الخميس 04/يوليو/2024

بيرزيت.. الجامعة الأكثر ليبرالية تنتخب الإسلاميين

شرحبيل الغريب

تتمتع جامعة بيرزيت بخصوصية بالغة عن باقي الجامعات الفلسطينية في محافظات الضفة الغربية؛ فهي الجامعة التي تجمع كل ألوان الطيف الفلسطيني بشتى انتماءاتهم وأفكارهم وتوجهاتهم الفكرية السياسية والأيدولوجية، فأصبحت تمثل مختلف الأطر والشرائح الطلابية على مختلف توجهاتهم وآرائهم، بل وتحاكي طبيعة المجتمع والشارع الفلسطيني.

قبل عام تقريباً تكرر نفس المشهد، وفوز “كتلة الوفاء الإسلامية” ممثلة الكتلة الإسلامية الذراع الطلابي لحركة حماس هذا العام وفي هذه الساحة الجامعية يترك علامة للتميز، هو مؤشر كبير له دلالات سياسية ويعكس التوجهات السياسية والمزاج العام في الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية رغم الحالة السياسية والأمنية التي تعيشها.

استطاعت الكتلة الإسلامية أن تكسب ود الجميع خلال الفترة الماضية، وما النماذج التي شاهدناها في التعامل مع طالبات “غير محجبات” رفضن المشاركة في مناظرة لوجود إسرائيليين مشاركين لهو إنجاز كبير في استطاعة الكتلة الإسلامية تحقيق رؤيتها في الانفتاح مع الجميع، وهو تأكيد على الإصرار على الطريق واستعداد لتقديم الأفضل بين النماذج الموجودة. 

فوز الكتلة الإسلامية للمرة الثانية على التوالي يعكس دلالات كبيرة أهمها تأكيد الطبقة المثقفة من أبناء شعبنا تأييدها لبرنامج وطريق حماس وخيارها في المقاومة رغم التحديات، وما هذه النتائج إلا تأكيد على انتصار انتفاضة القدس في تحقيق جزء من أهدافها، وأن لا انحراف عن البوصلة رغم حالة اليأس التي يعيشها الشعب الفلسطيني نتيجة فشل مشروع التسوية واستمرار السلطة في خيار التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي وإصراره على العمل من أجل التغيير.

فوز الكتلة الإسلامية للمرة الثانية يشكل رسالة للسلطة الفلسطينية أولاً بأن حماس في كل ما تمثله من أذرع هي حركة فلسطينية موجودة ولها قاعدتها وتأييدها الجماهيري والشعبي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوزها أو إنكارها، وأن الاستمرار في عقلية التفرد هو خطأ كبير يجب أن يصحح، وأن حالة الإقصاء لا تبني وطنًا.

أما الرسالة الثانية وهي الأهم بعد هذا الفوز هي للمجتمع الدولي الذي حارب حماس منذ فوزها عام 2006 ولا يزال يتنكر لنتائج الانتخابات، ويفرض حصاراً سياسياً عليها، بأن لحماس بعد 10 سنوات حصار ومحاربة حضوراً شعبياً كبيراً ويتزايد، وأنها أصبحت تمثل خيار الشعب الفلسطيني الذي يحافظ على الحقوق والثوابت ويعمل من أجل استردادها، بل يرسل “الفوز” برسالة قوية مفادها أن كل محاولات احتواء حماس لن تنجح، وأن الانفتاح عليها والاستماع لها هو أقل تكلفة من حربها وعزلها وحصارها.

أما الرسالة الثالثة التي ترسلها الكتلة في فوزها “الساحق” أن خيار الإرادة الوطنية ينتصر على خيار الإرادة القمعية، وأن الحرية تتقدم على الاستبداد وأن المقاومة تفوز وخيارها يتألق على خيار التخابر والتعاون الأمني مع الاحتلال. 

أما الرسالة الرابعة التي يبعثها هذا الانتصار فيعكس مدى التفاف الشعب حول خيار حركة حماس ومدى جهوزيتها لخوض انتخابات شاملة ممثلة بالجامعات والنقابات وصولاً لانتخابات رسمية رئاسية وتشريعية ومجلس وطني، وأنها على ثقة ببرنامجها ومدى التأييد الشعبي والاحتضان الجماهيري لخياراتها التي تنطلق من الصمود والتحدي والمقاومة والتمسك بكامل الحقوق والثوابت.  

أما الرسالة الخامسة فهي رسالة لكل رموز السلطة وحركة فتح أن خيار المفاوضات والتنسيق الأمني هو خيار المنهزمين والمفلسين وطنياً لن يجلب حقوقًا ولا يحفظ كرامة، وعليكم العودة للخيارات الوطنية ومشاركة حماس وكل القوى في بناء هذا الوطن وتحريره والدفاع عن أرضه ومقدساته.

أخيراً: يبعث هذا الانتصار رسالة هامة مفادها أن حركة حماس أكبر من أن يتم اجتثاثها أو استئصالها، ومشروعها أعظم من أن يطاله أحد، وشعبها يأبى إلا أن يسير مع من قدموا خيرة قادتهم وجندهم على مسرح الشهادة وفي ميادين الأسر. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات