اعتقال الصحفي خبيصة.. النهج الأمني في مواجهة حق المعرفة

محمد خبيصة، صحفي فلسطيني، ومحرر اقتصادي في وكالة الأناضول التركية، اعتقلته أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية على خلفية نشره معلومات حول ميزانية وكالة “وفا” الكبيرة، تلك المعلومات التي نشرها محمد لم تكن سرية بل استقاها من موقع وزارة المالية، والتي سرعان ما عاودت الأخيرة تعديلها “لأنه شاباها الخطأ واللبس”.

وما أن اعتقل محمد، بعد مداهمة منزله في مدينة البيرة وسط الضفة المحتلة، ومصادرة جهازي حاسوب خاص به وبزوجته، حتى أثيرت تساؤلات حول مساعي أجهزة السلطة لخلق حالة من عدم التنبيه أو التنويه، أو حتى الحديث عن قضايا الفساد التي تضرب العديد من مؤسسات السلطة وبقوة.

أجواء سخط
وعمت أجواء من السخط والغضب صباح اليوم كافة الصحفيين العاملين في الضفة الغربية؛ عقب اعتقال الصحفي محمد خبيصه من مدينة رام الله، وسط ترويع وإرهاب عائلته التي تفاجأت بعملية الاقتحام للمنزل واعتقال نجلها وسط الليل دون مراعاة لحرمة المنزل.

صحفيون وكتاب أشاروا إلى أن حادثة اعتقال الصحفي خبيصة، تكشف عن توجه أمني لدى السلطة الفلسطينية بمواجهة حق المعرفة.

الإفراج عن محمد
هي ساعات معدودة أمضاها محمد خبيصة في سجون السلطة على خلفية نشره تلك البيانات، حتى يعاد الإفراج عنه ظهر اليوم بعد أن تبين أن المعطيات التي نشرتها وزراة المالية شابها الأخطاء واللبس.

وسارعت وزارة المالية الفلسطينية في تعديل بند النفقات الخاص بوكالة الأنباء الرسمية “وفا”، وذلك بعد أن أثارت الجدل عقب تداول الرقم الضخم في وسائل الإعلام.وفق الوزارة.

وكان التقرير النصف سنوي الذي صدر أمس، قد نشر بأن نفقات وكالة الأنباء الفلسطينية النصف سنوية تبلغ 60 مليون و880 ألف شيقل، قبل أن يتم تعدلها ظهر اليوم من خلال فصل نفقات هيئة الإذاعة والتلفزيون البالغة 53 مليون شيقل، عن نفقات وفا البالغة 7 مليون شيقل.

استند لمعلومات رسمية
ومن الجدير ذكره، أن الصحفي خبيصة استند في معلوماته التي نشرها إلى التقرير الصادر أمس، والذي وضح أن نفقات الوكالة الرسمية تبلغ 60 مليون شيقل في النصف الأول من العام الجاري، حيث كان ذلك سببا مقنعا لأجهزة السلطة لاعتقاله، في إشارة لمحاولة أمن السلطة منع كشف وتداول الأرقام والفساد الذي يعتري كثيرا من المؤسسات التابعة للسلطة الفلسطينية.

وأوضحت وفا في بيان لها حول الموضوع، أن الموازنة الحقيقية للوكالة تبلغ 20.784 مليون شيقل سنويا، بما يشمل كافة الرواتب والأجور والنفقات التشغيلية والمساهمات الاجتماعية، والنفقات التطويرية، إضافة إلى الأصول غير المالية وفق قانون الموازنة العامة لسنة 2016.

وهذا الرقم قريب من بيانات وزارة المالية السابقة والتي أوضحت أن إجمالي موازنة وفا تبلغ 20 مليون و84 ألف شيقل، منها 14 مليون و403 ألف شيقل كرواتب وأجور في حين أن 4 مليون و146 ألف دولار مصاريف تشغيلية وحوالي مليون ونصف مساهمات اجتماعية.

بيانات سابقة نشرت على موقع وزارة المالية 

ولم تقدم وزارة المالية اعتذارا عن خطئها، أو تشر للتعديل بشكل واضح في بيان صحفي.

وكالة “وفا” حملت الصحفي خبيصة المسؤولية عما حدث، متجاهلة خطأ الوزارة في المعلومات التي نشرتها، في تحدٍ واضح لحق المعرفة وحصول الصحفي على المعلومات.

ويطرح تعديل وزارة المالية كشوفاتها حالة من الإرباك داخل مؤسسات السلطة وحتى المالية منها، كما أنها تثير تساؤل إن كان هذا التعديل والحديث عن خطا يعد محاولة تعديل خطأ فعلي وقعت به الوزارة التي يفترض أن تكون دقيقه في بياناتها وتصدر بعد تدقيقها من المدققين المالين، أم أن الأمر حاولت بعض الأطراف تداركه لإزاله شبهة الفساد المالي الذي تقع فيه مؤسسات السلطة.