السبت 28/سبتمبر/2024

جنة ليبرمان المزعومة

علي قباجة

لا يتوانى الكيان الصهيوني عن تقديم الإغراءات المختلفة للشعب الفلسطيني، بغية حرف بوصلته النضالية، وإغراقه في مناكفات تلهيه عن المطالبة بحقوقه المسلوبة؛ فـ«إسرائيل» قائمة على الخبث والمكر، ولم تفتر يوماً عن استخدام حيلها اللاأخلاقية، لتحقيق مآربها وأهدافها الممجوجة.

وزير حرب الكيان ليبرمان في تصريح له مؤخراً حاول شق الصف الفلسطيني عبر تقديم امتيازات للقرى والمدن التي لم تخرج منها أعمال مقاومة، كوعده ببناء مستشفيات ومرافق رياضية في الضفة.

تصريحه هذا يحمل الكثير من المكر، وفي اللحظة نفسها فإنه يعبر عن العجز الذي مُني به بعد فشله في مواجهة أطفال الحجارة والسكاكين، فهو الآن يستخدم حيلة الترغيب ظناً منه أنه بذلك يثني الشعب عن المطالبة بحقوقه أو تحييد أجزاء منها.

ليبرمان لم يتوقف عند هذا التصريح؛ فقد أكد عزمه السعي لإنشاء قيادة فلسطينية مستقلة عن قيادات الشعب الحالية تتبع دولة الكيان، بهدف تحقيق السلام «المنشود»، ولكن على الطريقة الصهيونية، القائمة على تحقيق رغبات اليمين المتطرف الساعي لضم معظم الأرض، والتكرم على الفلسطينيين ببعض الفتات.

هذا الطرح ليس مجرد خطة مستقبلية للالتفاف على الشعب الفلسطيني لفرض قيادة مُسيّرة «إسرائيلياً» عليه؛ بل هذا الأمر ينفذه الاحتلال على الواقع منذ تأسيس كيانه، فأحد مرشحي الرئاسة الفلسطينية سابقاً، أكد أن الكيان عرض عليه التعامل أثناء فترة اعتقاله، وقدم له الكثير من المغريات المادية والامتيازات القيادية، ومن ضمن ما عرض عليه ضمه إلى الوفد الفلسطيني المفاوض، أو تسليمه وزارة فلسطينية، ولكنه رفض.

شهادة هذه الشخصية تدلل أن الكيان يسعى جاهداً لاختراق الفلسطينيين على شتى الصعد، ولم يسلم حتى أعلى الهرم من هذه المحاولات، كما أن هذه الشهادة لابد من أخذها بعين الاعتبار، وتشكيل لجان مستقلة تهدف إلى التحقيق والكشف عن أي عناصر غريبة داخل مؤسسات صنع القرار، إذ كيف للاحتلال أن يعرض لضم عملاء له في أعلى المستويات دون أن يكون هناك من يقدم له يد العون!

القيادة الفلسطينية مطالبة الآن بحصر أولوياتها، وتنظيف بيتها، والتركيز على قضايا الشعب الملحة، وعدم هدر الطاقات في مناكفات تضعف الوشائج، وتضعضع الصفوف. الكيان «يمينه ويساره» قد توحدا في عدائهما للفلسطينيين، فلا بد أن يُقابل بالتكاتف، وببرنامج مقاوم موحد لإفشال مؤامراته، وتنكيس قراراته.

ما كان ليبرمان ليتدخل في أدق خصوصيات الشعب لو رأى قوة تردعه وتثنيه عن تفاهاته، فالكيان لا يفهم إلا لغة القوة، ولامتلاك القوة يجب على الفلسطينيين الاستيعاب بشكل كامل أنهم تحت الاحتلال، وعليهم أن يقدموا المزيد من التضحيات. فالسماء لا تمطر نصراً، وإنما سواعد الأبطال هي التي تصنع المستحيل لصيانة الأرض والعرض.

المصدر: صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات