خطط إسرائيل العسكرية.. العجز الخفي ورسائل التطمين

مهندسو السياسة والجيش في “إسرائيل” يحررون بين أسبوع وآخر معلومات بـ”القسط” عن تقنيات وخطط عسكرية جديدة لمواجهة خطر أنفاق وصواريخ المقاومة الفلسطينية.
 
فقبل أيام أقر المجلس الوزاري المصغر “الكابينيت” خطة متعددة السنوات لجيش الاحتلال بين 2016-2020 تسمح وفق ما أعلنه الاحتلال للجيش بالتزود بأسلحة متقدمة وتعزز قوته وتحسن كيفية استخدام موارده الحالية.
 
ويرى خبراء في الشأن العسكري والأمني الصهيوني أن ما يعلنه الاحتلال من وضع خطط و تقنيات عسكرية جديدة ليس إلا رسائل طمأنة للجبهة الداخلية أمام عجزه في كبح جماح المقاومة الفلسطينية الآخذة في تطوير الأنفاق القذائف الصاروخية.
 
تآكل قوة الردع
 
منذ أن بطل سحر منظومة “العصا السحرية” وظهر عجز “القبة الحديدية” وتعاظم تهديد أنفاق المقاومة، والاحتلال يفتش عن مبررات جديدة لطمأنة جبهته الداخلية ريثما يصل لحل تقني لمشكلة الأنفاق.
 
ويؤكد واصف عريقات، الخبير العسكري، أن جيش الاحتلال لم يعد يتمتع بعامل التفوق والردع في انتصاراته القديمة على جيوش العرب لأنه يواجه مقاومة متخفية.
 
ويضيف لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”: “مواجهة الجيش أسهل لأن له مواقع ومعدات ثابتة يستخدم سلاح الجو وقوة الإسناد في القضاء عليها؛ بينما مقاومة اضرب واهرب، تختفي اليوم تحت الأرض، لذا يجتهدون لترميم قوة الردع منذ حرب 2006 وحروب غزة الثلاثة”.
 
ويشير إلى أن “إسرائيل” لم تفلح رغم قوتها التدميرية من ترميم قوة ردعها المتآكلة لذا تعكف منذ فترة على بث رسائل للجبهة الداخلية تطمئنها بمزيد من التهديدات والوعود والكشف عن أسلحة متطورة.
 
وكانت بحرية الاحتلال كشفت النقاب اليوم عن إدخال غواصة “رهاف” المتطورة، فيما أخرجت اكتشافها وتفجيرها لأحد أنفاق المقاومة جنوب غزة قبل أيام بشكل مسرحي يعكس ضربة استخبارية وتفوق ميداني أمام معضلة الأنفاق.
 
منذ حرب الغفران لم تحسم “إسرائيل” حرباً واحدة وكما عانت سنة 1982 من فتيان “آر بي جيه” في لبنان، ويعانون اليوم من فتيان السكاكين بالضفة، ورجال الأنفاق بغزة، وعجزهم في كل النقاط يتعاظم.
 
ويقول المحلل عريقات، إن كافة الأنظمة الدفاعية والرادارية والقبة الحديدية والعصا السحرية لم تثبت جدواها بشكل كامل، وهم منصرفون الآن للحديث عن تقنية أمريكية-إسرائيلية لكشف الأنفاق؛ خاصةً بعد اكتشاف عدة أنفاق مؤخراً لم تكن في الحسبان.
 
سلاح الطيران
 
الجدل حول ميزانية “الجيش الإسرائيلي” التي حجبت وضع خطة طويلة الأجل كما الخطة الجديدة 2016-2020 ليس حقيقياً، فالرصيد المالي مفتوح طالما الخطر والعجز يتعاظم.
 
ويؤكد ناجي البطة، الخبير في الشئون الصهيونية، أن الاحتلال يسعى حسب خطته الجديدة لإدخال سرب من طائرات F35 الذي تمتلكه فقط أمريكا وذراع أمريكا في حلف الناتو.
 
ويتابع: “يسعون لتعزيز سلاح الجو وتقنية كشف الأنفاق والصواريخ ووزارة الدفاع بالشركة مع البنتاغون، ينفقون مالا وفيرا على تطوير أنظمة اعتراضية للصواريخ، فيما يدعم الكونجرس تمويل تقنيات كشف الأنفاق، نتنياهو تحدث مراراً أن الحرب القادمة ستشهد أسلوبا جديدا وأسلحة لم تستخدم “.
 
ويصنف استراتيجيات الحروب الصهيونية إلى 3 أنواع: أولها استراتيجية الاجتياح، والثانية استراتيجية الحرب المحدودة، وقد جربت سابقا وفشلت، وثالثاً استراتيجية الحرب المفتوحة بكافة الوسائل، وستجلب مزيد من الانتقاد والعزلة على “إسرائيل” إذا جربتها.
 
العقيدة السابقة فاشلة
 
الخطة العسكرية الجديدة ترمم النظرية الأمنية لرئيس الأركان “آيزنكوت” والتي يصفها الخبير البطة المختص في الشئون الصهيونية بأنها غير مسبوقة في تاريخ رؤساء الأركان.
 
ويضيف المحلل البطة لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”: “أكثر من جنرال احتياط تحدث عن عدم جدوى نظرية بن غوريون السائدة في الأربعينيات والخمسينيات لأنهم يعيشون تغيرات دراماتيكية أهمها الأنفاق لم تكن سابقاً” .
 
وكان الاحتلال قد نشر الصيف الماضي في 33 صفحة وثيقة رسمية كانت تصنف بأنها سرية عرفت باسم عقيدة “آيزنكوت” تضمنت تبنّي مبادئ “الردع، الإنذار، الدفاع عن الجبهة الداخلية”.
 
وتضع في بؤرة الصراع الحالي والمستقبلي تنظيمات أهمها “حماس-حزب الله-داعش” بعد تراجع الخطر من الجيوش العربية المجاورة سابقاً مثل الجيش العراقي والسوري والمصري.
 
أما المحلل عريقات فيؤكد أن العقيدة العسكرية القديمة كانت فاشلة؛ لأن أسلوب الضربات الاستباقية والخرق السريع فشل أمام أسلوب المقاومة رغم فارق القوة التدميرية.
 
ويتابع: “أمام عجز وسائلهم بدءوا الآن حرباً نفسية لأنهم لا يملكون كافة المجريات على الأرض، وأي تطبيق قادم لأي خطة للجيش سيفشل”.
 
ولم تعد نظرية الاحتلال العسكرية القديمة “الطائرة تقصف والدبابة تقتحم” صالحة للتكيف مع واقع حرب العصابات الذي تنتهجه المقاومة، خاصة في ظل تطوير شبكة الأنفاق التي لا زالت المعضلة الأكبر للاحتلال.