الإثنين 05/مايو/2025

مرسوم الكوتات المسيحية.. عندما يتعارض القانون مع نفسه!

مرسوم الكوتات المسيحية.. عندما يتعارض القانون مع نفسه!

بعد أيام على إصدار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، مرسوما يتعلق بعدد مقاعد المسيحيين في بعض دوائر الهيئات المحلية، ما تزال ردود الأفعال القانونية والسياسية  تتوالى على صوابية هذا القرار والمغزى منه بين مشجع له ومعارض ومتحفظ.

المحامي والخبير القانوني محمد سقف الحيط انتقد خلال مقال مطول له، قرار “الرئيس” بخصوص نظام التمثيل النسبي لما له من آثار كبيرة على النسيج  المجتمعي، واستند في نقده إلى  نصوص القانون الفلسطيني.

نقض القراروتحفظ “سقف الحيط” على قرار الرئيس لعدة اعتبارات؛ أولها بأن فلسطين تعدّ من أكثر الأماكن التي تعايش بها الناس على اختلاف دينهم ومللهم، ولم يكن هذا الأمر وليد اليوم، فهو منذ العهدة العمرية، وصولاً لهذا الزمن الذي لا يفصل فيه الكنيسة عن المسجد سوى جدار مشترك – مسجد الخضر في نابلس مثالاً.

وفي نقده للقرار، مستندا إلى المادة التاسعة من القانون الأساسي الفلسطيني الواردة تحت باب الحريات العامة والحقوق، والتي نصّها “الفلسطينيون أمام القانون والقضاء سواء، لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة”، رأى “سقف الحيط”، أنه وكما يتضح أنه وإزاء ذلك النص، سيجعل ثمّة تناقضًا بين النصين الواردين، وحيث إنّ تخصيص مقاعد في بعض الدوائر بسبب الدين هو تمييز وفق ما تعنيه المادة التاسعة سالفة الذكر”.

وأضاف: “ومتى ورد تناقض بين قانون أعلى وآخر أدنى سيكون العمل بموجب القانون الأعلى – وهو الدستور – ما يجعل نص المادة 71 سالفة الذكر مشوبًا بعدم الدستوريّة لما يحويه من تمييز على أساس الدين”.

وأشار “سقف الحيط” إلى ثغرة أخرى تتعلق بهذا القرار، ترتبط بقرار إداري سابق يقضي بتكليف دوائر الأحوال المدنية بحذف خانة الديانة من البطاقة الشخصيّة؛ وقد برر مصدرو القرار بأن ذلك يهدف إلى رفع التمييز بين المواطنين الفلسطينيين، وبصرف النظر عن صحة ذلك القرار من عدمه، إلا أنه يجدر التساؤل: هل سيملك الموظف في لجنة الانتخابات الإدراك بأن هذا المرشح مسيحي أم مسلم؟

وأضاف: “تعارض القرارين يثبت خطأ ذلك القرار، ما يثبت تناقض السياسة التشريعية الفلسطينية وعدم وجود مسطرة تشريعية تحكم المشرع في فلسطين وتجعل من التشريع أمرا لتحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية وانتخابية معينة”.

ويرى “سقف الحيط” بأن هذا النص يحرم فئات أخرى من الترشح، وهو بهذا الأساس يجعل المواطنين في فلسطين ينتمون إلى إحدى فئتين فقط، وهو بذا يحرم كل ما كان خارج هاتين الفئتين من الترشح، ما يشكل إخلالا بمفهوم المواطنة، على حد قوله.

كما أكد “سقف الحيط” بأن هذا القانون لم يبين آلية انتخاب الأشخاص في ظل النظام النسبي، فهل سيكون المرشحون الأوائل من القائمة، وما عدا ذلك سيكون تبعاً لتلك الأسماء، وعلى فرض ذلك، هل ستكون نسبة الحسم بين القوائم بين المقاعد الأولى، أم هل سيجري الانتخاب على ورقتين واحدة لكل فئة، وهذا هو عين التمييز.

وتساءل كذلك :”هل يعني ذلك حرمان الإخوة المسيحيين من الترشح للمقاعد التي توجد في دوائر غير الدوائر التي حصرها المرسوم أم لا؟ فعلى سبيل المثال تضم مدينة نابلس 14 كنيسة، ما يشير إلى وجود عدد كبير للإخوة المسيحيين في المدينة، وفي ضوء هذا المرسوم فإنهم سيحرمون من الترشح للمقاعد في هذه الدائرة، ما يشكل إخلالاً بمبدأ المساواة، ويجعل النصّ يؤدي غير الغاية التي وجد لها.

تثبيت المسيحيين
المحامي غاندي أمين ربعي، نظر إلى قرار رئيس السلطة من وجهة نظر ثانية، وقال: “نظام الكوتات الحالي، والذي أقره الرئيس مؤخرا، ليس بالجديد من الناحية القانونية؛ بل هو قديم منذ الرئيس الرحل ياسر عرفات، وبالتالي لا يشكل خرقا قانونيا للانتخابات القادمة بغض النظر عن توقيته”.

ويعتقد ربعي بأن السبب الرئيس لسن مثل هذه القوانين وإعادة طرحها والتأكيد عليها، يعود إلى حالة التهجير المقصودة بحق المسيحيين من الاحتلال، بطرق مباشرة وغير مباشرة، وتابع خلال حديثه لـ“مراسل المركز الفلسطيني للإعلام”: “هناك حالة تهجير يشارك فيها الاحتلال، وبات من الضروري تثبيت المسيحيين في أماكن تواجدهم باعتبار ذلك ضرورة وطنية، فمن غير المنطقي أن يأتي السائح المسيحي إلى بيت لحم وهي خالية من المسحيين”.

وحول أسباب الحديث عن هذه التمثيل النسب من خلال مرسومٍ؛ رأى ربعي أن رئيس السلطة أراد بهذا المرسوم تعديل القانون الرئيس للانتخابات واعتماد النسب والتقسيمات، كما تم الإعلان عنها حتى تصبح جزءًا ثابتًا في القانون الفلسطيني.

انتهاك للعملية الانتخابية
بدورها، عدّت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” المرسوم الصادر عن رئيس السلطة محمود عباس بشأن إعادة توزيع المقاعد في عدد من المجالس البلدية انتهاكًا للعملية الانتخابية، ومحاولة مسبقة للتأثير في نتائجها.

وأكدت الحركة، في تصريح صحفي للناطق باسمها سامي أبو زهري، وصل “المركز الفلسطيني للإعلام”، رفضها إصدار أي قوانين ذات صلة بالعملية الانتخابية طالما أن هذه العملية قد بدأت فعلاً.

وأشارت إلى أن المرسوم يتعارض مع القانون الذي ينص على أن رئيس المجلس البلدي يجب أن يتم اختياره بالانتخاب من بين أعضاء المجلس، معربة عن تقديرها للإخوة المسيحيين الذين سبق أن رشحت عدداً منهم على قوائمها الخاصة.

تقسيم المجتمع
فيما يرى القيادي في حركة حماس الشيخ مصطفى أبو عرة، بأن تحديد الكوتات في النظام الانتخابي الفلسطيني مرتبط بقوانين السلطة التي استحدثتها، والتي تساعد في تقسيم المجتمع طائفياً.

وتساءل أبو عرة لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”: “حتى لو افترضنا وجود هذا النظام عالمياً، فما الأساس الذي حددت عليه نسب الكوتة في كل بلد فيه نصارى، أهو التعداد السكاني؟؟ وهل نتائج لجنة الإحصائيات المركزية الفلسطينية تتوافق مع النسب المحددة في المرسوم، فعلى سبيل المثال: هل نسبة النصارى في رام الله أكثر من 55% حتى يعطوا 8 مقاعد في البلدية مقابل 7 للمسلمين”.

وأضاف أن الأمر واضح للعيان، “فتحديد هذه النسب غير الواقعية وغير المنصفة للمسلمين، هي التي تغذي النعرات الطائفية غير الموجودة أصلا في شعبنا، فلماذا نؤصل لها بمثل هذه الإجراءات؟”.

وكان رئيس السلطة محمود عباس أصدر مرسوماً، حدد فيه عدد أعضاء بعض المجالس المحلية، وخصص بعضها للطائفة المسيحية، وقضى بوجوب أن يكون رئيس هذه المجالس مسيحياً.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يفرج عن 10 أسرى من قطاع غزة

الاحتلال يفرج عن 10 أسرى من قطاع غزة

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، عدد من أسرى قطاع غزة، والذي وصلوا إلى المستشفى في حالة صحية منهكة....