قوائم التزكية.. المطامع السياسية تحرم التوافق والكفاءات

مع إسدال الستار على فترة الترشح للانتخابات البلدية المتوقع عقدها في الثامن من تشرين أول المقبل، برزت مشكلة تغيرات في “مسميات القوائم التوافقية” في بعض المناطق خاصة مع وجود عدد كبير من المواقع في الضفة الغربية التي تمكن فيها الأهالي من تشكيل قائمة واحدة.
“قوائم التزكية” أو “القوائم التوافقية” مسميات لقوائم جاءت تعبيرا عن الرؤية الخدماتية التي يسعى من ترشح لترسيخها، إلا أن التعديل على مسميات القوائم في اللحظة الأخيرة أو تحت ضغط أو ظروف فرضت عليها لتسجل باسم فصيل معين، أو نسبها إلى هذا الفصيل، أثار الشكوك والمخاوف على سير العملية الانتخابية الفترة المقبلة، أو حتى سلب إرادة المواطن تحت “أطماع سياسية” من انتخابات يفترض أن تكون خدماتية بالدرجة الأولى.
وبحسب رصد أوليّ أجراه مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”؛ فإن أكثر من مائة وثمانين موقعاً لن تجرى فيها انتخابات بالضفة؛ بسبب قوائم وصفت في حينه بأنها “توافقية”، أو فرضت الظروف التي أحاطت تشكيل القوائم على وجود قائمة واحدة وتغييب الباقي إما تحت التهديد أو المضايقات.
ممارسات تمنع الديمقراطيةويتساءل المواطن أمجد شحرور في حديثه لمراسلنا: ما معنى وجود قائمة واحدة في موقع يقطنه نحو 30 ألف نسمة، وتكون القائمة لتنظيم واحد هو حركة فتح؟، فإن كان هناك إجماع وطني حقيقي في ذلك الموقع على قائمة واحدة فيفترض بها أن تعكس أطياف البلدة المختلفة وتعكس التنوع السياسي والاجتماعي، وكذلك لا يكون اسمها مرتبطا بتنظيم واحد.
وترى الناشطة الشبابية أماني حماد أن ذلك غير منطقي، وتساءلت: هل فعلا نصف الضفة الغربية لا يريد إجراء انتخابات بلدية ولا يوجد كفاءات ترغب بالترشح، أم أن هناك أجواء غير ديمقراطية وأمنية وممارسات خلف الكواليس تمنع الممارسة الديمقراطية بشكلها المعتاد والطبيعي؟!
وأضافت: الناس في المواقع التي تجرى فيها الانتخابات بالتزكية غير راضين عن ذلك، وهذا واضح وجلي، سيما وأن قوائم التزكية تفرز أشخاصا أقل كفاءة وفق تجارب المرحلة السابقة.
تعليمات فتحاوية
مصادر أشارت لمراسلنا إلى صدور تعليمات مشددة من مفوضية التعبئة والتنظيم ومسئولي ملف الانتخابات في حركة فتح خلال الفترة الماضية بحسم أكبر عدد من المواقع بالتزكية دون انتخابات، وعدّ التنظيم الذي يستطيع تشكيل كتلة واحدة بالتزكية بأنه تنظيم قوي في موقعه ومسيطر، ومن لم يستطع بأنه تنظيم غير مسيطر على الأمور.
ورأى كثيرون أن ذلك لا يعكس إيمانا بالعملية الديمقراطية، ويكفي للتدليل على أن هذه الظاهرة غير صحية وتتم تحت الترهيب؛ عدد المواقع التي تحسم بالتزكية، حيث إن هذا العدد الكبير ملفت ويدل على شيء غير طبيعي.
انعكاس للخوف
النائب في المجلس التشريعي إبراهيم دحبور يرى أن “للتزكية” عدة محاذير؛ أولها سلب حق الانتخاب من الناخب ومصادرة رأيه خوفاً من الإخفاق، بمعنى أن قوائم التزكية هي في النهاية شكل من أشكال التعيين.
وشدد لمراسلنا على أنها محاولة للالتفاف على جوهر العملية الانتخابية ومضمونها وغاياتها الثقافية، فالعملية الانتخابية ليست مجرد إجراء شكلي يبدأ بالتسجيل، ومن ثم الترشح فالتصويت فإعلان النتائج، وإنما لها غايات تتعلق بتفعيل إرادة الناخب وامتلاكه حق اختيار ممثليه في الهيئة ومنحهم القوة الجماهيرية، وليس الرسمية فقط.
كما أن التزكية، حسب دحبور، تعكس حالة عزوف عن الخدمة العامة من الجمهور، والبعد عن الانخراط في الحياة العامة، وهذه الدلالة تعبر عن حالة يأس وفقدان اليقين بإمكانية التغيير والقدرة على تقديم الأفضل.
وكذلك فإن التزكية تفتح المجال واسعاً للمحسوبية والفساد والتملق؛ لأن قوائم التزكية تتشكل في العادة من أنصار الحزب الحاكم، وهذا في الأغلب يقود المجتمع إلى نوع من الحراك السلبي في اتجاه التقرب من السلطة الحاكمة لضمان الاختيار، ويحول دون تقدم المخلص والنزيه لهذه المواقع، كما قال.
وشدد على أنها أحياناً ما تعبر قوائم التزكية عن جو من غياب الحريات وسيادة عقلية الهيمنة؛ لأنه كما نعلم أن كل مواطن يرغب في ممارسة حقه في التعبير عن إرادته ومنح صوته لمن يراه مناسباً في الأجواء التنافسية الطبيعية.
ظاهرة خطيرة
وكان الكاتب عدنان الصباح، قال في مقال سابق عن قوائم التزكية، إن التوافق أو قوائم التزكية “ظاهرة مرضية خطيرة تشير إلى وجود حالة من الخمول السياسي والاجتماعي لأي مجتمع؛ فمعنى ذلك أنه لا حراك ولا تنافس ولا رؤى مختلفة تسعى للوصول نحو الأفضل، وأتساءل: أي مجتمع هذا المتوافق بالمطلق إلا إذا كان قد وصل حالة متردية جداً بفكره ورؤاه!”.
وأكد أن “الحالة الطبيعية وجود تنافس أكبر واختلاف على قاعدة البحث عن الأفضل (..) التوافق يعني أن لا أحد لديه ما هو أفضل من غيره، ولا أحد يملك رؤى أكثر جدوى من الآخر”.
وشدد على “أن شعبنا وبلادنا بحاجة ماسة للتنافس للانتقال بحالنا إلى الأفضل، فكيف يكون ذلك إن اقتنع الجميع أن الأفضل ما نحن فيه؛ فلو كان التوافق هو الحالة الصحية لكانت كل شعوب العالم الحية قد لجأت إليه كوسيلة بديلة للتنافس!”.
وفي أعقاب تسجيل القوائم بشكل رسمي أمام لجنة الانتخابات، ظهر ما يعرف بـ”سرقة القوائم”، وهي قوائم تم التوافق على تشكيلها داخل العديد من البلدات والمواقع بالضفة بمشاركة شخصيات مختلفة تتمتع بالخبرة والكفاءة على أن تكون تحت مظلة قوائم مستقلة، إلا أنها سجّلت لدى لجنة الانتخابات فيما بعد بقوائم حركة فتح.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...

الأمم المتحدة تحذّر من استخدام المساعدات في غزة كـ”طُعم” لتهجير السكان
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت هيئات الأمم المتحدة من مخاطر استخدام المساعدات الإنسانية في قطاع غزة كوسيلة للضغط على السكان ودفعهم قسرًا للنزوح، مع...

الإعلامي الحكومي: الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين
المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع...

حماس تردّ على اتهامات السفير الأمريكي: أكاذيب مكررة لتبرير التجويع والتهجير
المركز الفلسطيني للإعلام رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات السفير الأمريكي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، التي اتهم فيها الحركة بالتحكّم...

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...

حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع...

صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريون
المركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى...