السبت 10/مايو/2025

فرج الجربة.. والد الشهداء وصديق الفقراء

فرج الجربة.. والد الشهداء وصديق الفقراء

عندما ذهبت لمقابلته كان في طقوسه الصباحية جالساً على باب عيادته ينتظر فنجان القهوة بعد وصول بعض الجيران ممن ألف مجالستهم كل يوم لتجاذب أطراف الحديث.. إنه الدكتور فرج الجربة (67 عامًا) من مخيم البريج وسط القطاع.
 
يتمتع د.الجربة باحترام واسع فهو أب لثلاثة شهداء وطبيب متقاعد يعالج المرضى بثمن رمزي إيماناً منه أن الطبيب إنسان قبل أن يكون صاحب مهنة.
 
تخرج الجربة من جامعة المنصورة وعمل في مستشفيات غزة والمملكة العربية السعودية، ثم في مراكز الرعاية الأولية بغزة مرة أخرى حتى تقاعد سنة 2009 ومن يومها وهو يعالج الأطفال والمرضى بأجر رمزي.
 
مهنة إنسانية

يعود الجربة بجسده إلى الوراء قبل الحديث عن خصوصية الطبيب الفلسطيني صاحب الهم والقضية، مؤكداً أنها مهنة إنسانية لكن كثير من الأطباء يطمعون بالمال.

يعالج المرضى القادمين لعيادته بأجرة تقل عن 10 شواكل وكثيراً ما يكون العلاج بالمجان حين يلمح نظرة الفقر والحاجة في عيون الأطفال وأهلهم.
 
ويقول لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “أعالج بأجر رمزي فأكسب حب الناس ولكن لو عالجت بأجر كبير سيكرهني الناس، أنا لا أخسر شيئا، فأخدم الناس وأكسب رضا الله، وعموماً المصاري كلها زائلة”.

ويتأسى د.الجربة باثنين من الأطباء سبقوه في علاج المرضى بأجر رمزي هما الطبيبان الراحلان من غزة د. مفلح أبو سويرح، وطبيب الأطفال ابن مخيمه د. محمود الفايد، مشيراً إلى أن سعر الكشف الطبي لم يرتفع في عيادته منذ أن أصبح طبيباً.
 
ويتابع: “في مرضى يأتون بأطفالهم إذا لم يدفعوا لا أطلب منهم، وفي ناس يطالبوني برفع سعر الكشف الطبي لأن كثيرين لديهم قناعة أن ارتفاع سعر الكشف يقنع المريض بخبرة الطبيب، فأرفض مراعاة لظروف الناس”.   
شهداء الحروب

تطوّع لعلاج المصابين في حروب غزة، وكانت تجربته الأولى ثاني أيام حرب غزة سنة 2009 حين صاحب عربة إسعاف تقل رجل وابنه من آل أبو جبارة في البريج أصيبا بقصف الاحتلال.
 
عن ذلك يقول: “ما لبث الأب إلا واستشهد وبقي الابن حياً، ولما وصلت المشفى رأيت مشهداً لن يمح من ذاكرتي، فقد كان أحد المصابين وصل للتو وجزؤه السفلي أشلاء بينما ظهر قلبه للعيان وهو ينبض”.
 
فتح الجربة عيادته في حرب غزة سنة 2012 كمتطوعٍ لعلاج المصابين، وفي حرب 2014 كان ابنه مازن أول شهداء الحرب، ورغم هجرة أسرته للمنزل خوفاً من القصف ظلّ يسكنها فاتحاً عيادته أمام المرضى.
 
ويتابع: “استشهد ابني مروان سنة 2010 وهو مقاوم في اشتباك مسلح شرق البريج، ثم استشهد خليل بقصف طائرة استطلاع سنة 2012 مع اثنين شرق البريج، وفي 2014 كان مروان أول شهيد في الحرب، وكلهم حملوا فكر ومشروع المقاومة لأجل الله”.
 
كان الجربة وهو متزوج من اثنتين يعلم بنشاط أبنائه في المقاومة، ولم يمانع يوماً، وقد تعرض أبناؤه الشهداء حتى هو شخصياً للتهديد من مخابرات الاحتلال عبر الاتصالات الهاتفية .
 
توفيت زوجته الأولى أم الشهداء الثلاثة سنة 2014 وبقي له من زوجتيه 4 أبناء و7 بنات يرعاهم ويرعى أحفاده من أبنائه الشهداء، وهو يواظب يومياً على استقبال مرضاه من كافة المحافظة في عيادته أسفل منزله.
 
يرى الجربة أن أطباء غزة في كافة مؤسساتها الصحية لا يعملون بروح الفريق، وكثيرون منهم يفضلون المال في عياداتهم الخاصة على عملهم في المستشفيات، وهو ما يزيد من المشاكل والأخطاء الطبية حين ينسى الأطباء المريض الفقير الذي لا يملك المال.
 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات