الإثنين 05/أغسطس/2024

انتخابات بلغة أخرى!

هيثم هشام غراب

لا يمكن لفلسطيني وطني أن يقبل إهانة جزء من شعبه فقط لكونه يتلقى راتباً من السلطة الفلسطينية، التي تتحكم بمالها وقرارها حركة فتح بشكل مطلق رغم خسارتها في الانتخابات الأخيرة التي جرت عام 2006 وأفرزت فوزاً كبيرا لحركة حماس.

المشهد الاستفزازي الذي تداوله النشطاء بشكل واسع والذي يظهر خلاله عدد من موظفي السلطة في قطاع غزة الذين يتقاضون رواتبهم من السلطة في رام الله وهم يستمعون لكلمة أحد قادة حركة فتح، والذي يصر على ضرورة أن ينتخب كل الموظفين حركة فتح بـ”الكندرة”، لم يسئ فيه للجالسين فقط بل أساء لسمعة وكرامة هؤلاء الموظفين وعائلاتهم وزملائهم الموظفين غير الحاضرين لهذه الجلسة.

فما معنى أن يجبر الناس إجباراً بقوة “المعطي المانع” على انتخاب مرشحي حركة فتح، وما معنى أن تستخدم ألفاظ بهذا الانحطاط قبالة موظفين الأصل أنهم يعملون في خدمة شعبهم، وكيف لنا أن نثق بنزاهة الانتخابات وصوابية تمثيلها في حين يتم إرهاب الناس بهذه الصورة.

والتساؤل الأكبر هو إذا كان هذا الإرهاب موجوداً داخل حركة فتح، داخل التنظيم الواحد، فماذا عن تعامل الحركة وقياداتها مع بقية الشعب ومع المخالفين سياسياً وانتخابياً؟!

 التصور المنطقي يقول إن المشهد مخيف، وإن احترام الآخر ورغباته واختياراته غير موجود إطلاقاً، وهو ما يعزز فرضية تكرار سيناريو عدم احترام نتائج الانتخابات المقبلة كما حدث عام 2006.

وبالانتقال لمحور آخر يتعلق بمال السلطة ومنظمة التحرير الذي باتت تتحكم به قيادة حركة فتح متمثلة برئيسها محمود عباس، فتعطي من تشاء وتمنع عمن تشاء، وليس آخر ذلك ما تم بحق الجبهتين الشعبية والديمقراطية بعد قضية اغتيال عمر النايف، ومطالبات الجبهة الشعبية بتحقيقات لمعرفة الجناة؛ خاصة أن الشهيد قتل داخل السفارة الفلسطينية في بلغاريا.

المال الذي يستخدمه محمود عباس كما بات معروفاً لشراء الولاءات وطمس الحقائق وإسكات الناس، ما الذي جعله يصل بهذه الدرجة من التحكم والاستعباد لهذه المكونات الحزبية التي هي جزء من التشكيلة الوطنية.
إن ذلك يعطي مؤشرا جديداً على حالة التفرد بالقرار الوطني الفلسطيني، والتحكم بالولاءات عن طريق المال والراتب، ويؤكد أننا أمام منظومة لا تقبل بحال من الأحوال أن تتداول السلطة مع أحد أو تقبل بالشراكة بشكل مطلق.

والناظر اليوم إلى حالة الضفة الغربية المحتلة التي تقع تحت ولاية وسيطرة حركة فتح وأجهزتها الأمنية، يرى بأم عينه يرى حالة الملاحقة والتهديد التي يعيشها مرشحو القوائم المنافسة لحركة فتح، ما استدعى انسحاب عدد منهم وتركهم للمشهد الانتخابي دون أي منافسة في وقت تسعى حركة حماس لإيجاد واقع تشاركي وتنافسي يؤسس لمرحلة من الشراكة والعمل السياسي والاجتماعي المحترم.

والحقيقة أن التهديدات الأمنية المزدوجة من السلطة والاحتلال للمرشحين التابعين لحركة حماس أو حتى المناصرين لها والمتحالفين معها؛ هو سبب رئيسي وشبه وحيد للحالة الجارية في الضفة المحتلة.

وختاماً وللاختصار فإن فاقد الشيء لا يعطيه، فمن فقد الوئام داخل صفه وبيته الداخلي لا يمكن أن يعكسه في واقع مجتمعه وشعبه، ومن فقد القدرة على تقبّل الآخر والتفاهم معه رغم كل المحاولات وعلى كثرة القواسم المشتركة لا يمكن له أن يقبل بعملية انتخابية بعيدة عن لغة الإقصاء للخصم و”الكندرة” لأبنائه ومناصريه والمستفيدين من وجوده في السلطة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يسلّم جثامين 84 شهيدا سرقها من غزة

الاحتلال يسلّم جثامين 84 شهيدا سرقها من غزة

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام سلمت جيش الاحتلال الإسرائيلي العشرات من جثامين الشهداء كان قد اختطفهم من مقابر في قطاع غزة. وأعلنت اللجنة الدولية...