الأربعاء 07/مايو/2025

الزير وجمجوم وحجازي.. حكاية أبطال عكا الثلاثة

الزير وجمجوم وحجازي.. حكاية أبطال عكا الثلاثة

86 عاماً مرّت على رحيل شهداء سجن عكا، ليرووا بدمائهم عبق تراب الأرض الفلسطينية، وليخلد الفلسطينيون أسماءهم في أغنيتهم الشهيرة “من سجن عكا طلعت جنازة.. محمد جمجوم وفؤاد حجازي.. جازي عليهم يا ربي جازي.. المندوب السامي وربعه وعمومه..”.

ويوافق اليوم الجمعة السابع عشر من حزيران، ذكرى استشهاد أبطال سجن عكا الذين أعدمهم الجيش البريطاني عام 1930، عقب موجة ثورية عارمة اجتاحت فلسطين، وهم: عطا الزير وفؤاد حجازي ومحمد جمجوم، والتي سجلت كأحد الأحداث المفصلية في تاريخ الثورة الفلسطينية.

وترتبط حادثة الاستشهاد بأحداث أعقبت ثورة البراق، عام 1929، والتي شملت عددا كبيرا من المدن والقرى الفلسطينية؛ وفي مقدمتها القدس، يافا، حيفا وصفد، وأصدرت سلطات الاستعمار البريطانية أحكام الإعدام بحق 26 فلسطينيا شاركوا في ثورة البراق؛ ثم استبدلت الحكم بالسجن المؤبد لـ 23 منهم، ونفذت حكم الإعدام بالأبطال الثلاثة؛ الشهداء محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير.

ثورة ضد الاحتلال
وبدأت قصة الأبطال الثلاثة عندما اعتقلت قوات الشرطة البريطانية مجموعة من الشبان الفلسطينيين إثر ثورة البراق، هذه الثورة التي بدأت عندما نظم قطعان المستوطنين مظاهرة ضخمة بتاريخ 14 أغسطس 1929 بمناسبة ما أسموها “ذكرى تدمير هيكل سليمان”، أتبعوها في اليوم التالي 15 أغسطس بمظاهرة كبيرة في شوارع القدس لم يسبق لها مثيل حتى وصلوا إلى حائط البراق، وهناك راحوا يرددون “النشيد القومي الصهيوني”، بالتزامن مع شتم المسلمين.

وكان اليوم التالي هو يوم الجمعة 16 أغسطس والذي صادف ذكرى المولد النبوي، فتوافد المسلمون ومن ضمنهم الأبطال الثلاثة للدفاع عن حائط البراق الذي كان في نية اليهود الاستيلاء علية، فكان لا بدّ من الصدام بين العرب والصهاينة في مختلف المناطق الفلسطينية.

واستطاعت في حينه شرطة الانتداب اعتقال 26 فلسطينياً ممن شاركوا في الدفاع عن حائط البراق، وحكمت عليهم بالإعدام جميعا في البداية لينتهي الأمر بتخفيف هذه العقوبة إلى السجن المؤبد لـ23 منهم مع الحفاظ على عقوبة الإعدام بحق الشهداء الثلاثة جمجوم وحجازي والزير.

رسالة قبل الرحيل
وقد سُمح للشهداء الثلاثة أن يكتبوا رسالة في اليوم السابق لموعد الإعدام وقد جاء فيها: “الآن ونحن على أبواب الأبدية، مقدمين أرواحنا فداء للوطن المقدس، لفلسطين العزيزة، نتوجه بالرجاء إلى جميع الفلسطينيين، ألا تُنسى دماؤنا المهراقة وأرواحنا التي سترفرف في سماء هذه البلاد المحبوبة، وأن نتذكر أننا قدمنا عن طيبة خاطر، أنفسنا وجماجمنا لتكون أساسا لبناء استقلال أمتنا وحريتها، وأن تبقى الأمة مثابرة على اتحادها وجهادها في سبيل خلاص فلسطين من الأعداء، وأن تحتفظ بأراضيها فلا تبيع للأعداء منها شبرا واحدا، وألا تهون عزيمتها وألا يضعفها التهديد والوعيد، وأن تكافح حتى تنال الظفر”.

وأضاف الشهداء: “ولنا في آخر حياتنا رجاء إلى ملوك وأمراء العرب والمسلمين في أنحاء المعمورة، ألا يثقوا بالأجانب وسياستهم، وليعلموا ما قال الشاعر بهذا المعنى: ويروغ منك كما يروغ الثعلب”.

وتابعوا: “وعلى العرب في كل البلدان العربية والمسلمين أن ينقذوا فلسطين مما هي فيه الآن من الآلام، وأن يساعدوها بكل قواهم، وأما رجالنا فلهم منا الامتنان العظيم.. غايتنا الوطنية الكبرى، وأما عائلاتنا فقد أودعناها إلى الله والأمة التي نعتقد أنها لن تنساها. والآن بعد أن رأينا من أمتنا وبلادنا وبني قومنا هذه الروح الوطنية وهذا الحماس القومي، فإننا نستقبل الموت بالسرور والفرح الكاملين ونضع حبلة الأرجوحة، مرجوحة الأبطال بأعناقنا عن طيب خاطر فداء لك يا فلسطين”.

وختاما نرجو أن تكتبوا على قبورنا: “إلى الأمة العربية.. الاستقلال التام أو الموت الزؤام، وباسم العرب نحيا، وباسم العرب نموت”.

يوم الرحيل
وبعد أن حدد سلطات الانتداب يوم 17 يونيو 1930، موعداً لتنفيذ حكم الإعدام بحق هؤلاء الأبطال، فقد تحدى ثلاثتهم الخوف من الموت؛ إذ لم يكن يعني لهم شيئاً، بل على العكس تزاحم ثلاثتهم للقاء ربهم.

وتجسد حكاية الأبطال الثلاثة إحدى روائع التضحية في التاريخ المعاصر؛ فقد حول الأبطال الثلاثة يوم إعدامهم لاحتفالية وطنية، وعندما أبلغهم الجلاد موعد تنفيذ الحكم بدأ محمد جمجوم ورفيقاه بإنشاد نشيد: “يا ظلام السجن خيم”، ثم استقبلوا زائريهم قبل إعدامهم بساعة، وأخذوا بتعزيتهم وتشجيعهم وهم وقوف بملابس السجن الحمراء.

وفي الساعة التاسعة من يوم الثلاثاء 1930/6/17 نفذ حكم الإعدام شنقا بالشهيد محمد جمجوم، وكان ثاني القافلة الثلاثية رغم أنه كان مقررا أن يكون ثالثهم، فقد حطم قيده وزاحم رفيقه عطا الزير على الدور الثاني حتى فاز بمطلبه.

سيرة عطرة
وفي نبذة مختصرة عن سيرتهم الذاتية؛ فقد ولد الشهيد محمد جمجوم في مدينة الخليل، وتلقى دراسته الابتدائية فيها، وعندما خرج للحياة عرف بمقاومته للصهيونية، فكان يتقدم المظاهرات التي تقوم في أرجاء مدينة الخليل؛ احتجاجا على شراء أراضي العرب أو اغتصابها.

وأما الشهيد فؤاد حجازي؛ فقد ولد في مدينة صفد، وتلقى فيها دراسته الابتدائية ثم الثانوية في الكلية الأسكتلندية، وأتم دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية ببيروت.

وعرف منذ صغره بشجاعته وجرأته وحبه لوطنه واندفاعه من أجل درء الخطر الصهيوني عنه. وشارك مشاركة فعالة في مدينته في الثورة التي أعقبت أحداث البراق سنة 1929 وقتل وجرح فيها مئات الأشخاص.

وكذلك فقد ولد الشهيد عطا الزير في مدينة الخليل، وعرف عنه منذ الصغر جرأته وقوته الجسمانية، واشترك في المظاهرات التي شهدتها مدينة الخليل؛ احتجاجا على هجرة الصهاينة إلى فلسطين، ولاسيما إلى مدينة الخليل.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، مجزرة مروعة بحق النازحين، عقب قصف الطيران الحربي لمدرسة تُؤوي...