الأحد 06/أكتوبر/2024

الشهيدة لينا النابلسي.. دمها ما زال يغني للعودة

الشهيدة لينا النابلسي.. دمها ما زال يغني للعودة

“لينا كانت طفلة تصنع غدها، لينا سقطت، لكن دمها كان يغني للجسد المصلوب الغاضب، للقدس ويافا وأريحا، للشجر الواقف في غزة، للنهر الهادر في الأردن، للجسد الغاضب في الضفة، يا نبض الضفة لا تهدأ أعلنها ثورة، حطم قيدك اجعل لحمك جسر العودة”.. هكذا وصفت الأغنية الشهيرة “نبض الضفة” الشهيدة لينا حسن مصباح النابلسي.

وفي الذكرى السنوية الأربعين لاستشهادها على أرض نابلس بذكرى النكبة، ما زالت لينا أغنية تتردد على ألسن الواثقين بالعودة.

لينا، ابنة الـ(17) ربيعا، كانت ثاني شهيدات نابلس منذ احتلالها عام 1967 بعد شادية أبو غزالة التي استشهدت أثناء إعداد عبوة ناسفة عام 1968، والثالثة في فلسطين.

ورغم استشهاد المئات من فتيات فلسطين بعد لينا، إلا أن اسمها ما زال محفورا في ذاكرة السنين، وما زالت قصتها تلهم الشعراء والأدباء والفنانين.

وبعد مرور أربعين عاما على استشهادها، لا تزال شقيقتها الكبرى “مها” تذكر ذلك اليوم بكل تفاصيله المؤلمة.

تقول مها لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “لينا كانت فتاة مميزة في كل شيء، فكانت نشيطة بالعمل السياسي في الشارع، وفي البيت والمدرسة”.

وتروي مها، كيف أن شقيقتها التي كانت من أوائل الطالبات في الصفة الثاني الثانوي (الحادي عشر)، تعرضت للاستجواب لدى الاحتلال في الأيام الأخيرة قبل استشهادها، وتم تهديدها إذا لم توقف نشاطاتها.
 
قتل متعمد

تقول مها: “في السادس عشر من (مايو) أيار، كان يوم أحد، وقبل أن تتوجه لينا إلى مدرستها لتقديم أحد الامتحانات النهائية، طلبت منها والدتي أن لا تذهب خوفا عليها من غدر الاحتلال”.

وتضيف: “لينا ألحت على والدتها أن تأذن لها بالذهاب، ووعدتها بأن تبقى الأولى على جميع شُعب مدرستها، وأن تعود للبيت فور انتهاء الامتحان، لكنها عادت شهيدة على الأكتاف مضرجة بدمائها”.

فبعد خروجها من مدرسة العائشية شرقي المدينة، شاركت لينا بمظاهرة لإحياء ذكرى النكبة، واشتبك المتظاهرون مع جنود الاحتلال الذين قمعوا المظاهرة بعنف.

وتؤكد مها أن شقيقتها تعرضت لعملية اغتيال بدم بارد على يد جندي صهيوني طاردها حتى بعد انتهاء المظاهرة.

وتقول: “لجأت لينا مع صديقتها شروق جعارة إلى محل للحدادة في حارة الشيخ مسلم بالبلدة القديمة، وبعد أن هدأت المواجهات، صعدتا إلى منزل صديقة لهما من عائلة المصري”.

لاحظ أحد الجنود الفتاتين فطاردهما إلى داخل المنزل بعد أن كسر الباب، وأطلق رصاصتين على لينا، وشد صديقتها من يدها بعنف.

أصيبت لينا بوريدها الأيمن وصدرها، واستشهدت في مكانها، أما صديقتها فتبعتها بعد 40 يوما بالسرطان نتيجة إصابة الغدة الليمفاوية.

حُمِلت لينا إلى المستشفى الوطني، وجاءت قوة من الاحتلال إلى المستشفى لخطفها، لكن الجموع المحتشدة في المستشفى تمكنت من تهريبها إلى منزل عائلتها.

وتذكر مها كيف أن مدينة نابلس خرجت عن بكرة أبيها في تشييع جثمان شقيقتها، وفي ذات الوقت خرجت كل مدن فلسطين بمظاهرات عارمة تنديدا بالجريمة.

وبعد أن ثبتت الجريمة على الجندي الصهيوني قاتل لينا، أصدرت المحكمة العسكرية عليه حكما بالسجن 4 شهور مع وقف التنفيذ.
 
خالدة بالذاكرة

لينا التي كانت تتمتع بذكاء شديد، تميزت في الكتابة والتطريز والتمثيل المسرحي باللغة الإنجليزية، وساعدها في ذلك والدتها التي كانت تدرّس اللغة الإنجليزية، كما كانت تهوى كرة السلة.

تقول مها: “لينا لا تزال ساطعة في سماء فلسطين.. عدد كبير من البنات اللواتي ولدن بعد استشهادها حملن اسمها تيمنا بها وتخليدا لسيرتها، ومنهم ابنة شقيقها”.

وخلدتها شاعرة فلسطين الراحلة فدوى طوقان بقصيدة “لينا لؤلؤة حمراء” التي غناها الفنان المصري الراحل الشيخ إمام، كما خلدها حسن ظاهر بقصيدة “نبض الضفة” التي غناها الفنان أحمد قعبور.

وحديثا خلدها طبيبان مصريان بأغنية “جسر عودتكم” من كلمات الشاعر الفلسطيني الراحل توفيق زياد، كما خلدها الرسام المقدسي سليمان منصور بلوحة بعد أن صادرت سلطات الاحتلال الصورة الأصلية التي تظهرها مضرجة بدمائها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات