الخميس 04/يوليو/2024

انعكاسات عملية القدس

د. خالد معالي

معلوم ومعروف في عالم الاقتصاد والمال أن “رأس المال جبان” ولا يغامر، وعلى هذا عندما يرى كل فرد بالعالم في انعكاس لعملية القدس تظاهرات وسط تل الربيع تطالب بقتل العرب جميعًا، ولافتات تسيء إلى رسولنا الكريم، فهل يغامر أي فرد أو دولة أو شركة على الاستثمار مع كيان يسمح لمستوطنين بإشعال حرب دينية مدمرة لاحقًا، لا تبقي على الأخضر ولا اليابس.

فور إعلان عملية تفجير الحافلة في القدس المحتلة سرعان ما ضربت بعدة اتجاهات، ودب الذعر في كيان الاحتلال؛ فكل الصحف والفضائيات ومواقع التواصل حتى التظاهرات اشتعلت في كيان الاحتلال الغاصب الذي يريد احتلالًا رخيصًا بل بالمجان ما استطاع إلى ذلك سبيلًا، في قلب صارخ لنواميس الكون ومعادلاته وجدليته.

ضربت عملية القدس التي أمرت الرقابة العسكرية بحظر نشر تفاصيلها وأسرارها في اتجاهات كثيرة، من بينها أمنية، وهي أخطرها، خاصة بعد تبجح “نتنياهو” أنه حقق الأمن بانخفاض كبير في عمليات الطعن وإطلاق النار والدهس، وصار سيد الأمن، فإذا هو فقد القدرة على الردع وصار فاقدًا للأمن، وهو ما أقرت به صحيفة (يديعوت أحرونوت) في مقال للمُحللة السياسية “سيما كدمون”، التي كتبت: “إن نتنياهو الذي زاحم ونافس الجميع على لقب “سيّد الأمن”، وسخر من مُنافسيه على هذا اللقب؛ أثبت أنّه لا يستحّق هذا اللقب بتاتًا، بل على العكس”.

الأثر الاقتصادي عامل قوي ومؤثر آخر ضربت العملية في عمقه كثيرًا؛ فحجوزات الفنادق في القدس وتل الربيع انخفضت؛ فهل من إنسان عاقل سيأتي ليتفسح ويستجم في منطقة فيها ذبح بالسكاكين بالشوارع وتفجير حافلات جهارًا نهارًا طلبًا للحرية وكنس الاحتلال؟!

إحصائيات من داخل كيان الاحتلال أكدت أن قطاع السياحة تكبد خسائر كبيرة بسبب عمليات الطعن، والآن بعد عملية تفجير الحافلة الخسائر منطقيًّا ستزداد كون العملية تطورًا نوعيًّا في المقاومة الفلسطينية لا يستهان به، وذلك بحسب رأي مفكري وكتاب كيان احتلال الذين أقروا بذلك.

بعد عملية القدس لوحظ انخفاض في عدد ركاب الحافلات من المستوطنين تحديدًا، خاصة في القدس وبقية مراكز المدن، خوفًا من انفجارها خلال ذهابهم وإيابهم، وهو ما تسبب بخسائر لشركات الحافلات (يغد ودان) بسبب قلة الركاب، الذين يفضلون في ظل هذه الحالة والمخاوف أن يبحثوا عن طرق أخرى للمواصلات.
ولوحظ أيضًا انخفاض حركة الأسواق والمحال التجارية في مدينة القدس، حيث انخفض عدد المشترين بنسبة كبيرة جدًّا، لخوف المستوطنين أو السياح من التوجه إلى الأسواق العامة خشية حدوث علميات تفجير أو طعن.

وإن ما يسمى وزارة السياحة التابعة لكيان الاحتلال كانت قد أعربت عن مخاوفها من موجة إلغاء رحلات سياحية أجنبية، بسبب عمليات الطعن؛ فعدد كبير من السائحين الأجانب ألغوا حجوزاتهم في الفنادق “الإسرائيلية”، وجاءت عملية الحافلة لـ”تزيد الطين بلة” في قطاع السياحة.

صحيح أن القطاع الاقتصادي لكيان الاحتلال مني بخسائر جسيمة، وستتواصل خسائره وعملية استنزافه التي تقوم بها المقاومة الفلسطينية إلى أن يرحل الاحتلال، لكن الأثر الأكبر الذي حققته المقاومة الفلسطينية هو شعور كل فرد في كيان الاحتلال بفقدانه الأمن الشخصي، وأنه غير آمن على روحه، إن تسوق أو ركب حافلة، وهذا بعينه هو النصر الأكبر للشعب الفلسطيني ومقاومته في هذه المرحلة من الصراع بين الحق والباطل.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات