الأحد 11/مايو/2025

بـدرجات المئذنة والفانوس.. أطفال نابلس صائمون

بـدرجات المئذنة والفانوس..  أطفال نابلس صائمون

ما بين أجواء رمضانية، وعادات وتقاليد توارثها الآباء، تضع مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، بصمتها في تمهيد الطريق أمام الأطفال ليصوموا شهر رمضان، لكن بطريقتهم الخاصة.

فما بين طريقة الصوم بـ”درجات المئذنة”، أو الصوم للحصول على “الفانوس”، تكمن أنماط تربية وتأسيس فكر ونمط حياة  لدى الكثير من عائلات نابلس لتدريب أبنائهم الأطفال على الصوم.

يتحدث الحاج صبري لبادة، لـ“لمركز الفلسطيني للإعلام”، بالقول إن هذه الوسائل هي محاولة لتدريب الطفل على صيام رمضان، موضحا أنه “منذ أن كنا أطفالا صغارا تعودنا على سماع مصطلح صيام درجات المئذنة، وكان المقصود منها أن يقوم الطفل قبل سن التكليف بالصيام لفترة زمنية معينة خلال اليوم أو لعدة ساعات معينة بدون إجبار كي يستشعر أجواء رمضان وليتعود على صيامه قبل أن يأتي الوقت الذي سيطلب منه الصيام كتكليف شرعي”.

يتابع لبادة بالقول: “كنا نصر على صيام درجات المئذنة لساعات أطول من ما هو مطلوب منا ونخالف رأي الأهل لأن ذلك كان بالنسبة لنا مناسبة لإثبات قوتنا وشجاعتنا وامتحان يختبر صبرنا بين أندادنا من أطفال العائلة”.

ورغم مرور السنوات يتابع لباده: “ما زالت غالبية العائلات النابلسية تحافظ على هذا التقليد في تعاملها مع أبنائه الأطفال رغبة منها في تعويدهم على الانخراط بهذه الأجواء وتلك العبادة شيئا فشيئا”.

الفانوس الرمضاني
وتعتبر فوانيس رمضان هي الأخرى من الطقوس الرمضانية التي ترتبط بالأطفال بشكل خاص، حيث يسارع الكثيرون منهم إلى اقتناء تلك الفوانيس ابتهاجا واحتفالا بقدوم الشهر الفضيل، وجائزة يحصلون عليها تشجيعا لمشاركتهم صيام الشهر.

ويذكر الرجل السبعيني، الحاج سليم المصري، أن الفانوس الرمضاني في نابلس بات مشهداً مرتبطاً بالشهر الفضيل، ويروي قائلا: إنني لا أبالغ بأن الكثير من الأطفال وحتى الكبار لا يتذوقون طعم رمضان بلا  اقتناء الفانوس الرمضاني”.

ويشير المصري إلى أنه “منذ ولدنا ونحن نرى الشغف الكبير والإقبال على اقتناء الفوانيس الرمضانية حتى بات مشهداً وارثيا ثقافيا تتسابق العائلات بتوفيره لأطفالها مع حلول الشهر”.

ويشير المصري إلى أن بدايات استخدام الفانوس الرمضاني كانت تقوم على إشعاله بواسطة الشموع، ومع الأيام تطورت تلك الفوانيس لتبدأ بعدها مرحلة استخدام الأضواء الحقيقية في إشعالها ومن ثم تعليقها على مداخل البنايات والمحال التجاري أو حملها والطواف بها في أزقة وشوارع المدينة ولا سيما البلدة القديمة مع اللحظات الأولى لإعلان رؤية هلال شهر رمضان”.

تشكيل الشخصية
وعن القيم والمعاني التربوية لتلك العادات الرمضانية أكد الأستاذ مخلص سمارة،  المدرب في التنمية البشرية والمختص بالشأن التربوي؛ على أن كل العادات والتقاليد الرمضانية وارتباطها بالأطفال لها من المعاني التربوية الكثيرة والمهمة التي من شانها أن تشكل شخصية الطفل وتبني توجهاته فيما بعد على حد قوله.

وشدد سمارة على أن فكرة  تحبيب الطفل بعبادة من خلال  التدرج هو أمر في غاية الأهمية، كونه يلتقي بشكل كبير مع مبادئ التربية الحديثة القائمة على التحفيز المتدرج والتعويد المحمود للطفل.

 وتابع خلال حديثه لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”، أنه “من الجميل أن يقبل الطفل على عبادة بمحض إرادته، بل من الأجمل أن يبدأ الطفل التعلق بتلك العبادة أو العادة الايجابية ويسعى بكل أراده لإثبات  ذاته من خلال ممارستها”.

ونوه سمارة أيضا إلى أن فكرة صيام درجات المئذنة تحمل معنى تربويا مهم يتمثل بالثقة بالطفل، فمجرد أن نطلب من الطفل الصيام لعدة ساعات دون التشكيك فيها وبقدراته أولا أو بصدقه ثانيا، فهذا يعني بأن رزمة من الرسائل التربوية قد اكتسبها الطفل وتشربها وفي مقدمتها الثقة بالنفس والقدرة على تحمل المسؤولية”.

وعن فوانيس رمضان قال سمارة: “فوانيس رمضان هي الأخرى أسلوب للاحتفال  بالإنجاز قبل إتمامه، ووسيلة لتحبيب الطفل بهذا الشهر الفضيل، وكل العلماء في العصر الحديث يميلون إلى الحديث عن تحبيب الطفل بالعمل من خلال ممارسة ما نريد بالطريقة التي يحب، وبالتالي فإن إقبال الطفل على فوانيس رمضان وما يتزامن  معه من مظاهر سرور وفرحة واحتفال يجعلنا نشجع مثل هذه المظاهر، لما لها من ارتباطات نفسية وتربوية”. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات