الخميس 04/يوليو/2024

في الضفة… مصادرات بالجملة والمفرق

د. خالد معالي

انتعشت في الأيام القليلة الماضية قرارات مصادرة أراضي المواطنين الفلسطينيين في مختلف مناطق الضفة الغربية – بالجملة والمفرق –  فالمسّ بحرمة وملكية الأرض بات أمرًا مستباحًا؛ جهارا نهارا من حكومة “نتنياهو”؛ التي لا ترى وسيلة أو طريقة للتعامل مع الشعب الفلسطيني  أفضل؛ سوى المزيد من القوة والبطش والإرهاب وسرقة ونهب أراضيهم واستنزاف مواردهم ومقدراتهم وخيراتهم.

الأرقام صادمة أكثر من أي وقت مضى؛ وهي تتحدث عن آلاف ومئات الدونمات التي يعلن الاحتلال عن مصادرتها هنا وهناك، بين حين وآخر؛ وكأنه لا وجود للشعب الفلسطيني على هذه الأرض، ولا حقوق له ولا من يدافع عنه.

الإعلان عن المصادرات المتلاحقة، والمصادقة على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في القدس المحتلة وبقية مناطق الضفة الغربية، وتكرار اقتحامات المستوطنين لباحات المسجد الأقصى؛ كلها مؤشرات واضحة لما يريده الاحتلال وبهدف إليه؛ وليست بحاجة لعمق تفكير.

يتبجح ويصرح “نتنياهو” ويكررها في أكثر من مناسبة وبكل وضوح ويقول: اقتحام مناطق “أ” التابعة للسلطة هو أمر مقدس لتحقيق أمنه المزعوم، ولا عودة لحدود 1967، ولا تراجع عن توحيد القدس باعتبارها عاصمة لدولته المزعومة الفانية، ولا وقف للاستيطان، ولا لعودة اللاجئين؛ فماذا تبقى لأكثر من 12 مليون فلسطيني عمروا الأرض الفلسطينية منذ آلاف السنين؟

إطلاق يد المستوطنين في البناء الاستيطاني؛ بات أمرًا عاديًّا في عرف “نتنياهو”، والزحف على ما تبقى من أراضي الضفة الغربية، لتقوى دولة المستوطنين، وتنتعش حركة الاستيطان بشكل غير مسبوق؛ هو أيضا بات أمرًا مكررًا كل يوم.

والأخطر من المصادرات هو صولات وجولات للمستوطنين في القدس المحتلة، وحشود بعشرات آلاف أمام حائط البراق، وتدنيس بالمئات من المستوطنين لساحات وباحات المسجد الأقصى المبارك خلال ما يسمى بعيد الفصح اليهودي.

سرقة الأراضي ومصادرتها بالجملة والمفرق، وبلطجة وعربدة المستوطنين وتجريفها أراضي لصالح توسعة مستوطناتهم، تتزايد كل يوم، فحرق للمزروعات، وقلع أشجار الزيتون وسرقتها وحرقها، ونشر الرعب والخوف والدمار في الضفة هو ما يتفاخر به المستوطنون في ظل عدم وجود ما يردعهم.

المستوطنون المستجلبون من مختلف دول العالم؛ يزعمون أن الأرض الفلسطينية لهم؛ كونها أرض الآباء والأجداد؛ بنظرهم، ومن ثم يستوطنونها، ولا يكلفهم ذلك شيئا.

فوق القانون، وفوق البشر، هو ما يشعر به المستوطنون في الضفة الغربية؛ فحرقوا فتى مقدسيًّا، وحرقوا عائلة دوابشة؛ حيث لا حسيب ولا رقيب عليهم، وصاروا يسرحون ويمرحون، في مختلف مناطق الضفة الغربية، ويعتدون يوميًّا على مركبات المواطنين ويغلقون الطرق متى شاءوا، ويعربدون، وكل ذلك بحماية جيش الاحتلال الذي لا يتدخل إلا في حال تعرض المستوطنين للخطر.

الاستيطان يتوحش، ويأكل اليابس والأخضر، ولا مجال للمزيد من الضعف والانقسام؛ والوقت كالسيف، وصار لزاما لملمة الوضع الفلسطيني وترتيب البيت الداخلي قبل أن يدهمنا الوقت؛ ولا يبقى شيء يذكر  من الأرض؛ فهل من مجيب؛ قبل فوات الأوان؟!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات