والمراقبة عبر (فيس بوك) بعد أن أضحى شريكًا للاحتلال في عدد من مشاريعه الرقمية يؤكدان أهمية متابعة هذا الشأن، وعدم إهماله مستقبلًا.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات