الكيان الصهيوني بين نكبة فلسطين وهزيمته
حدثت النكبة لأن الجهة المقابلة للعصابات الصهيونية، أي الدول العربية، كانت تحت احتلال، أو هي دول قد تحررت للتوّ منه. ومن الصعب أن تقاوم عدواناً بحجم عصابات قوامها 90 ألفاً (آخر عام 1948)، بينما كان عديد الجيوش العربية المتواجدة حوالي 40000 جندي، وهي جيوش لا تملك أسلحة توازن أسلحة تلك العصابات. فضلاً عن أن الإنكليز كانوا يتدخلون إذا رجحت الكفة لصالح العرب، مثل إسقاط الطائرات المصرية التي كانت تقصف “تل أبيب”.
كما أن الدول العربية لم تكن تحظى بالرعاية التي حظيت بها العصابات الصهيونية، من تسليح وتنظيم. حتى إن الشرق والغرب قد اجتمع على ضرورة رعاية الكيان الصهيوني المنتظر. والأسلحة تأتي من تشيكوسلوفاكيا الشرقية كما بريطانيا في التكتل الغربي.
يُضاف إلى ذلك أن معظم المهاجرين اليهود كانوا من طبقة نخبوية وليسوا من الفقراء. فعلى سبيل المثال فإن إحصاء عام 1940 يشير إلى أنه في الوسط اليهودي كان هناك 40 طبيباً لكل 10 آلاف من السكان (الأولى عالمياً)، بينما سويسرا ثانياً بـ17 لكل 10 آلاف. وعلى رغم تقدم الفلسطينيين على كل دول المنطقة بالإحصاء المذكور إلا أنهم بعيدون عن المهاجرين الجدد.
وكان رأي كل الخبراء الغربيين بأن النصر العسكري نتيجة العوامل السابقة سيكون لصالح العصابات الصهيونية وداعميها. فهذا مستشار وزير الخارجية البريطاني هارولد بيلي يسرّ إلى الخبراء الأميركيين بأن “اليهود إذا ما دُعموا بالمجندين الوافدين من البحر، سيتمكنون، في بعض الوقت على الأقل، من أن يصدّوا، وربما من أن يهزموا الجيوش العربية السيئة التنظيم، والضعيفة التجهيز”.
كذلك كان هذا رأي الكولونيل روشر لوند، أحد خبراء الأمم المتحدة، إذ صرّح أن “اليهود متفوقون بما لا يُقاس على العرب، وذلك بفضل احتياطهم الكبير من الضباط المدربين والمتمرسين بميدان الحرب”. من هنا فإن الحرب لم تكن كما تروّج النظرية الصهيونية بأنها بين “داود وجالوت”، بل معركة غير متكافئة لصالح العصابات الصهيونية.
هذا بالأمس، أما اليوم فمختلف تماماً. فالكيان الصهيوني الذي كان يسعى إلى دمج الأشكنازيم والسفارديم في جيل واحد أطلق عليه “الصابريم”، فشل مسعاه تماماً. والانقسام بين العلمانيين والمتدينين آخذ بالتفاقم، وهناك حوالي نصف مليون لا يعترفون باليهودية كديانة. فضلاً عن حوالي 20 بالمائة يتحدثون الروسية، فنحن إزاء أكثر من لغة، وأكثر من ثقافة، يُضاف إلى ذلك أن المجتمع الذي كان يفخر بأساطير نشأته يقول 52 بالمائة منهم أنهم يخجلون من كونهم إسرائيليين.
إن العصابات الصهيونية التي كانت تجلب اليهود على وعد بدولة مستقرة ثبُت زيف وعودها. فالمقاومة تتطور، وتتجذر بحكم نجاعتها وفشل الخيارات الأخرى، كما أن الكيان الصهيوني لم يعد قادراً على التوسع، فضلاً عن الاستقرار فيما احتله. لذا فإن حملة الجنسيات غير الإسرائيلية في الكيان الصهيوني يزدادون بفعل ازدياد المخاوف. والمدن التي كانت تُعتبر شبه آمنة منذ انتهاء عام 1948، ها هي تُقصف من قبل المقاومة منذ عام 2012.
الكيان الصهيوني أضعف حالاً مما كان عليه عام 1948، والمقاومة أقوى بما لا يُقاس مما كانت عليه ذلك العام، والجغرافية هي الحقيقة التي تحاصر هذا الكيان الغريب.
كاتب فلسطيني
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
البرغوثي يوضح تفاصيل ندوة إيطاليا ويؤكد: سنتصدى للتطبيع بكل أشكاله
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام تعهد الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي، باستمرار التصدي للتطبيع بكل أشكاله...
مجزرة جديدة .. 16 شهيدًا بقصف الاحتلال مدرسة تؤوي نازحين في النصيرات
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد 16 مواطنا، وأصيب 75 آخرون، اليوم السبت، في مجزرة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في مدرسة تؤوي نازحين في مخيم...
القسام يواصل التصدي لقوات الاحتلال بمحاور التوغل في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، تنفيذ عدة عمليات واستهداف آليات الاحتلال وقواته في محاور التوغل في...
سرايا القدس تقصف سديروت وتوقع قوة للاحتلال بالشجاعية في كمين
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، توجيه رشقة صاروخية لمستوطنة سديروت ،وإيقاع قوة صهيونية في...
الاحتلال يعتدي على عشرات المصلين ويمنع دخولهم الأقصى
القدس المحتلة- المركز الفلسطيني للإعلاماعتدت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، على عشرات المصلين ومنعتهم من الدخول للمسجد الأقصى المبارك. واضطر...
السلطات الألمانية توقف ممدوح بدوي على خلفية إيصال تبرعات إلى غزة
برلين - المركز الفلسطيني للإعلام أوقفت السلطات الألمانية، رئيس هيئة الإغاثة العالمية في ألمانيا، ممدوح بدوي، فور وصوله إلى مطار ميونخ قادما من...
الشرطة: الاحتلال يستهدف ضباطنا وعناصرنا لينشر الفوضى في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت المديرية العامة للشرطة بقطاع غزة، إن الاحتلال الإسرائيلي يسعى لنشر الفوضى من خلال استهدافه المتكرر للضباط...