صراع الكيان حول «أخلاقياته»

لم يكن الخلاف الذي انفجر إلى العلن بين نتنياهو ووزير حربه موشيه يعلون، سوى التعبير الأوضح عن أحد مظاهر الأزمة التي تعصف بالكيان الصهيوني، من القاعدة إلى القمة، حول ما يسمونه بـ«أخلاقيات» الكيان ومدى الانحطاط الذي وصل إليه على المستويين المجتمعي والأمني- العسكري، خصوصاً في التعامل مع الفلسطينيين، بجانب الصراع في أعلى الهرم على احتكار القوة، وتوظيفها في خدمة المصالح الشخصية والحزبية.
يأتي هذا الخلاف في خضم سجال حاد بين المؤسستين العسكرية والسياسية، على خلفية التصريحات التي أطلقها نائب رئيس الأركان يائير غولان، وشبه فيها أجواء التطرف والعنف الصهيوني وممارسات جيش الاحتلال بالممارسات النازية، وهي تصريحات لم ترق لنتنياهو، التي اعتبرها مضرة بالكيان في الساحة الدولية. كما أنه يتزامن مع انقسام عنصري وطائفي وعرقي داخل المجتمع الصهيوني أوصل هذا المجتمع إلى ذروة التطرف والعنف، ودفع به لإنتاج حكومة من عتاة اليمين والتطرف الصهيوني، يقودها نتنياهو.
في خضم هذه التداعيات، جاءت تصريحات يعلون المؤيدة للقادة العسكريين، ودعوته ضباط الجيش إلى التعبير عن آرائهم دون خوف حتى لو كانت مخالفة لمواقف القيادة السياسية، لتكون كـ«الشعرة التي قصمت ظهر البعير» بين الاثنين، حيث سارع نتنياهو إلى استدعائه وتوبيخه أيضاً، في محاولة لـ «قصقصة أجنحته» كما فعل بوزراء سابقين، وإن كانت بعض المصادر الصهيونية حاولت التخفيف من الشرخ الحاصل بالحديث عن جلسة «استيضاح للمواقف»، أسفرت عن بقاء المواقف على حالها، فيما اعتبرت مصادر صهيونية أخرى أن الأمور بينهما وصلت إلى نقطة اللاعودة، وأن تصريحات يعلون دفعت نتنياهو إلى السعي لتوسيع حكومته، عبر ضم الحزب اليميني المتطرف ««إسرائيل» بيتنا» بزعامة افيغدور ليبرمان، أو تشكيل ما يسمونه بـ«حكومة وحدة» مع «المعسكر الصهيوني» بزعامة إسحاق هيرتسوغ، وفي الحالتين ستكون وزارة الحرب موضوعاً للمساومة.
والواقع أن هذا الصراع لم يكن نتاج تناقضات متراكمة ومتدرجة في المواقف بين المستويين السياسي والعسكري فحسب، بقدر ما هو نتاج لإفرازات المجتمع الصهيوني برمته الذي جنح أكثر فأكثر نحو التطرف والعنف والإرهاب، وأوصل ممثليه هؤلاء إلى سدة الحكم، مما جعل الفجوة تضيق بين قادة هذا المجتمع ورغبات جمهوره؛ فيعلون كان من أخلص رجالات نتنياهو، رغم وجود بعض الخلافات بينهما كدفاع يعلون عما يعده «قيم العقيدة» و«أخلاقيات الجيش» أو مطالبته بتسليم جثامين الشهداء الفلسطينيين، في حين لا يستطيع نتنياهو سوى التساوق مع «أخلاقيات الجمهور»، حيث إن الأغلبية الساحقة رفضت انتقادات غولان، وتشبيهه ممارسات جيش الاحتلال بالنازية، كما أبدت هذه الأغلبية تأييدها لإعدام الجريح الفلسطيني عبد الفتاح الشريف بدم بارد في الخليل، وتضامنها مع السفاح الصهيوني وعائلته، مما يجعل من الأزمة الدائرة في الكيان أكبر بكثير من مجرد أزمة في أعلى الهرم السياسي والعسكري، لتطال عمق المجتمع الصهيوني وصورته في عيون المجتمع الدولي.
المصدر: صحيفة الخليج الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...

الأمم المتحدة تحذّر من استخدام المساعدات في غزة كـ”طُعم” لتهجير السكان
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت هيئات الأمم المتحدة من مخاطر استخدام المساعدات الإنسانية في قطاع غزة كوسيلة للضغط على السكان ودفعهم قسرًا للنزوح، مع...

الإعلامي الحكومي: الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين
المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع...

حماس تردّ على اتهامات السفير الأمريكي: أكاذيب مكررة لتبرير التجويع والتهجير
المركز الفلسطيني للإعلام رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات السفير الأمريكي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، التي اتهم فيها الحركة بالتحكّم...

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...

حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع...

صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريون
المركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى...