السبت 05/أكتوبر/2024

خطة ليبرمان لفتح وحماس

د. خالد معالي

انشغل الكتاب والمحللون في هذه الأيام من داخل دولة الاحتلال أو حتى من الفلسطينيين، عن ما أعده ويعده “افغدور ليبرمان” وزير حرب الاحتلال الحالي لحركتي فتح وحماس بعد استلامه لحقيبة الجيش، الأكثر تأثيرا في الكيان؛ كون  فتح هي المؤثرة والفاعلة في الضفة الغربية، وحماس هي المؤثرة في قطاع غزة، وتعد العدة للرد على الحرب العدوانية القادمة والمتوقعة، بالمزيد من التسلح والتجهيز وبناء الأنفاق.

من خلال المتابعات والقراءات المتعددة لمختلف الآراء، انقسم المحللون إلى تيارين؛ الأول يرى أن “ليبرمان” سيزيد من تطرف الكيان، وبتطرفه المتزايد  من المنطقي أن لا يفرق بين فتح حماس،  فكلهم فلسطينيون بنظره، وأعداء لدولة الاحتلال بالنسبة له، حتى وان كانت فتح في المرحلة الحالية؛ لا تقاوم الاحتلال بعد توقيعها على “أوسلو” منذ 23 عاما؛ والذي كان من المفترض أن يقود لدولة فلسطينية على حدود عام 67، خلال المرحلة الانتقالية المقدرة بخمس سنوات بحسب اتفاقية “أوسلو”، لولا تنكر الاحتلال.

إلا أن التيار الثاني يرى أن “ليبرمان” سيفرق بين الفصيلين الأكبر على الساحة الفلسطينية؛ فهو ليس بهذه السذاجة، حتى وإن كان متعطشا لسفك الدماء، ويرون أنه من غير المنطقي وضع حماس وفتح في سلة واحدة، ففتح لها برنامجها التفاوضي، وطريقتها في فهم الأمور المختلفة كلية عن حركة حماس، وهو ما ينعكس ويترجم على أرض الواقع، ويفهم بصراحة ويظهر بشكل جلي وواضح، فيما لو افترضنا أن حماس تمسك بزمام الأمور في الضفة وليس فتح، ولكم أن تتخيلوا الوضع كيف سيكون وقتها.

سواء اختلفت الآراء أو توحدت حول ما  هو متوقع من “ليبرمان” مستقبلا؛ فإن المنطق يقول أنه سيزيد من الضغط على فتح والسلطة، كون فتح لا تملك أوراق قوة وضغط تستطيع أن تلوح بها في وجه “ليبرمان” الذي لا يؤمن بغير القوة، وأنه يستطيع أن يركع من أراد، ويحقق الأمن دون اتفاقيات التي هي أصلا منتهكة من قبل الاحتلال، ويدعو لحل السلطة وإنهائها بحسب وجهة نظره من خلال تصريحاته العلنية على الملأ،  ولا يخفيها.

يبقى السؤال ما سيفعله “ليبرمان” في غزة؛ فهناك المحك الفعلي لتطبيق برنامجه وأي مدى يستطيع أن يحقق منه، وهي المحك لصوابية طريقة فهمه للأمور والتعامل معها، وهل سينجح “ليبرمان” فيما فشل به جيشه الذي لا يقهر في ثلاث حروب مدمرة على غزة؟! وهل يقدر “ليبرمان” على إقناع وجر قيادات الاحتلال لشن حرب جديدة على غزة؟!

بالرغم من جعجعة “ليبرمان” وعرض عضلاته، سيسارع لعقد صفقة الأسرى، لأنه يدعي ويزعم أمام جمهوره أنه قوي، والقوي لا يسمح باستمرار وقوع جنوده في الأسر، والقوي يرجعهم إلى عائلاتهم بسرعة، ولا حل له إلا بالصفقة، وليس بدخول غزة التي حاول من قبله دخولها لتحرير أسرى جيش الاحتلال وفشلوا فشلا ذريعا.

سيقع “ليبرمان” في فخ غزة؛ فهي أصبحت كالشوكة في الحلق بالنسبة لكيان الاحتلال، فلا الشوكة قابلة للانتزاع ولا هي قابلة للبلع، ومن هنا فإن برنامج وأحلام “ليبرمان” ستتحطم على أبواب غزة، ليس لأن “ليبرمان” وجيشه ضعيف، بل على العكس يملك قوة عسكرية ضخمة ومدمرة؛ بل لأن غزة باتت عصية على الانكسار بفعل سلاح الأنفاق الذي يجعل قوة جيش الاحتلال بسلاح طيرانه الأقوى غير فاعل، والذي هو رمز قوته المدمرة؛ وبسببه انتصر على  الدول العربية في ستة أيام، واحتل أراضيها عام 67.

صحيح أن دولة الاحتلال فيها مؤسسات فاعلة وقوية التأثير، ولا تخضع لفهم شخص واحد للأمور، ولكن هذا الشخص ليس بشخص وإنسان عادي، بل هو مؤثر ولديه تأييد واسع من قبل المهاجرين اليهود الروس في دولة الاحتلال، وأصلا الأحداث تتحرك بسرعة، وتدهم الجميع، وتدفع بعضها بعضا كجدلية تاريخية وسنة كونية لا بد منها، ومن هنا فان “ليبرمان” سيكون مؤثرا وفاعلا، ولكنه سيفشل كما فشل من قبله في تركيع غزة؛ وقد تهاجمه غزة وتحرر أراضي فلسطينية؛ كما يتوقع حتى كتاب ومحللون في دولة الاحتلال.
 
 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات