السبت 10/مايو/2025

الأسير موقدة.. جسد ميت على كرسي متحرك

الأسير موقدة.. جسد ميت على كرسي متحرك

بجسده المثخن بالجراح والأسقام، يواصل الأسير منصور موقدة إضرابه الجزئي عن الطعام؛ احتجاجا على ما يواجهه ورفاقه الأسرى المرضى من إهمال طبي في مستشفى سجن الرملة، وللمطالبة بحريتهم ليمضوا ما تبقى من أعمارهم بين أهليهم.

ومنذ أن بدأ موقدة إضرابه في العاشر من نيسان/ أبريل، يقتصر على تناول السوائل والأدوية الضرورية، ما يجعل حياته معرضة لخطر حقيقي، محاولا بذلك لفت الانتباه لوجود حالات مرضية يتهددها الموت في كل لحظة داخل السجن.

ويعد الأسير “موقدة” من أخطر الحالات المرضية في سجون الاحتلال، وهو يقبع بشكل دائم في مستشفى سجن الرملة منذ 14 عاما، حيث يعاني من شلل نصفي، ويتحرك على كرسي، وتتدلى من بطنه أكياس الإخراج.

ويمضي موقدة (47 عاماً) من بلدة الزاوية قضاء سلفيت، والمعتقل بتاريخ 3/7/2002، حكما بالسجن المؤبد مدى الحياة، على خلفية دوره في قتل مستوطن خلال انتفاضة الأقصى.

ويقول شقيقه نمر لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” إن منصور نجا من اغتيال محقَّق خلال عملية اعتقاله، فقد كان هناك قرار بإعدامه بدم بارد، “فبعد إصابته برصاص القوة الخاصة الصهيونية، عثر الجنود بحوزته على بطاقة هوية تحمل اسم شقيقه الذي يشبهه كثيرا، الأمر الذي دفعهم لصرف النظر عن الإجهاز عليه، بعد أن اعتقدوا أنه الشخص الخطأ”.
 
“جسد ميت”وهكذا فقد كتبت لـ”موقدة” الحياة، لكنها ليست كأي حياة، تلازمه فيها الإصابة والمرض في مستشفى سجن الرملة، الذي يوصف بأنه “مقبرة الأحياء”.

وأصيب “موقدة” خلال اعتقاله بخمس رصاصات في العمود الفقري وأسفل البطن والقدمين، تسببت بإصابته بالشلل النصفي، وتلف المعدة والأحشاء الداخلية، وأجريت له خمس عمليات جراحية معقدة، تم خلالها استئصال الأمعاء والمثانة وجزء كبير من المعدة، واستبدالها بأمعاء ومعدة من البلاستيك، فيما ترافقه باستمرار أكياس الإخراج، وخلال سنوات الاعتقال بدأ يعاني من ضعف في البصر، وتساقطت أسنانه.

كما يتعرض لحالات تشنج واختناق تؤدي إلى فقدانه الوعي، وخلال السنوات السابقة تم نقله أكثر من مرة إلى مستشفى خارجي، وأحيانا يعطى حقنا خاصة حتى يستعيد وعيه، ويصفه شقيقه الذي زاره قبل مدة بأنه “جسد ميت، ليس فيه إلا لسان وروح”، ويؤكد أنه يتمنى الشهادة باستمرار.

ومع كل ذلك، فهو يتمتع بمعنويات عالية، وينقل عنه شقيقه قوله خلال إحدى الزيارات: “الرصاصات دمرت كل شيء في جسدي، لكنها لم تصب شموخي وكبريائي”.

ويضيف منصور لشقيقه: “حتى تعيش في السجون يجب أن تكون معنوياتك كالحديد، وأن تتحلى بالصبر، وأن تكون أقوى من السجان”.
 
رسالة وداع
الحالة الصحية الصعبة التي يعيشها موقدة جعلته يتوقع الشهادة في أية لحظة، وقبل عدة شهور بعث برسالة لعائلته، كانت أشبه بوصية شهيد ورسالة وداع لهم.

وتقول زوجته لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”: “أوصاني بالاعتناء بأولادنا الأربعة، وعبر عن تقديره لصبري على المعاناة، وقال: “إننا قد لا نراه في الزيارة القادمة، فشعرت أنه يودعنا”.

وتضيف: “كل ما يتمناه هو أن يخرج ليعيش ولو ليوم واحد بيننا، وأن يفارق الحياة وهو بيننا”.

ويصف شقيقه “نمر” سجن الرملة بأنه مقبرة الأحياء لما يواجهه الأسرى من إهمال طبي وظروف صحية لا تليق حتى بالحيوانات، منبّهًا إلى أن هذا المستشفى عبارة عن حقل تجارب وميدان لتدريب الأطباء الجدد.

ويتساءل: “إلى متى سيبقى هؤلاء الأسرى رهن الاعتقال؟ هل ينتظرون حتى يخرجوا لنا جثثا هامدة؟”.

وعدّ أن الجميع دون استثناء مقصرون تجاه الأسرى المرضى، وأن إضراب شقيقه عن الطعام هو أيضا رسالة احتجاج على الإهمال السياسي وعدم التحرك القانوني على المستوى الدولي لإنقاذ حياة الأسرى المرضى الذين يواجهون الموت.

بدورها، عدّت هيئة شؤون الأسرى والمحررين أن إضراب الأسير موقدة يسلط الضوء على الوضع الصحي الخطير الذي يعاني منه أكثر من 1500 حالة مرضية في السجون، من بينها 30 حالة مصابة بالسرطان والأورام، و85 حالة شلل وإعاقة وإصابات بالرصاص.

ودعت الهيئة إلى تدخل سياسي ودولي للإفراج عن الحالات الصحية الخطيرة، وعدم تركها حتى الموت في سجون الاحتلال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات