الهدف من حضور مؤتمر هرتسيليا

لعل متابعة مؤتمرات هرتسيليا والاطلاع على مقرراتها، هو أحد أهم الاشتراطات لمعرفة دولة الاحتلال الإسرائيلي من داخلها، لتكشف عن كثيرٍ من جبل الثلج، الذي لا يظهر منه للعامة سوى قمته الثلجية، وهذا أمرٌ شبه متاح حيث يعقد الإسرائيليون مؤتمرهم في ظل وجودٍ إعلامي دولي كثيف، ويعلنون صراحةً عن القضايا المطروحة للنقاش، وعن التحديات التي تواجه دولتهم، ولكنهم يحرصون في ظل حالة التحدي والمواجهة على إبراز صورة (إسرائيل) القوية، التي لم تعد تخاف من مناقشة قضاياها أمام الرأي العام، ذلك أنها تمتلك من القوة والقدرة ما يمكنها من حماية نفسها، والدفاع عن مصالحها.

فإذا كان هذه هو هدف (إسرائيل) من المؤتمر، فما هي الرسالة التي يريد الفلسطيني إيصالها؟ هل يريد الفلسطيني المُشارك أن يقول للعالم إنه متحضر ويريد السلام من خلال المشاركة في مؤتمر يسعى الى ترتيب أولويات العدو الذي يريد أن يضمن سيطرته على بلدنا للأبد، وهيمنته على المنطقة أيضاً للأبد، إذا كانت هذه الرسالة فبئست، أما إن كانت لديه وعود بتغيير الموقف الإسرائيلي تجاه قضية الشعب الفلسطيني بتحقيق الحد الأدنى من مطالبه على رأسها إنهاء الاحتلال وفك الحصار ووقف الاستيطان، هذا مستبعد كلية، أم أننا أصبحنا نلعب دور القابلة التي تعطي الضوء الأخضر للعرب وغير العرب بتشجيعهم للإقدام على فتح باب التطبيع على مصراعيه. والتطبيع يبقى تطبيعا حتى لو تم باسم المصلحة الوطنية، أو تحت مبرر ضعفنا، فهو سيزيدنا انكشافا وضعفا، وسيستخدم ذلك في تبرير مزيد من التطبيع.

مؤتمر هرتسيليا جاء لفك حملة المقاطعة وضرب المقاومة الشعبية الفلسطينية وحركة التضامن العالمية مع نضال الفلسطينيين من أجل العودة والتحرر وتقرير المصير. أليس في ذلك ما يدعو للشك والريبة أن نبقى نحن الفلسطينيين معتقدين أن (إسرائيل) تريد السلام، ونعتقد أن التطبيع مع (إسرائيل) والانخراط في مؤتمراتها القومية ما يحقق لنا الهدف، فهل في هذا حفاظ على ثوابتنا الوطنية؟ فلا بد من مراجعة وجلد للنفس على الحضور في وقت تمارس فيه (إسرائيل) أبشع أنواع العقاب بحق الفلسطينيين وتقتل وتحاصر وتجوّع الفلسطينيين وتهدم البيوت وتصادر الأراضي وغيرها من الممارسات، وأن الحضور لمؤتمر المناعة القومية يضفي مشروعية للاحتلال وما يقوم به، خاصة وأن عنوان المؤتمر يندرج في عنوان مواجهة حملة المقاطعة الدولية ضد (إسرائيل).

المصدر: صحيفة فلسطين