الإثنين 21/أكتوبر/2024

بسيمة كعبي.. حكاية المعاناة المركبة

بسيمة كعبي.. حكاية المعاناة المركبة

بين أزقة مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين، شرق مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، بدأت ترتسم معالم حكاية بسيمة الكعبي “أم غسان” (80 عاماً)، التي فارقت الحياة تاركة قصصًا تمتزج فيها المعاناة المركبة ما بين تهجير وإبعاد واعتقال الاحتلال لأبنائها.

سويعات قليلة بعد إعلان وفاة (أم غسان)، حتى تحولت حكايتها إلى مادة للحديث بين المسنين من عائلتها والشبان في بيت العزاء، لتجسد رحلة عاشتها بدءا من النكبة، كما يتحدث نجلها الكبير غسان.

ويأمل غسان، في حديثه لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”، أن يلتم شمل العائلة، بإطلاق سراح أخيه هشام المحكوم بالسجن المؤبد أربع مرات، وعودة أخيه الثاني علام المبعد إلى قطاع غزة بعد إطلاق سراحه في صفقة وفاء الأحرار.

رحلة التهجير
محطة الألم الأولى التي عايشت فصولها أم غسان كانت الهجرة في العام 1948 من مسقط رأسها عرب الكعابنة (منطقة نهر العوجا)، في نواحي مدينة يافا، لتحط رحال أسرتها وسط مخيم بلاطة لتعيش في حارة جمعت أبناء عائلتها المهجرة “حارة الكعابنة”.

يقول نجلها غسان إن رحلة الوالدة في السنوات الأولى للنكبة كانت في غاية الصعوبة؛ فهي التي ولدت وترعرعت في أسرة يبلغ عدد أفرادها 12 فردًا، اضطرت للعيش داخل خيمه وألواح من الصفيح بعد أن هجرت من أرضها وبيتها.

لم تكن محنة التهجير وحدها ما ترك أثرا على “أم غسان”؛ بل عاجلها الحزن على فراق شقيقتها “سهيلة”، التي استشهدت مطلع انتفاضة الحجارة في العام 1987، وإصابة ابنتها بالرصاص في الصدر.

رحلة السجون
رحلة التهجير عن الأرض والبيت غرست حب الوطن في نفوس أبناء أم غسان، لتبدأ معها رحلة معاناة أخرى في التنقل بين السجون لزيارة أبنائها، حتى وصل بها الحال في إحدى المرات أن تزور 4 من أبنائها خلف القضبان.

عادل كعبي، ابن شقيقتها، تحدث لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”، عن رحلة أم غسان بين السجون لتشد من عضد أبنائها، يقول: “خالتي عاشت 27 عاماً، وهي تزور أنجالها من سجن لآخر، وتكاد تكون معروفة لكل أهالي الأسرى”.

ويضيف: اعتقل أنجالها غسان وعلام وهشام ومروان وحسام، وأصيب عدنان، وما يزال نجلها هشام أسيرا معتقلا منذ العام 2004، ولم يتوقف ألم الأسر على أنجالها؛ بل طال أحفادها البالغ عددهم 30 حفيدا، فقد اعتقل أكثر من خمسة منهم، وما يزال حفيدها جواد معتقلا منذ العام 2006.

رحلة الإبعاد
محطة ألم أخرى كابدتها أم غسان وهي الإبعاد، حيث كان نصيب نجلها علام الإبعاد ضمن صفقة وفاء الأحرار، التي فرضتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس على الاحتلال في العام 2011، ليكون مقصدها الالتقاء به، وهذا ما تمّ حيث عاشت معه سنة كاملة، قبل أن تعود للمخيم لتكون آخر نظراتها للحياة فيه.

كان علام أول أنجالها تعرضا للأسر منذ العام 1990، وكان وقتها شبلا صغيرا، ثم توالت اعتقالاته، حتى كان الاعتقال بالحكم 11 مؤبدا و15 عاما، لتأتي صفقة وفاء الأحرار لتكسر قيده ويستنشق نسيم الحرية.
 
عانت أم غسان كثيرا من رحلات الزيارة، وكانت آخر زيارة لنجلها هشام قبل عام، حيث أضحت لا تقدر على السفر، ما زاد من ألمها؛ كونها الوحيدة التي يسمح لها بالزيارة والحصول على تصريح.

لم تترك أم غسان اعتصاما للأسرى إلا وشاركت فيه، حتى في فترة مرضها مستعينة بابنتها، وتحولت صورها وهي ترفع صور أنجالها الأسرى بوسترات للمؤسسات الحقوقية، واليوم ترحل تاركة حكاية مركبة من المعاناة. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات