الثلاثاء 02/يوليو/2024

وثائق تكشف الفساد المالي والإداري لرئيس ديوان الرقابة بالسلطة

وثائق تكشف الفساد المالي والإداري لرئيس ديوان الرقابة بالسلطة

كشفت صحيفة “العربي الجديد” في سلسلة من الوثائق الحصرية، أن رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية في السلطة الفلسطينية إياد تميم، يتلقى راتبين من وزارة المالية وهيئة التقاعد في الوقت ذاته، كما أنه قام بترشيح والديه وآخرين لتأدية مناسك الحج العام الماضي بعيدا عن القرعة التي تجرى كل عام، بالإضافة إلى تسديد فواتير خاصة به.

المسؤول الفلسطيني، رفض اعتبار حصوله على راتبين بالأمر المخالف للقوانين واللوائح الإدارية المنوط به الرقابة عليها، والسهر على تطبيقها، إذ يتعدى الأمر به إلى اعتباره حقا مكتسبا وأمرا طبيعيا.

حصول تيم على راتبين وثّقه “العربي الجديد” عبر سلسلة من الوثائق الحصرية التي تكشف عن ثلاثة أنواع من المخالفات القانونية والإدارية، بحسب التحقيق التالي حول أداء رئيس أعلى جهة رقابية بموجب القوانين الفلسطينية، والذي يمتلك حق الرقابة على جميع المؤسسات الفلسطينية، بدءا من مكتب الرئيس، وصولا إلى الحكومة وجميع المؤسسات الفلسطينية العاملة في الأراضي المحتلة. 

تميم يقول، إن الهدف من إنشاء الدائرة التي يرأسها، هو ضمان سلامة العمل والاستقرار المالي والإداري في فلسطين، وكشف أوجه الانحراف المالي والإداري، واستغلال الوظيفة العامة، والتأكد من أن الأداء العام يتفق مع القوانين، إلا أن صحيفة العربي الجديد ومقرها لندن، أثبت بالوثائق والأدلة أن تميم يستغل منصبه للحصول على راتبين، الأول راتب تقاعدي عن أعمال خدمته قاضيا سابقا، إضافة إلى راتبه الحالي عن عمله رئيساً لديوان الرقابة المالية والإدارية، وهو ما يخالف القوانين الفلسطينية.

يعلق تيم على التحقيق في تصريحات خاصة لـ”العربي الجديد”:”بالنسبة لنا كديوان رقابة مالية وإدارية، من يتقاضى راتباً أو راتبين، فإنه يتقاضى ذلك ضمن نظام وزارة المالية وديوان الموظفين، ولا يتم صرف رواتب جزافا، فهناك قانون يحكم العلاقة”. وتابع:”هناك قرار بقانون صادر من الرئيس أبو مازن، والنظام المالي لرئيس ديوان الموظفين يحكم هذه العملية”.

لكن الخبير القانوني عصام عابدين كشف لـ”العربي الجديد” أن القرار الرئاسي رقم 61 لعام 2010، بشأن تحديد الحقوق المالية وراتب رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية واضح، إذ تؤكد المادة (5) من القانون على أنه “لا يجوز لرئيس الديوان الجمع بين المكافأة والراتب الشهري أو أية مكافأة وراتب تقاعدي آخر من الموازنة العامة”.

هنا يعلق تيم من جديد:”الراتب التقاعدي هذا حق للموظف، يتقاضاه نتيجة مساهماته أثناء عمله، وحصلت أنا على تقاعد من القضاء، وقد حصلت على قرار التقاعد مقابل خدمة 22 عاما في الجهاز القضائي وهذه مساهمتي، وهيئة التقاعد المدني مستقلة عن وزارة المالية ولا علاقة لها بذلك”.

لكن الخبير الاقتصادي الفلسطيني جعفر صدقة، يرد على ما سبق قائلا: “المفروض وفق القانون أن هيئة التقاعد مستقلة ماليا وإداريا ولا تتبع لوزارة المالية بأي شكل من الأشكال، لكن الواقع أن جميع أموال هيئة التقاعد يتم استغلالها في وزارة المالية لتمويل الرواتب ومصاريف الحكومة، وهذا يؤثر في حقوق المتقاعدين الذين تتأثر رواتبهم سلبا أو إيجابيا بالوضع المالي للسلطة”.

إحالة للتقاعد
وتكشف مصادر مطلعة أن قرار إحالة رئيس الديوان على التقاعد (رغم أنه معين بوظيفة عامة أخرى) بقى قيد النقاش مثيرا أجواء من الحيرة في هيئة التقاعد الفلسطينية طيلة 3 أشهر، بسبب اعتباره مخالفا لقانون التقاعد المدني رقم 7 لسنة 2005 وقانون التقاعد المدني 34 لسنة 1959 والقرار رقم 61 لسنة 2010، لكن الهيئة حصلت على مخرج عبر الكتاب الموجه لوزارة المالية والذي أعادت فيه التأكيد على أن تيم أُعيد تعيينه بتاريخ 2 يناير/كانون الثاني 2015.

وبينما رفضت هيئة التقاعد الفلسطينية التعقيب على الموضوع، مؤكدة لـ”العربي الجديد”: “أنها ستعقب على الموضوع لاحقا”، فإن تيم قال: “هناك نص واضح في القانون رقم 61 لعام 2010 ومفاده: “يجوز لرئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية الجمع بين مستحقاته التقاعدية وأية مستحقات تقاعدية أخرى من الموازنة العامة، بما لا يتجاوز الحد الأقصى المنصوص عليه في هذا القرار”. ويتابع: “هذا حقي، والنص واضح، ولست أنا من وضع هذا القانون في 2010 أي قبل وصولي بخمس سنوات”.

لكن القانوني عابدين، ردّ على ما سبق قائلا: “القرار الرئاسي واضح ويجيز أن يجمع بين مستحقاته التقاعدية وأي مستحقات تقاعدية أخرى من الموازنة، بما لا يتجاوز الحد الأقصى المنصوص عليه في هذا القرار الرئاسي، بمعنى أنه يتقاضى عن التقاعد وفق منصبه كرئيس بعد أن ينهي مهامه في الديوان، أي أن الصحيح أن يجمع بين التقاعدين، وألا يزيد التقاعد بشكله النهائي عن الحد الأقصى عن تقاعده كرئيس للديوان”.

ووفقا لما وثقه معد التحقيق فإن جميع القوانين التقاعدية النافذة والمستند إليها بنص ومتن قرار مجلس الوزراء بالإحالة إلى التقاعد تنص بوضوح على عدم جواز الجمع بين راتب تقاعدي وراتب مقابل خدمة حالية، وتبقى مدد الخدمة السابقة من حق الموظف إلى حين إحالته نهائيا للتقاعد لعمل التسويات التقاعدية للمدتين.

تجاوز عائلي لـ”قرعة” الحج

بحسب وثائق “العربي الجديد”، فإن رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية قام بتزكية والديه ومواطنين آخرين لأداء فريضة الحج كحالات خاصة في موسم العام
الماضي 2015، الأمر الذي يراه مراقبون مناقضا للقانون الأساسي الذي منح الفلسطينيين فرصا متساوية أمام القانون.

وتخضع عملية اختيار المسافرين لتأدية فريضة الحج لآلية القرعة العشوائية لاختيار عدد محدد من بين الراغبين في أداء الفريضة، بسبب محدودية عدد التأشيرات السنوية، ما يخلق ازدحاما شديدا من قبل المتقدمين في كل عام.

ووفقا لوثائق “العربي الجديد” فقد طلب تيم من وزير الأوقاف يوسف ادعيس القيام بالحج مع والديه، “على أن يدفع رسوم وتكاليف الحج أصولا” كما جاء في كتاب صادر عن ديوان الرقابة المالية والإدارية وتم التأشير عليه بالاعتماد والحفظ في ملف الوزراء، فضلا عن تزكية مواطنين آخرين لأداء الفريضة عبر كتاب تزكية آخر من الديوان إلى وزارة الأوقاف.

وبحسب مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد” فإن شكاوى قدمت لديوان الرقابة المالية والإدارية حول مخالفات حدثت في موسم الحج في عام 2015، واحتوت الشكوى على كشوف رسمية لأسماء تمت تزكيتها لأداء الفريضة، تحت بند حالات خاصة، كما احتوى الكشف على اسم رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية ووالديه.

وبحسب مصادر قانونية فإن هذه المخالفة تعد ضربا لجوهر القانون الأساسي الفلسطيني من جهة، وتضاربا للمصالح من جهة أخرى، إذ يمثل ديوان الرقابة المالية والإدارية أعلى سلطة رقابية على موسم الحج، ويشارك عبر ممثلين من الديوان في الرقابة على الموسم، فضلا عن تصدير الديوان لتقرير سنوي عن المخالفات التي تعتريه.

ويتعرض موسم الحج في فلسطين لانتقادات واسعة من المواطنين الذين يرون أن هناك تجاوزا لأسس الشفافية وتجاوز لآلية “القرعة” بحيث يكون الاختيار على أسس المحاباة والعلاقات. لكن تيم رد على ما سبق قائلا: “هناك سياسة موجودة في وزارة الأوقاف وهذا طبعا في كل دول العالم، وهناك مقاعد مخصصة لكبار المسؤولين والوزراء، وأقل واجب أن تسمح لهم أن يؤدوا فريضة الحج، على نفقتهم الخاصة”.

لمتابعة تفاصيل أوفى، يمكنكم قراءة التحقيق كاملا عبر صحيفة العربي الجديد من خلال الرابط: اضغط هنا

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مقتل مستوطن بعملية إطلاق نار قرب نابلس

مقتل مستوطن بعملية إطلاق نار قرب نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام قتل مستوطن بعملية إطلاق نار -الثلاثاء- بالقرب من مستوطنة "هار براخ" المقامة عنوة على أراضي المواطنين في قريتي بورين...