السبت 03/مايو/2025

وقف مخصصات اليسار.. محطة عباس الجديدة في الابتزاز السياسي

وقف مخصصات اليسار.. محطة عباس الجديدة في الابتزاز السياسي

يعيد قطع رئيس السلطة محمود عباس، مخصصات الجبهتين الشعبية والديمقراطية، الجدل عن طبيعة العلاقة الشائكة بين السلطة وحركة فتح، من جهة، واليسار الفلسطيني، التي يلعب فيها المال السياسي دورًا في التدجين وابتزاز الموقف.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أن عباس يتفرد بقراراته ويرفض الشراكة التاريخية مع اليسار خاصة الجبهتين (الشعبية والديمقراطية) في منظمة التحرير الفلسطينية .

ويشير عوكل في حديثه  لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” أن الخلافات قديمة، لكنها لم تصل إلى هذا المستوى، وأن ما أثار حفيظة عباس مؤخراً سلسلة مواقف الجبهتين من اغتيال (عمر النايف، التنسيق الأمني، قرارات عباس الأخيرة والتي يغلفها بثوب القانون).
 
ويضيف: “سابقاً كانت مواقف النائب خالدة جرار تثير استياءه، لكنها منذ سنة لم تعد في المشهد، ولا أحد يتحدث عنها أو عليها”، حيث تعرضت للاعتقال في سجون الاحتلال.

وتعددت قديماً تصريحات النائب جرار المنتقدة لرئاسة السلطة؛ منها ما ووصفته حول توجه عباس للمطالبة بعضوية فلسطين كدولة في الأمم المتحدة بالوهم والتكتيك الواضح لاستعادة المفاوضات بين السلطة والاحتلال.

وشهدت العلاقة بين السلطة والجبهة الشعبية الكثير من المحطات الصعبة، خاصة بعد اعتقال أمن السلطة الأمين العام أحمد سعدات، ومن ثم اعتقاله من الاحتلال الصهيوني من داخل سجن أريحا التابع للسلطة في مارس/ آذار 2006.

“أزمة النايف”
وتفجرت أزمة العلاقات بين الجانبين مجددا بعد اغتيال القيادي في الجبهة المناضل عمر النايف في 26 فبراير الماضي، في مقر السفارة الفلسطينية في بلغاريا، وسط اتهامات للسفير وأمن السفارة بالتورط والتقصير في حمايته.

وأعلنت الجبهتان الشعبية والديمقراطية رسميًّا مطلع هذا الشهر تبليغهما بقرار رئيس السلطة وقف مخصصاتهم من الصندوق القومي كإجراء عقابي على مواقفهم الأخيرة، المتعلقة بالنايف ورفض التنسيق الأمني.

توظيف المال للابتزاز
من جهته، يرى الكاتب مصطفى الصواف أن الابتزاز المالي مرده مطالبة اليسار وخاصة الجبهتين بمواقف متفقة مع عباس، مشددا على أنه يستخدم المال للضغط عليهما.
 
وأشار الصواف في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” إلى أن عباس “انزعج مؤخراً من تصريحات للجبهة الشعبية وصفت به أفعاله بغير الوطنية، وطالبته بالرحيل، إضافة لتظاهرة مشتركة بين الشعبية والديمقراطية خرجت ضد قرارات عباس”.

وصدرت في الآونة الأخيرة مواقف قوية من قيادات كبيرة في الجبهتين الشعبية والديمقراطية تنتقد أداء عباس وخطاباته وبعض قراراته التي سعت بشكل واضح للتفرد بالسلطة بعيدا عن الإرادة الشعبية، وحتى الفصائلية المعتادة.

السرّ في التنسيق الأمني
 ويؤكد رمزي رباح عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية أن وقف المخصصات يعود لخلافات سياسية آخرها رفض عباس تطبيق قرارات المجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني.

ويضيف رباح لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “يتطلب دعم الانتفاضة وقف التنسيق الأمني، وهنا خرج الخلاف للعلن، وجرى التملص بعد قرار الإجماع الفلسطيني في المجلس المركزي الذي يحرمنا من أوراق قوة لمحاسبة إسرائيل”.
 
ويرى أن مؤسسات منظمة التحرير لها مرجعية قرارات واجبة التنفيذ “لا بدّ من طرحها على اللجنة التنفيذية للمنظمة، لكن ما يجري من عباس تهميش يربك الحياة السياسية” .

كان المجلس المركزي للمنظمة أخذ قرارًا قبل أشهر بوقف التنسيق الأمني إلا أن عباس وأجهزته الأمنية يرفضون تطبيقه، فيما يدور الحديث عن لقاء قريب للمجلس يسعى فيه عباس إلى مواقف مغايرة للقرار السابق، لذلك يوظف المال في الضغط على الفصائل مستغلا حالة الضعف التي تعتريها، وفق مصادر مطلعة.
 
