الإثنين 05/مايو/2025

جدار إسمنتي أو قناة مائية.. كل الطرق تفشل أمام أنفاق المقاومة

جدار إسمنتي أو قناة مائية.. كل الطرق تفشل أمام أنفاق المقاومة

الأنفاق كانت ولا تزال هاجس الاحتلال وكابوسه، وبعدها مباشرة تأتي القذائف الصاروخية التي أقحمت الجبهة الداخلية في الصراع مخترقةً بذلك نظرية الاحتلال القديمة في تحييد الجبهة الداخلية في أي جولة مع المقاومة.
 
وكشف الاحتلال قبل يومين أنه بصدد بناء جدار إسمنتي بعمق عشرات الأمتار في الأرض وبطول 60 كم على الحدود كخط دفاعي يكلف 2.2 مليار شيكل يفترض فيه وضع حل نهائي لمشكلة الأنفاق، حسب ما قررته قيادة الجهاز الأمني.
 
ويبدو أن صعود المتطرف أفيغدور ليبرمان لقمة المؤسسة العسكرية وانسداد الأفق السياسي يمهد لحرب جديدة على غزة، إلا أن جاهزية المقاومة وتصاعد قوتها وخاصة سلاح الأنفاق هو ما يؤرق الاحتلال.

وكان الاحتلال أعلن قبل 4 سنوات عن تشكيل وحدة مختصة بالأنفاق مجهزة بأحدث المعدات من آلات الحفر والمجسات حيث استخدم كذلك صواريخ وعبوات ناسفة ارتجاجية بالأعماق.
 
تنقيب وقصف

من مطلع يونيو وطوال 13 يوماً حشد جيش الاحتلال آليات كثيرة إلى الشمال من موقع “الكاميرا” الحدودي شرق مخيم البريج لكشف الأنفاق.
 
يقول راصد ميداني رفض الكشف عن هويته لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”: “استمروا في العمل مستخدمين ما يعرف بآليات القدوح وحفار الباقر الكبير ومشطوا المنطقة وانسحبوا ومع أذان العشاء قصفت المكان طائرة حربية بصاروخ ارتجاجي”.
 
وكانت طائرة “إف16″ قصف موقعاً شهد تنقيبا بآليات تكنولوجية متطورة على مسافة تجاوزت 200 متر من السلك الفاصل شمال موقع الكاميرا ما أدى لدمار كبير في المكان” .
 
ويضيف: “بعد القصف حضرت 4 جيبات في الليل لاستكشاف آثار القصف ثم رحلت وفي اليوم الثاني حضرت آليتان من نوع قدوح محملة على شاحنات و5 جيبات بيضاء وسكنية اللون تتبع الشاباك لمتابعة العمل”.

وجسدت الأنفاق كموروث تاريخي نقطة تفوق لصالح حركات المقاومة، بدءًا من مقاومة الجزائر التي انتصرت سنة 1962، وجنوب أفريقيا 1994، وجبهة تحرير فيتنام في السبعينيات، وانتهاء بجنوب لبنان 2006، وغزة 2014.
 
وسائل عاجزة

ولم يدخر الاحتلال وسيلةً لكشف الأنفاق إلا واستخدمها وأهمها المجسات القوية التي استقدمها من الولايات المتحدة الأمريكية التي تحاول كشف الفراغات تحت الأرض؛ لكن حسب تأكيد المحلل العسكري يوسف شرقاوي يبقى بحاجة معلومة من عنصر بشري.
  
ويقول شرقاوي لمراسلنا، إن “إسرائيل” تشعر بالأرق من نقطة ضعفها المتمثلة في الجبهة الداخلية وقد علق الخبراء على ذلك في مؤتمر هرتسيليا قبل 3 أيام حيث كانت النظرية الإسرائيلية سابقاً تحييد الجبهة الداخلية عن الحرب لكن المقاومة في غزة ولبنان نجحت في ضربها.
 
ويتابع: “حتى لو نجحوا في بناء جدار إسمنتي لن يحلوا مشكلة الأنفاق؛ لأن ذلك معناه فشل تكنولوجيا أمريكا المستخدمة حالياً، وسيكون ذلك نجاح للمقاومة لأنها استنزفت الاحتلال مالياً واقتصادياً حين يجنّد جيش يرهقه البناء باستخدام عشرات الآليات والمواد”.
  
وتنتشر على طول السلك الفاصل بين مواقع الاحتلال وغزة حفارات وآليات تعمل ليل نهار لكشف الأنفاق تعمل في نقاط واضحة للعيان شرق رفح وخان يونس وشرق البريج وغزة وعلى حدود بيت حانون .
 
ويضيف: “انهيار نفق شمال غزة الذي استشهد فيه سبعة كان بسبب عمل اهتزازات وعمل الاهتزاز لا يشعر به البشر، والنفق حتى يصمد لابد أن يكون في أرض صخرية صلبة، وتكنولوجيا الاحتلال وحتى بناء جدار إسمنتي، لن تحل هاجس الأنفاق”.
 
ورغم خط الإمداد المالي والتقني المفتوح بين “إسرائيل” وأمريكا إلا أن تقارير “إسرائيل” تخشى من تكرار نجاح الجيش المصري في أكتوبر حين كان يعد بصمت متجاوزاً كافة المساعدات الأمريكية لبقاء “إسرائيل” في سيناء .
 
خطاب دعائي

المشروع على ضخامته يحتاج لفترة زمنية كبيرة تتجاوز مدة حكم نتنياهو، وهو لا يتجاوز أحلام ليبرمان بتصدر الخطاب السياسي الدعائي أملاً في تحريك الجبهة الداخلية لصالحه.
 
ويؤكد محمد مصلح الخبير في الشئون الإسرائيلية، إن وزير الحرب الجديد ليبرمان عندما يطرح فكرة الجدار الإسمنتي يحاول العزف على هاجس يؤرّق المؤسسة الأمنية والعسكرية، مركزاً على خطاب سياسي داخلي كنوع من الدعاية في ما تبقى من حكم نتنياهو.
 
ويضيف في تصريحات لـ“المركز الفلسطيني للإعلام” :”من قبله طرح يعلون فكرة القناة المائية مثل ما جرى على حدود رفح مع مصر ولم تنفذ فكرته، ولكن اليوم ليبرمان يحاول إثبات أنه جاء بجديد، وهناك تداعيات مثل الموافقة على الموازنة المكلفة وإثارة الرأي العام الدولي الذي لم ينته من ترسيم الحدود النهائية”.
 
ويقول إن المشروع على ضخامته وتكلفته لن يرى التنفيذ إلا بموافقة ودعم مالي أمريكي بينما لازال الكونجرس يعارض رفع قيمة دعم منظومات إسرائيل الدفاعية الصاروخية لأربعة مليارات فمن العسير دعم الجدار المقدر تكلفته 2.2 مليار$ .
 
ويتابع:”يفتشون عن خطة دفاعية علاجية للأنفاق بعد أن أصبحت الأنفاق متمركزة في العقل الأمني الإسرائيلي وهاجس رعب لمواطني غلاف غزة وليبرمان يحاول التعامل مع نفوسهم المرهقة”.
 
فشل استخباري

منذ حرب غزة 2008 وحتى اليوم لازال العمل الاستخباري الإسرائيلي عملاً أعمى وذلك بفض جهود كتائب القسام ووزارة الداخلية والوعي الجماهيرية ما قلل من معلومات الاحتلال.

يقول د.محمود العجرمي الخبير الأمني إن حرب 2014 استمرت 51 يوماً عجزت فيها إسرائيل عن ضرب هدف استراتيجي أو كشف أنفاق مهمة أو مستودعات أسلحة .

ويضيف:”كل وسائلهم حتى الآن فاشلة ولو أنهم اكتشفوا أنفاق غير النفق القديم شرق رفح لأعلنوا ذلك بسرعة، لكن استمرار العمل على الحدود سيؤدي لتصعيد ورد من المقاومة” .

وشهد يوم 5 مايو الماضي شهد جولة تصعيد على حدود رفح وغزة ضربت فيها المقاومة بقذائف الهاون آليات الاحتلال التي تفتش عن أنفاق، مشيرةً أنها لن تسمح للاحتلال بفرض خطوط حمراء، وأنها ستتعامل مع أي خرق.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات