مخيم صنّاع المجد.. فرصة ذهبية لتثبيت وتدبر آيات القرآن

الأزيز المتصاعد من حجرات وممرات كلية الدعوة الإسلامية بدير البلح، يعود كله إلى جلسات تثبيت ومراجعة حفظ القرآن المتواصلة على مدار اليوم والليلة، فيما تنعقد بشكل دوري جلسة تأمل وتدبر للطلبة المتميزين.

واختتم ديوان الحفاظ في وزارة الأوقاف والشئون الدينية بغزة أمس مخيمه القرآني الثالث “صنّاع المجد”، والذي ضم 76 حافظًا متميزًا و18 مشرفًا ومحفظًا عاشوا 12 يومًا مع القرآن.
 
ويهدف المخيم إلى تثبيت حفظ القرآن الكريم لدى حفظة ديوان الحفاظ المتميزين التابعين للأوقاف وتنمية مهارات التأمل والتدبر لآيات وكلمات القرآن.

تثبيت الحفظ

على غير اتفاق يُجمع المحفظون والمشرفون والطلاب على حزنهم لقرب انتهاء المخيم القرآني وفراق من عاشوا معهم 12 يومًا في مخيم مغلق تخصص في تثبيت الحفظ وتدبر آياته.
 
قبيل أذان الظهر يجتمع عادل الهور مدير المخيم مع عدد من المشرفين في استراحة تسبق استعدادهم للصلاة مُثنيًا على حسن التزام معظم مجموعات المخيم.

يقول الهور لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” “إن هدف المخيم الأساسي هو تثبيت القرآن للحفاظ، وإنشاء حلقة تدبر للمتميزين تمرنهم نظريًّا وعمليًّا على معرفة معاني الكلمات والآيات والمتشابه؛ في برنامج يبلغ تثبيت 3 أجزاء ونصف يوميًّا”.
 
ويتمتع محمد فريد أبو نصير، مشرف ديوان الحفاظ بشمال غزة، بخبرة عالية مع الحفاظ؛ حيث يرى أن فكرة المخيم تساعد الحافظين على تثبيت حفظهم وتدبر الآيات إضافةً إلى معرفة المتشابهات، وهو ما لم يكن في أي مخيم سابق.
 
ويتابع: “كل يوم في التثبيت يزداد الحافظ شوقًا لإنهاء تثبيت القرآن؛ فبرنامجنا يبدأ من الثانية والنصف فجرًا بصلاة التهجد ثم جلسات التثبيت حتى العشاء، ولا يفصلنا سوى الطعام والصلاة”.
 
ويعدل الشيخ سلمان الملاحي المشرف من ديوان الحفاظ في خان يونس جلسته قبل أن يشير إلى أن الحافظين تقدموا لمقابلات حددت فرصة قبولهم في المخيم الذي ضم المتميزين بخلاف مخيمات سابقة.

تدبر القرآن
ويقول المحفظ دياب الأعور إن هدف التدبر هو التعمق، ومعرفة المتشابه باستخدام أسس التفكير المنطقي وأساليب التفكير وفق قواعد اللغة للوصول لمعانٍ جديدة.

ويضيف لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “لدينا 30 جلسة للتدبر، وهناك إبداعات للطلاب؛ فلكل منهم فهم خاص يدل على عمق التفكير وسرعة البديهة، وقد اعتمدنا كتاب مراحل التدبر الثماني في القرآن، وكتاب التدبر القرآني وفق المفاهيم التربوية”.

ويجيب المحفظ بلال الغرابلي من خان يونس بأن كل من يسأله عن 12 يومًا أمضاها في المخيم يفيد بأنه حزين لأنه سيغادر جوًّا إيمانيًّا رغم انقطاعه التام عن أسرته وأبنائه.
 
ويتابع: “اجتاز حتى اليوم قبل الأخير 52 طالبًا التثبيت بشكل كامل، وبقي 24 بين 15-20 جزءًا، فالمستويات متفاوتة، وهذا يعود لاجتهاد المحفظين، وأحيانًا لمستوى الطالب الذي يتراوح عمره بين 15 -25 سنة”.
 
تجربة فريدة

بالنسبة للطالب عبد القادر قدورة (20 عامًا) من شمال قطاع غزة، فإن مخيم صنّاع المجد كان فرصةّ ذهبية للتثبيت، عاش فيها مع الله وإلى الله طوال 12 يومًا، كما يقول.
 
يهزّ قدورة رأسه مشيرًا إلى أن أكثر ما أعجبه هو أجواء المودة ونظام التثبيت وجلسات التأمل في أيام تعرّف فيها على أصدقاء من مناطق قطاع غزة كافة، يشعر بالحزن على فراقهم بعد ساعات.
 
أما زميله الطالب عبد الله عطا الله فقد وصل عبر المخيم إلى برنامج تثبيت مكثف للحفظ؛ اجتاز فيه القرآن كاملاً، إضافة إلى اجتهاده الشخصي خارج أسوار المخيم.
 
ورغم أن الطالب أحمد يحيى النجار من خان يونس حديث العهد بديوان الحفاظ الذي مرّ على التحاقه به 3 شهور فقط إلا أنه كان محظوظًا بالانضمام لمخيم متميز، على حد قوله.
 
ويضيف: “أنا حافظ من قديم، لكني جديد مع الديوان، وهذا مخيم ينقلك لعالم آخر؛ فأنت مع القرآن طوال الوقت، ولاحظت أن طلبة شمال قطاع غزة متميزون جدًّا عن غيرهم” .
 
ولا تخلو الأجواء القرآنية من جلسات استراحة وترويح يمارس فيه الطلاب أنشطة رياضية مع مشرفيهم ومحفظيهم، فيما تعقد حلقات بين حين وآخر للنشيد الذي يردده أصحاب الأصوات العذبة في التلاوة.