تعسّف
ويشير رباح إلى أن قيادة الجبهة تفاجأت بقرار الصندوق القومي الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير يجمد المخصصات بدون تعليل أو حيثيات.

وما يغضب الجبهة الديمقراطية، أنها في الكثير من المحطات تماهت مع مواقف عباس وفتح، وجرى استخدامها كورقة وصوت إعلامي في مواجهة حركة “حماس” في ظل الانقسام، بحسب متابعين، إذ لم يكن لها مواقف سابقا على استخدام السلطة المال كوسيلة ابتزاز وعقاب جماعي كما حدث بالنسبة لموظفي غزة، وكذلك فرض الضرائب الباهظة (البلو) على وقود محطة توليد كهرباء غزة.
 
ويصف رباح  قرار عباس بأنه “تعسفي مجحف يتجاوز فيه عباس صلاحياته؛ لأن المجلس الوطني الفلسطيني من أقر المخصصات وليس عباس الذي جعل هيئات المنظمة هامشية”.
 
ويبدي رباح استغرابه من توقيت القرار المتزامن مع اشتداد هجمة الاحتلال في انتفاضة القدس وانسداد الأفق السياسي، ما يعكّر الأجواء الداخلية ويحدث إرباكاً.
 
محطات من الخلاف
وترجع خلافات اليسار وعلى رأسه الجبهة الشعبية مع فتح المهيمنة على منظمة التحرير الفلسطينية لسنوات قديمة أهمها رفض الجبهة لسيطرة فتح على قرار المنظمة سواء برئاسة (الرئيس الراحل ياسر) عرفات أو عباس.
 
ويؤكد المحلل عوكل أن محطات الخلاف بين اليسار وفتح قديمة أولها موقفه خاصة الجبهة الشعبية من الستينيات حول التعامل مع النظام الأردني حتى استمر الخلاف في لبنان سنة 1974 حول برنامج النقاط العشر وتشكيل جبهة الرفض.
 
ويتابع: “وصلنا بعدها للخلاف على أوسلو، ومن قديمٍ حتى اليوم واصلت المنظمة تحت لواء فتح استخدام المال لابتزاز اليسار خاصة الجبهتين؛ لأن المال أصلاً سياسي، ويوظف سياسياً”.
 
ولم يتمكن اليسار، حسب رؤية المحلل عوكل، من التكيّف مع التحولات السياسية وتحديد آليات وتكتيكات التعامل مع الواقع في ظل أزمته المالية فزاد ضعفه ضعفاً.
 
ويقول المحلل الصواف إن محطات الخلاف كانت عقب اتفاق أوسلو، وكذلك في المرحلة الحالية كانت المنظمة برئاستها كل مرة تستخدم المال للابتزاز الذي ينتهي غالباً بصمت اليسار.

ويضيف: “لم يعد لليسار وجود سياسي حقيقي رغم وجود تفاوت بين فصيل وآخر، ولم يعد لهم قبول جماهيري بسبب ضعفهم وأزماتهم المالية، فلا بدّ أن يعيدوا تقييم مواقفهم”.

الديمقراطية و12 عامًا من الابتزاز
 أما رمزي رباح القيادي في الديمقراطية فيؤكد أن الرئاسة استخدمت الابتزاز المالي مع جبهته 12 سنة منذ توقيع اتفاق أوسلو حتى سنة 2005 دون أن يتغير موقفها الرافض للاتفاقية، واصفاً ذلك بالأسلوب الفاشل.
 
ويتابع: “اليوم أوقفوا مخصصاتنا بالتزامن مع مخصصات الجبهة الشعبية، وغداً يمكن أن يستخدموا ذلك ضد أي نقابة أو اتحاد له موقف مخالف، وهذا تجاوز لكافة هيئات منظمة التحرير والمجلس الوطني”.
 
أما أحمد الحاج، من حزب الشيوعيين العرب، فيرى أن اليسار فقد قيمته الحقيقية حين ترك حركة القوميين العرب واتجه للبحث عن تمويل مالي من أطراف خارجية.
 
ويضيف لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “تحول أقصى اليسار وهو الحزب الشيوعي إلى حزب الشعب، ولم يتمكن من مواجهة الواقع، وكل أحزاب اليسار اليوم تطالب بالشراكة مع عباس، وهو ينفرد بالقرار”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

استشهاد رضيعة في غزة بسبب سوء التغذية

استشهاد رضيعة في غزة بسبب سوء التغذية

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت مصادر طبية عن استشهاد طفلة، اليوم السبت، بسبب سوء التغذية وعدم توفر الحليب والمكملات الغذائية جراء الحصار الذي...