السبت 06/يوليو/2024

النكبة الـ68… العودة بالمقاومة

د. خالد معالي

تشكل النكبة الفلسطينية في ذكراها الـ68؛ رغم ألمها الموجع، وحالة التراجع العربي؛ أملا بقرب التحرير وكنس الاحتلال والعودة؛ وذلك على يد المقاومة الباسلة المعقود عليها الآمال؛ كيف لا وهي التي أجبرته على الانسحاب والتقهقر، وهو  يجر أذيال الهزيمة والخيبة؛ من جنوب لبنان، وقطاع غزة قبل سنين قريبة.

في الذكرى الـ 68 للنكبة؛ ما يتصور قادة الاحتلال أنهم حققوه من إنجازات وانتصارات؛ ما هي إلا سحابة صيف؛ سرعان ما تزول بفعل مغايرة وجود دولته لمنطق الأشياء وطبائع الأمور والسنن الكونية؛ كونها شوكة في جسد أمة عربية وإسلامية، سرعان ما تذوب أو يتم نزعها إن استفاق الجسد من قيلولته.

في مفارقة عجيبة؛ خُطط للشعب الفلسطيني أن يندثر في عالم القوة والظلم، وخطط كبار وقادة الصهاينة الأوائل في مؤتمر بازل بسويسرا عام 1897 بأن تكون دولة الاحتلال تحوي 20 مليون يهودي هم مجموع عدد اليهود في العالم؛ لكن ما استطاع قادة الصهاينة من تحقيقه من هذا الرقم؛ هو فقط جلب  قرابة خمسة مليون يهودي لفلسطيني المحتلة.

برغم قوة الدعم من العالم الغربي لدولة الاحتلال، إلا أنه من الملاحظ أنها تتقلص وتذوب؛ فهي انسحبت من لبنان وغزة، ولم تعد تتمدد كما كانت في السابق، وتراجعت قوة ردعها بشكل كبير؛ بفعل المقاومة اللبنانية والفلسطينية الباسلة.

في مكابرة وصلف وغرور؛ لسان حال “نتنياهو” بعجرفته المعروفة للفلسطينيين؛ يقول للمفاوضين من الفلسطينيين: سأجدد نكبتكم؛ ولن ينفعكم أيها الفلسطينيّون البكاء ولا العويل ولا الذكريات الأليمة، وسأواصل تهويد القدس وطرد سكانها، وتهويد الضفة الغربية وبناء المزيد من المستوطنات، واتفاقية “أوسلو” أصبحت من الماضي، وحولت الفترة الانتقالية لها بخمس سنوات إلى فترة دائمة وطويلة، صار لها 23 عامًا، دون أن تحققوا حلمكم بالدولة الفلسطينية؛ وأرجعتكم لنقطة الصفر؛ بالتفاوض على مناطق “أ”، وسأجبركم غدا على الاعتراف بيهودية الدولة.

عملية تزوير ممنهجة للتاريخ؛ هو ما يجري من محاولات الاحتلال بتغيير أسماء القرى والبلدات والمدن الفلسطينية في الـ 48، وزرعها للمستوطنات في الضفة، وتغيير أسماء الأماكن المقدسة في القدس المحتلة، لكن كل هذا وغيره لن يطيل من عمر الاحتلال.

إن كان الاحتلال قد نجح وبمعاونة بعض القادة العرب؛ وتواطؤ دول الغرب وبالأخص “بريطانيا العظمى” في إقامة دولته وكيانه المزعوم إلى حين، فإنه لم ينجح في زرع ثقافة الهزيمة والاستسلام؛ لأن الشعوب الحية لا تموت، والحرائر الفلسطينيات لا يتوقفن عن إنجاب الإبطال صناع التحرير، فالحق ينتزع انتزاعا ولا يُستجدى.

تاريخيًّا: بريطانيا أخطأت وأجرمت بحق الشعب الفلسطيني والعالم قاطبة؛ بزرعها أكبر نبتة فاسدة في قلب العالم، وعلى من أخطأ أن يكفر عن خطئه، بتعويض اللاجئين، وأن يبادر إلى ذلك من تلقاء نفسه، وإن كانت الظروف لم تنضج بعد؛ لتأنيب ضمير بريطانيا.

ما لا يريد “نتنياهو” وقادة الاحتلال أن يفهموه؛ أن الأيام دول، وأن قوي اليوم؛ هو ضعيف الغد، ولو فهموا وعقلوا سنن التدافع والتحولات والتغييرات الجارية بسرعة في العالم العربي، لوفروا على أنفسهم وعلى كيانهم، ضحايا كثر، سيسقطون حتما في صراع ما كان له أن يحدث، لو أن أوروبا لم تحل مشكلتها مع اليهود على حساب 12 مليون فلسطيني، وفي أكثر بقعة حساسة في العالم، ومقدسات تتبع مليارًا ونصف  المليار من المسلمين.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات