أحداث نابلس.. ضوء كاشف لسعي فتح إلى تأجيل الانتخابات

منذ اللحظة الأولى لتصاعد الأوضاع الأمنية في مدينة نابلس ومقتل اثنين من أفراد الأجهزة الأمنية وما تلاها من عملية عسكرية في البلدية القديمة لفرض القانون أدت إلى مقتل اثنين من المسلحين، بدأت الأصوات تتعالى بين قيادات في حركة فتح تطالب بتأجيل الانتخابات المحلية لذات السبب.

كثير من المتابعين والمحللين يرون أن “فتح” تريد أن تغتنم الفرصة وتعمد إلى تأجيل الانتخابات مستغلة تلك الأحداث ومتذرعة بها، وبالتالي الخروج من مأزق الخسارة الحتمية التي يمكن أن تُمنى بها.

التفاف على الاستحقاق الوطني
القيادي في حركة “حماس” شاكر عمارة يرفض فكرة تأجيل الانتخابات تحت ذريعة الأسباب الأمنية السائدة حاليًّا في مدينة نابلس قائلاً: “لا علاقة بما يجري في نابلس من حملة أمنية لفرض القانون وبين الانتخابات، علاوة على أن دعوات تأجيل الانتخابات قائمة أصلاً قبل الأحداث المؤسفة الأخيرة”.

وأردف عمارة خلال حديثه لـ“المركز الفلسطيني للإعلام“: “منذ أن أعلنت حماس نيتها المشاركة في الانتخابات المحلية بدأت الأصوات تتعالى بين المطالب بإجراء الانتخابات البلدية في موعدها، وبين إلغائها، وبين تأجيلها تحت ذريعة أن الأجواء غير مناسبة لإجراء الانتخابات البلدية”.

وتابع: “وبعد الأحداث المؤسفة التي وقعت في نابلس، وتزامنًا مع عدم استعداد بعض المناطق جاهزيتها والخلافات الداخلية عند فتح بشأن المرشحين الذين سيخوضون الانتخابات، وإثر تلك الخلافات وتداعياتها على نتيجة أي انتخابات قادمة، بدأت الدعوات تأخذ حيزًا أكبر من أي وقت مضى في محاولة للالتفاف عليها”.

وأضاف: “دعوات التأجيل هي لإحباط الشارع، ومن ثم إعطاء فتح فرصة لإيجاد مرشح يتمشى للمرحلة القادمة، وهذا بكل تأكيد سيؤثر على نفوس المواطنين وعزوف الناس عن المشاركة، وربما تكون لعبة هدفها التشويش والتضليل على المنافسين في المقابل”.

وختم عمارة: “الانتخابات استحقاق قانوني ووطني، وهناك قوى إقليمية أو دولية يريدون أن يكون هناك انتخابات، والقرار المركزي هو المضي قدمًا في إجراء الانتخابات، والرئيس أبو مازن الذي قال لا أحد يناقشني في موضوع تأجيل الانتخابات يجب أن يقطع الطريق على تلك الدعوات”.

انعكاس لتشرذم “فتح”
أما الكاتب والمحلل السياسي عامر سعد، فأكد لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن فتح وجدت أن ما يحدث في مدينة نابلس كالهدية الكبرى، والتي من شأنها أن تدفع باتجاه تأجيل الانتخابات، وتابع: “في مؤشرات أولية هي مبرر مفضوح لتأجيل انتخابات محسومة سلفًا في الحيز النابلسي، ولعل القيادي الفتحاوي سرحان دويكات لم يقل من فراغ إن الأحداث في نابلس مدعاة لتأجيل الانتخابات، رغم أننا نتحدث هنا عن فعل جنائي محدود وليس له أي مآلات سياسية على الإطلاق”.

وشدد سعد على أن هذا الفعل هو انعكاس حقيقي لما تعانيه “فتح” من تشرذم وتعدد مراكز القوى وتباينها، مضيفًا أن “ما حصل في نابلس هو حصاد مر للسلطة؛ فهي من سهلت وأوجدت البيئة الخصبة لفلتان عناصر فتح وتغولهم على المجتمع من حيث البلطجة والزعرنة”.

وتابع سعد: “إن سلوك “فتح” يندرج في سياق عدم قدرتها على لملمة أوراقها وتوحيد صفوفها، ما حدا بها للهجوم البهلواني غير المبرر على حركة حماس ومناداة قيادات فيها بضرورة تأجيل الانتخابات، وحدث نابلس كان لا بُدّ له أن يستغل رغم أنه حجة على فتح وسلطتها، وإنذار شديد الخطورة بضرورة الولوج لانتخابات محلية وتشريعية بغية تقويم الخلل والقضاء على الفساد”.

احتمالية التأجيل
“المركز الفلسطيني للإعلام” استطلع أيضًا رأي القيادي في الجبهة الشعبية زاهر الششتري الذي رأى هو الآخر أن فكرة الحديث عن تأجيل الانتخابات لم تعد مجرد كلام أو اقتراحات فردية من هناك أو هناك، بل هي رأي يطرح بقوة بين أوساط حركة فتح في ضوء ما يجري الآن في مدينة نابلس، وتزامنًا مع استمرار الأزمة في اختيار مرشحيها في الانتخابات المحلية في المدينة”.

ورأى أن الخلافات الداخلية عند فتح -والتي بدأت تخرج إلى العلن عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام- تدلل على “أن القادم لا يحمل سوى لغة التسويف والمماطلة بخصوص بلدية نابلس”.

وأضاف: “جميع مساعي تشكيل قوائم حزبية من فتح أو اليسار وقوائم كفاءات من حماس في مدينة نابلس لم تفلح حتى الآن في الخروج إلى العلن؛ نظرًا لمدى التعقيد الذي تتمتع به الظروف في المدينة، وهذا سبب آخر يمكن أن يجعل احتمالية تأجيل الانتخابات قائمة إذا ما تحدثنا عن حالة الإحباط التي يعيشها أهالي المدينة في ضوء مشاهد الدماء الأخيرة”.