الأربعاء 26/يونيو/2024

مخبز حج محمد.. حُلم الأسير وغطرسة العقيد

مخبز حج محمد.. حُلم الأسير وغطرسة العقيد

عندما حصل المواطن خالد فايز حج محمد على أتعاب نهاية العمل من إحدى الشركات قبل شهور، كان يرسم لنفسه أحلاما كبيرة بأن يقيم مشروع العمر الذي سيوفر له ولعائلته حياة كريمة، لكن أحلامه التي رسمها أصبحت في مهب الريح، أمام غطرسة واستبداد “عقيد” بأجهزة أمن السلطة.

حج محمد (47 عاما) من سكان مدينة نابلس شمال الضفة المحتلة، أسير محرر، اعتقل أربع مرات إبان الانتفاضة الأولى، منها اعتقال استمر 4 سنوات متواصلة، على خلفية نشاطه المقاوم للاحتلال، لكنه بات الآن يشعر بالغربة في وطنه، وبانعدام الأمن، خاصة عندما يأتيه التهديد ممن يفترض بهم توفير الأمن له.

بدأت حكاية حج محمد في شهر شباط/ فبراير من العام الجاري، عندما قرر الاستفادة من عرض شركة الاتصالات الفلسطينية التي كان يعمل فيها مقابل إنهاء خدماته مبكرا، والحصول على أتعابه بعد عشر سنوات من العمل فيها.

يقول حج محمد لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”: “عقدت النية على أن أستفيد من مستحقاتي بإنشاء مشروع خاص بي ليشكل مصدر دخل لي ولأسرتي، وهو عبارة عن مخبز آلي، واستأجرت محلا لهذا الغرض، وحصلت على كافة التراخيص اللازمة، وقمت بشراء معدات المخبز”.

سارع حج محمد، الذي يعاني من إعاقة بيده اليمنى بنسبة عجز 80%، لتهيئة المحل المستأجر، حتى يتمكن من افتتاحه قبل شهر رمضان، ليغتنم بركة الشهر الفضيل، لكنه اصطدم بعقبة لم تكن بالحسبان.

ويقول: “اعترض أحد سكان البناية التي استأجرت بها المحل في شارع المريج غربي المدينة، وهو عقيد من قيادات الأكاديمية الأمنية، والذي يسكن بنفس البناية”.

وأوضح أن اعتراض العقيد جاء بذريعة وجوده اسفل شقته مباشرة، حيث تحجج بأن وجود المخبز سيؤدي إلى تصاعد الحرارة إلى شقته.

وبعد عدة أيام، بدأت امتحانات الثانوية العامة، ليتحول اعتراض العقيد إلى الشكوى من الإزعاج الذي يصدر عن عمليات الإصلاح والتجهيز، لأن لديه ابنة تقدم امتحانات التوجيهي.

ويقول حج محمد: “أوقفت العمل أثناء تقديم امتحانات التوجيهي، والتزمت تفهما لحاجة ابنته للهدوء من أجل تقديم الامتحانات”.
 
غطرسة القوة
ومع انتهاء الامتحانات، عاد حج محمد لاستئناف تصليح المحل من جديد، لكن وبعد ساعة واحدة فقط، توجه العقيد إلى العمال وطردهم من المحل، ومنعهم من تصليحه، ثم اتصل به هاتفيا لمنعه من العمل في المحل.

وقال حج محمد: “قال لي: لن أسمح لك بفتح مخبز تحت بيتي، ولن أسمح لأي عامل بأن يشتغل في المحل، والتراخيص اللي معاك انقعها واشرب ميتها أنت واللي أعطاك إياها”، وزيادة في الغطرسة، دعاه لتقديم شكوى ضده في الشرطة.

وأمام عدم شعوره بالأمان في ظل تهديدات العقيد له، اضطر حج محمد لإيقاف العمل، خاصة وأنه وضع كل ما يملك في هذا المشروع، ولم يمتلك إلا تقديم شكوى رسمية لمحافظ نابلس ولمدير جهاز الاستخبارات العسكرية.

ويشير حج محمد إلى أن المستشار القانوني في المحافظة استدعاه بعد تقديم الشكوى، للاطلاع على التراخيص الخاصة بالمشروع، والتي حصل عليها من الدفاع المدني والبلدية ووزارة المالية ووزارة الاقتصاد والغرفة التجارية.

ويضيف إن المستشار القانوني طلب منه بعد الاطلاع على كل هذه التراخيص، وهي جميع التراخيص المطلوبة لمثل هذا المشروع، التريث وعدم القيام بأي شيء، بانتظار قرارات لجنة السلامة العامة.

ويقول إنه أوضح للعقيد -في وسط المشكلة- أن المخبز لا تصدر عنه حرارة كبيرة، بسبب كونه آليا وحديثا، وبسب ارتفاع سقف المحل، وزيادة على ذلك؛ أبدى استعداده لوضع عازل للحرارة.

وأشار إلى أن المحل ليس الوحيد في نفس البناية التي تضم عشرة محلات، بعضها يستخدم كمخازن لتجار الملابس والأدوات المنزلية، وأحدها يستخدم كمخبز للحلويات والمعجنات، وهناك محل آخر يستخدم لألعاب الإنترنت والحاسوب.
 
خسائر محتملة
وفي ظل توقفه عن إصلاح المحل، يعرب حج محمد عن مخاوفه من المماطلة وإطالة أمد حل الإشكالية، الأمر الذي سيترتب عليه خسائر فادحة وخطر الإفلاس، لأنه ليس لديه أي مصدر دخل في الوقت الحالي.

ويقول حج محمد وهو أب لابنة وحيدة: “وضعت كل رأسمالي بالمشروع، فقد دفعت أجرة المحل ومصاريف الإصلاح، ودفعت نصف ثمن المعدات اللازمة للمشروع نقدا والباقي على شيكات، وكلما طالت القضية، فأنا مضطر لتسديد تلك الشيكات على حساب تأمين قوت أسرتي”.

ويقول: “أنا أسكن في نفس البناية التي بها 36 شقة، وأسفل شقتي يوجد مخبز للمعجنات، ومثلما أنني لا أقبل أن يؤذيني أحد، فأنا لا أرضى أن أتسبب بالأذى لغيري”.

ويبدي حج محمد استغرابه من كون هذه التهديدات تأتي من عقيد في الأكاديمية الأمنية التي يفترض أنها تخرج عناصر وضباط الأمن لخدمة الوطن والمواطن واحترام القانون.

وفي خطوة لإبراز مشكلته للرأي العام والحكومة الفلسطينية ورئيس السلطة، نشر الحج محمد مناشدة عبر الصحف الفلسطينية يطالب فيها جميع الجهات ذات الاختصاص المساهمة في رفع “الظلم” عنه، ويطالب بوضع حد لـ”غطرسة” العقيد.

وعلى غير العادة، لم يصدر العقيد أو أي طرف فلسطيني رسمي، كما يرصد مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”، أي رد أو توضيح عما تعرض له الأسير المحرر الحج محمد، أو حتى نفي ما تضمنته مناشدته عبر وسائل الإعلام المحلية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال ينفذ 21 عملية هدم في الضفة والقدس

الاحتلال ينفذ 21 عملية هدم في الضفة والقدس

الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامنفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، 21 عملية هدم في الضفة الغربية والقدس المحتلة، إلى جانب منزل...

الاحتلال يهدم منزلين في رام الله وأريحا

الاحتلال يهدم منزلين في رام الله وأريحا

الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامهدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، منزلين في رام الله وأريحا، ضمن انتهاكاتها المتصاعدة ضد...