الإثنين 05/مايو/2025

جمال دويكات.. على أعتاب رمضان نال الشهادة مقدامًا

جمال دويكات.. على أعتاب رمضان نال الشهادة مقدامًا

بلون الدم استهلت فلسطين شهر رمضان المبارك هذا العام، فلم تمض ساعات معدودة على بدء الصوم حتى جاء نبأ استشهاد الشاب جمال محمد مروح دويكات، من حي بلاطة البلد شرقي مدينة نابلس، متأثرا بجراحه.

فبعد ليلة اقتحم فيها عدد من المستوطنين، على رأسهم وزير الداخلية الصهيوني، قبر يوسف بحجة الصلاة؛ فيما أبلى الشهيد دويكات بلاءً حسنًا في مواجهة المحتلين، وقد عاد في الليلة التالية إلى الميدان ذاته، لكنه لم يعد إلى بيته صباحًا كعادته.

أحد الجنود الذين رافقوا مئات المستوطنين إلى قبر يوسف أطلق عيارًا ناريًّا متفجرًا صوب دويكات، أصاب رأسه مباشرة، ونقل على إثره إلى مستشفى رفيديا، وأجريت له عملية جراحية على عجل، لكن الرصاصة كانت قد تركت ضررًا بالغًا في دماغه.

ومع ظهيرة يوم السبت نقل إلى مستشفى “تل هشومير” في الأراضي المحتلة عام 1948، لكن حالته كانت تزداد سوءا.

صباح اليوم الأول من رمضان نزل خبر استشهاده كالصاعقة على أسماع كل من عرفه، ومن كان لديه أمل ضئيل بأن يعود إلى أهله وأصدقائه ورفاق دربه.
 
شجاعة وإقدام

في ديوان آل دويكات في بلاطة، وقبلها أمام مستشفى رفيديا، كانت جموع المعزين خير شاهد على ما لهذا الشاب من مكانة خاصة في قلوب أبناء حيّه ومدينته.

وبانتظار خروج الجثمان من المستشفى كان محمود، أحد أصدقاء الشهيد، يقف على الباب وقد أعيت عينيه البكاء، وقال لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “الله يرحمه، كان من خيرة شباب بلاطة البلد، طلب الشهادة ونالها”.

ويضيف: “عاش معاناة الأسر، وبعدها معاناة الجراح، وأخيرًا نال الشهادة”.

ويبدي محمود إعجابه بالشجاعة الكبيرة التي كان يتمتع بها صديقه الشهيد، وحبه لمقاومة الاحتلال حتى في أسوأ الأحوال، ويقول: “كنت تراه في المطر الشديد يخرج ليواجه الاحتلال والمستوطنين الذين يأتون لقبر يوسف”.

ويؤكد أن جنود الاحتلال تعمدوا إعدام الشهيد عندما أطلقوا عليه الرصاص المتفجر بشكل مباشر على رأسه ومن بعد 50 مترًا.
 
شموخ قبل الرحيل

لم يكن من السهل على محمد دويكات، والد الشهيد جمال، أن يودع أكبر أبنائه الخمسة شهيدًا، وكانت الكلمات تخرج من فمه بصعوبة بالغة. وقال لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “جمال شاب محبوب من الجميع، نحتسبه عند الله شهيدا”.

وعن ليلة استشهاده، يضيف والده: “كان شامخًا يشعرك بأنه ذاهب ليستشهد ولن يرجع”. لافتًا إلى أنه قاله له: “هذه الليلة أفضل ليلة عندي،” وكأنه كان يعرف أن هذه الليلة هي ليلة شهادته.

ويشير إلى أن ابنه كان يحب مقاومة المحتلين، وما كانت تفوته أية مواجهة عند قبر يوسف أو غيره من مواقع الاحتكاك، واعتقل لمدة ثلاث سنوات في سجون الاحتلال على خلفية مشاركته بالمواجهات.

ويضيف أن الاحتلال لم يترك ابنه ليعيش بأمان، فقد اعتقله بعمر 16 عاما وهو لا يزال على مقاعد الدراسة، وأفرج عنه قبل حوالي عام فقط.
 
خنجر مغروز

ويشكل قبر يوسف، نقطة احتكاك شبه أسبوعية، كلما أراد المستوطنون اقتحامه بحجة الصلاة، ويكون ذلك تحت حراسة مشددة من قوات الاحتلال.

ويصف خالد دويكات، عم الشهيد جمال، قبر يوسف بالخنجر المغروز في صدر نابلس، خاصة لأهالي بلاطة البلد والمنطقة المجاورة. ويقول لمراسل: “المركز الفلسطيني للإعلام“: “منذ نهاية السبعينيات ونحن في معانا مستمرة من قبر يوسف، فكل المنطقة تعاني منه، خاصة البيوت القريبة”.

ويبين أن الاحتلال يفرض حصارًا على هذه المنطقة كلما جاء المستوطنون بحجة الصلاة، فيمنع التجول، ويطلق الجنود قنابل الصوت والغاز بكثافة.

ويضيف: “من حقّنا أن نقاومهم بأي شيء نمتلكه، وأبناؤنا يخرجون للمواجهة بالحجارة والهتاف، لكن الاحتلال يواجههم بالرصاص الحي”.

ويشير إلى أن جمال ليس الشهيد الأول عند قبر يوسف، فقد ارتقى العديد من الشهداء من بلاطة البلد ومن مخيم بلاطة وغيرهما خلال السنوات الماضية، كما أصيب العشرات، بعضهم اقتلعت أعينهم أو أصيبوا بالشلل.

ويضف أن 90% من شباب بلاطة البلد اعتقلوا بسبب المواجهات عند قبر يوسف، وكان هو أحدهم في شبابه، كما أن لائحة اتهام أسرى بلاطة البلد لا تخلو من المشاركة بمواجهات قبر يوسف.
 
ابتزاز

ورغم استشهاده على سرير المستشفى، إلا أن ذلك لم يمنع الاحتلال من استخدام جثته الهامدة لابتزاز ذويه واهل منطقته.

وكان العشرات من أصدقاء الشهيد وأهالي بلاطة البلد قد حاولوا الهجوم على قبر يوسف ردًّا على استشهاده، وتصدت لهم أجهزة أمن السلطة التي ترابط في محيط القبر لحمايته.

ويقول عمه خالد إن مماطلة الاحتلال بتسليم جثمان الشهيد لم تكن غريبة على الاحتلال الذي يمارس سياسة الابتزاز والتعذيب النفسي.

ويشير إلى أن الاحتلال لعب على أعصابهم من خلال إبلاغهم عبر الارتباط الفلسطيني بموعد تسليمه عدة مرات، وفي كل مرة كانوا يؤجلون الموعد، كنوع من التعذيب والقهر النفسي.

ويختم بالقول: “مهما فعلوا فلن يقهرونا.. نحن صامدون، مرابطون، ثابتون على هذه الأرض، فإما النصر وإما الشهادة”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات