الأحد 01/سبتمبر/2024

نكبة 48.. ما الذي تخشاه إسرائيل من فتح الأرشيف؟

نكبة 48.. ما الذي تخشاه إسرائيل من فتح الأرشيف؟

تاريخ مزور هو ما ساقه الكيان الصهيوني في المحافل الدولية لتبرير جرائمه بحق الشعب الفلسطيني منذ احتلال فلسطين عام 1948؛ ويرفض للآن الكشف عن حقيقة ما جرى في تلك الأيام، لكن بالنسبة للفلسطيني فتفاصيل تلك المجازر نقشت على صفحات تاريخه بالدم والأشلاء.

قسم الترجمة في “المركز الفلسطيني للإعلام” سلط الضوء على مقال نشرته صحيفة هآرتس العبرية تحت عنوان “الرواية التاريخية” للكاتب براك ربيد، الذي تحدث فيه عن استمرار منع الاحتلال السماح بكشف المعلومات التي تتضمنها السجلات المركزية في الأرشيف، والتي تحتوي حقائق كثيرة عما جرى في العام 48.

رواية مزورة
ويشير الكاتب في مقاله إلى أنه من المتوقع لحكومة الاحتلال أن تمدد الحصانة على أحد الملفات المركزية في أرشيف الجيش الذي يعنى بنشوء مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في 1948 والتي يسميها الفلسطينيون النكبة.

وأشار موظفون كبار في القدس إلى أنه في نقاش اللجنة الوزارية لشؤون المادة الأرشيفية، برئاسة وزيرة العدل آييلت شكيد، عرض مندوبو وزارة الخارجية ووزارة الدفاع فتوى قاطعة ضد فتح الملف لعناية الجمهور، خوفا من المس بأمن الدولة وبعلاقاتها الخارجية، وتناولت فتوى وزارة الخارجية ضمن أمور أخرى مكانة “إسرائيل” الدولية وتأثير النشر على المفاوضات المستقبلية مع الفلسطينيين أو على قرارات مؤسسات الأمم المتحدة المتعلقة بمسألة اللاجئين.

وذكر الكاتب أن النقاش جاء في أعقاب توجه من جمعية حقوق المواطن إلى أرشيف الجيش بطلب تحرير الملف للجمهور، الملف موضع الحديث والذي يعود إلى دائرة التاريخ في الجيش ورقمه 1975/ 922- 681 يتضمن بحثا استدعاه رئيس الوزراء “دافيد بن غوريون” في بداية الستينيات بهدف الإثبات بأن قرابة مليون فلسطيني كانوا يعيشون في المدن والقرى في “أراضي إسرائيل” عام 1948 فروا طوعا في زمن حرب الاستقلال ولم يطردهم الجيش، كما تم الادعاء وقتها.

قلب الحقائق
وبحسب الكاتب فإن صحيفة هآرتس كشفت النقاب عن وجود هذا البحث قبل ثلاث سنوات من خلال المؤرخ د. شاي حزكاني، الذي يشير إلى أن البحث كتب على يد مستشرقين “إسرائيليين” بناء على طلب بن غوريون، و سعو من خلاله إلى تعطيل الضغط الأمريكي لإعادة اللاجئين، وأمل بن غوريون بأنه اذا اقتنعت الأسرة الدولية بمغادرة الفلسطينيين بإرادتهم، ولم يطردوا بالقوة من قراهم كما هو الادعاء، سيقل الضغط على “إسرائيل” لإعادتهم.

ومن المراسلات الحكومية في تلك الفترة تبين أنه قيل للكتاب مسبقا ما يتعين عليهم أن يثبتوه في أن العرب فروا بتشجيع من زعمائهم وبمساعدة الجيوش العربية، بينما حاول اليهود منع ذلك.

ووفقا لما ورد بهآرتس فإن “موظف إسرائيلي كبير قال في حديثه حول ملف النكبة، إنه عندما يحل السلام سيكون ممكنا فتح هذه المواد للجمهور”.

وأشار الكاتب أن بن غوريون أوعز لكتابة بحثين على الأقل في موضوع اللاجئين؛ البحث الأول كتبه المستشرق “روني غباي”، في إطار هيئة كانت تسمى في الستينيات “معهد شيلوح” وتحول على مدى الزمن ليصبح مركز “دايان” في جامعة “تل أبيب”، واستند البحث إلى وثائق في الأرشيف الإسرائيلي، بما فيها أرشيف جهاز الشاباك، أما البحث الثاني فكتبه موشيه موعز الذي كان في حينه يعمل لدى مستشار رئيس الوزراء للشؤون العربية وهو اليوم بروفيسور كبير في دراسات الشرق الأوسط في الجامعة العبرية، وكان بحث موعز يستند جزئيا إلى بحث غباي.

ملف سري
وأضاف الكاتب أنه في العام 2013 توجه د. حزكاني، الذي يعمل اليوم محاضرا كبيرا في مركز “مايرهوف للدراسات اليهودية” في جامعة ميريلاند، من خلال “يود آفنر بنتشوك” من جمعية حقوق المواطن، إلى أرشيف الجيش “الإسرائيلي” بطلب لتحرير الملف كله للجمهور، إلا أنه في تشرين الثاني 2013 أعلن أرشيف الجيش أنه “لا يمكن وضع الملف للجمهور، وهو سيبقى سريا”،  فتوجه حزكاني وبنتشوك إلى مسؤول أرشيف الدولة يعقوب لزوبيك الذي يتولى الصلاحية العليا في الموضوع، وادعيا بأنه لما كانت الوثائق في الملف كتبت في موعد متأخر من العام 1964، فقد انقضت فترة التقييد لها، وهي في أقصى الأحوال 50 سنة.

وتابع الكاتب في تموز 2014 أبلغ مسؤول أرشيف الدولة حزكاني وبنتشوك أنه بعد التشاور في الموضوع مع أرشيف الجيش الذي يعارض فتح الملف للجمهور، قرر طلب انعقاد اللجنة الوزارية لشؤون الأرشيف كي تتخذ القرار، وتنعقد هذه اللجنة لشؤون الأرشيف في أوقات متباعدة فقط كي تحسم في مسائل حساسة، وكانت المرة الأخيرة التي اجتمعت فيها اللجنة في العام 2008 حين صوتت على استمرار الحصانة على الملفات المتعلقة بمذبحة دير ياسين، وحسب قانون الأرشيف؛ إذا كان مسؤول أرشيف الدولة يريد تمديد الحصانة على مادة يفترض أن تفتح للجمهور، فإن عليه الحصول على إذن لجنة خاصة تتشكل من ثلاثة وزراء مسؤولة عن شؤون الأرشيف.

ملفات محصنة
وأوضح الكاتب أنه تقرر انعقاد اللجنة في عدة مواعيد، ولكن البحث فيها تأجل في كل مرة، مرة بسبب حل الحكومة وانتخابات 2015، ومرات أخرى لأسباب الجداول الزمنية، وقبل نحو أسبوع في 11 أيلول انعقدت اللجنة أخيرا للبحث في طلب فتح ملف النكبة، وتضم اللجنة في عضويتها إلى جانب وزيرة العدل وزيرة الثقافة ميري ريغف التي عملت في الماضي كمراقبة عسكرية رئيسة وناطقة بلسان الجيش، ووزير الطاقة يوفال شتاينتس الذي كان في الماضي رئيس لجنة الخارجية والأمن ووزير شؤون الاستخبارات.

وختم المقال بتعليق د. حزكاني لـ “هآرتس” إنه يوجد في أرشيف “إسرائيل” عدد غير قليل من الملفات والوثائق المتعلقة بالعام 1948 لم تفتح بعد للجمهور، وأيضا عدد غير قليل من الملفات التي كانت مفتوحة في الماضي ولكن أغلقت، وشدد قائلا إنه “بتشجيع من القيادة السياسية يمدد أرشيف الدولة وأرشيف الجيش بناء على رأيهما فترات الحصانة على الملفات ويمنعا الباحثين من رواية حكاية 1948 بكاملها”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات