حاجز بيت لحم الشمالي.. نقطة إذلال وتنكيل بالفلسطينيين

يصحو أبو محمد الشريف من نومه عند الساعة الثانية فجرًا.. ليس الهدف قيام ليل رمضان، بل للاستعداد لرحلة البحث عن لقمة عيش أبنائه، والتي قدر لها الله أن تكون داخل مدينة القدس المحتلة.

أبو محمد وهو أحد سكان مخيم العزة للاجئين شمال بيت لحم.. يصف رحلته من منزله في المخيم إلى عمله في المدينة المقدسة، فيقول: “أصحو باكرًا ليس لأن المكان الذي أعمل به بعيد عن منزلي، فهو يبعد مسافة دقائق قليلة بالسيارة، بل لأجل أخذ دور على الحاجز المؤدي إلى العمل، وتجنب الأزمة الخانقة”.

ينطلق أبو محمد إلى حاجز بيت لحم الشمالي المؤدي لمدينة القدس المحتلة والذي يسميه الاحتلال “معبر جيلو 300″، وهو يظن أنه سيأخذ دورًا أماميًّا لأنه لم يتأخر هذه المرة في النوم كما في بعض المرات، إلا أنه يتفاجأ من كم العمال الذين أخذوا دورًا قبله، وينتظرون أن تمشي عقارب الساعة حتى السابعة، لكي يفتح جندي صهيوني الباب، ولتبدأ رحلة العذاب والإذلال.

حاجز حقير بين مدن مقدسة

أنشأ الاحتلال هذا الحاجز إبان انتفاضة القدس المباركة، بعد أن بنى جدار الفصل العنصري حول مدينة القدس، بطول 140 كم تقريبًا، ويفصل هذا الحاجز بين مدينتين مقدستين عالميتين، وهما القدس وبيت لحم.

ويوضح الباحث في شؤون الاستيطان حمزة الحلايبة أن إقامة هذا الحاجز جاء لتعزيز سيطرة الاحتلال الاستيطانية في محيط القدس، وعزل أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية خلف الجدار.

ويضيف في حديثه لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” أن آلاف العمال الفلسطينيين الذين يحملون التصاريح، يستخدمون هذا الحاجز يوميًّا للتنقل بين مدينة القدس وبيت لحم، أما الحواجز الأخرى المنتشرة بيني مدينتي القدس وبيت لحم، فهي خاصة بتنقل حملة الهوية الزرقاء من المقدسيين بالإضافة للمستوطنين الذين يقطنون في المستوطنات الجاثمة على أراضي الفلسطينيين في جنوب الضفة المحتلة.
 
الحاجز خلال شهر رمضان

ويجد الفلسطينيون من سكان الضفة المحتلة في شهر رمضان المبارك، فرصة للدخول للمدينة المقدسة والصلاة في المسجد الأقصى المبارك، خاصة أن الاحتلال يعلن في كل رمضان من السنة عما يسميها “تسهيلات” خاصة بهم يوم الجمعة من كل أسبوع.

ويقوم الاحتلال بـ”تجهيز” حاجز بيت لحم الشمالي لدخول المصلين، فيضع المكعبات الإسمنتية والجدر والطرق الملتوية ونقاط التفتيش، ليمعن في إذلال الفلسطينيين حتى خلال أيام الشهر الفضيل؛ جيث أعلن في هذا العام عن تراجعه عن منح التصاريح، ومنع من هم دون سن 45 عامًا من دخول القدس.

محطة استدراج وتحقيق

وتستخدم مخابرات الاحتلال هذا الحاجز لعملها الدنيء محاوِلة استدراج العابرين من الفلسطينيين والعمال بشكل خاص، للعمل معها، وتحاول ابتزازهم من خلال تصاريح العمل، وتقيم أيضًا مقرًّا لها داخل المعبر، وتتخذ منه مكانًا لمقابلة بعض من تقوم باستدعائهم من المواطنين، سواء عن طريق الهاتف أو من خلال مداهمة البيوت.

حاجز vip

ومن الأمور التي يجب الوقوف عندها والتي تشكل فارقًا فيما تحدثنا به، أن الاحتلال يسهل حركة بعض “الفلسطينيين” على هذا الحاجز، فقد أعد ممرًّا خاصًّا خلال هذا الشهر للعناصر والضباط الذين يعملون في أجهزة أمن السلطة بالضفة، وسمح لهم بالدخول للقدس ببطاقة الجهاز ودون تصريح، ويتساءل فلسطينيون عن سبب هذه “المكرمة”، وإن كانت لهدف مساعدة الاحتلال في الحفاظ على أمنه داخل المدينة المقدسة!.

لكن تعلق الفلسطينيين بشتى أشكالهم بالمدينة المقدسة والمسجد الأقصى المبارك، وبالإصرار على كسب لقمة عيشهم الحلال، يطغى على كل أفعال الاحتلال للنيل منهم.