هل يمنع الفساد قادة السلطة من مواجهة الاحتلال؟
“عميره هاس”، الكاتبة “الإسرائيلية”، والمختصة بالشأن الفلسطيني كتبت تقريرا مطولا تحاول من خلاله معرفة إن كانت عمليات “الفساد المالي” تشكل مانعاً أمام قادة السلطة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، مشيرة في تقريرها إلى أن هناك انشغال كبير لقادة السلطة فيما يخص الهم المالي على حساب مواجهة الاحتلال.
وتقول هاس، إن الفلسطينيين قد يكونون آخر من اهتموا بالوثائق المسربة من “بنما” حول قضايا الفساد، لأنهم يعلمون حجم ارتباط المال بزعمائهم السياسيين.
وذكرت عميره هاس، أن التقدير الشعبي السائد بين الفلسطينيين هو أن الفساد بات يرتبط بصاحب أي منصب سياسي رفيع، وأصبح كل من لديه مكانة جماهيرية مشتبها به وليس جديرا بالثقة، وبات من النادر أن تسمع محادثة فلسطينية إلا ويذكر فيها كلمة “الفساد”.
وأشارت الخبيرة إلى أنها أجرت العديد من المحادثات مع بعض الفلسطينيين الذين يتحدثون عن أشكال متعددة من الفساد، منها السرقة المباشرة للمال العام، وتلقي رشوة وحوافز مالية مقابل تقديم خدمات حكومية وغير حكومية، والقيام بإجراء تغييرات في المواقع القيادية، ونقل هذا المسؤول من موقعه، واستبداله بآخر بسبب تدخلات لمسؤول سياسي فلسطيني كبير.
وأضافت أن أشكال الفساد التي تعيشها السلطة الفلسطينية التي يتحدث بها الفلسطينيون قبل كشف “أوراق بنما” تكمن في مشاركة مسؤولين فلسطينيين رفيعي المستوى بالسلطة الفلسطينية في شركات تجارية خاصة، ونقل ملكية بعض الأراضي الحكومية لأشخاص مسؤولين، وتلقي مبالغ مالية كبيرة من أحد التنظيمات الفلسطينية لبناء منزل لأحد المسؤولين، وكذلك تلقي علاج طبي شخصي، والقيام بجولات خارجية حول العالم، وتعيين بعض الأقارب في الوظائف الحكومية.
الاتهامات المتبادلة
وأوضحت هاس أنه في ذروة أحاديث الفلسطينيين عن الفساد بين ساستهم، تتكرر دائما الاتهامات المتبادلة بين محمود عباس ومحمد دحلان، حيث رفضت محكمة فلسطينية بمدينة رام الله العام الماضي دعوى قضائية بتوجيه لائحة اتهام ضد دحلان لأن رفع حصانته البرلمانية لم تتم حسب القانون.
يكثر مقربو دحلان من ترويج الأخبار التي تتناول الأعمال التجارية الخاصة بأبناء عباس، وفي كل مرة يعيدون نشر ما تذكره وسائل الإعلام “الإسرائيلية” والعالمية حول الأنشطة الاقتصادية الخاصة بأبناء الرئيس، وكان آخرها “وثائق بنما”.
وتقول الكاتبة إنه في ظل مجتمع فلسطيني صغير يمكن لأي واحد منهم أن يكشف قضايا فساد، وتزداد الأمور وضوحا عند الحديث عن الشخصيات الكبيرة، ممن توجه إليهم اتهامات ببناء “فيلات كبيرة”، أو شراء بيت كبير دون أن يكون لعائلة صاحبه مقدرات مالية معروفة، أو شراء سيارة حديثة، وربما قضاء الأوقات في نوادٍ غالية، فضلا عن استخدام السيارات الحكومية لإنجاز مهمات عائلية شخصية.
ونقلت “هاس” عن المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية أنه يجري استطلاعات دورية بين الفلسطينيين حول تقييمهم انتشار الفساد في مؤسسات السلطة الفلسطينية، حيث أجاب 79% منهم بوجود هذا الفساد وفقا لأحدث استطلاع أوائل الشهر الجاري، وهذه النسبة بقيت ثابتة طوال السنوات الماضية، وقد ترتفع أو تنخفض قليلا.
بيع الأراضي
وأوضحت الصحفية أن أكبر مؤشرات الفساد المنتشر في السلطة الفلسطينية تتعلق ببيع أراض فلسطينية لليهود على جانبي الخط الأخضر، وتجلى مؤشر الفساد الأكثر الذي تعيشه السلطة الفلسطينية مع قيام عدد من قادة فتح والسلطة الفلسطينية -وبعضهم مقربون من عباس- قبل أيام بتقديم التعزية بوفاة رئيس الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية.
والإدارة المدنية ليست كيانا “إسرائيليا” محايدا، فهي الذراع العملياتية “الإسرائيلية” لسياسة مصادرة الأراضي الفلسطينية، وسرقة المياه وهدم المنازل وبناء المستوطنات، مما يطرح السؤال: هل المصالح الشخصية دفعت الزعماء الفلسطينيين للتعزية، مما أثار عليهم الرأي العام الفلسطيني؟
وقالت عميره هاس إن الزعماء الفلسطينيين يواصلون العمل في مهامهم القيادية ليس لكونهم منتخبين من قبل الشعب الفلسطيني، بل بفضل الدعم الدولي مقابل استمرار المفاوضات مع “إسرائيل”.
وتقول: يستمر كبار مسؤولي السلطة الفلسطينية في الحفاظ على وظائفهم، ليس كممثلين للشعب بل كعاملين تحت رعاية الدعم الدولي لاستمرار المفاوضات مع “إسرائيل” من أجل “إقامة دولة فلسطينية”. وهذا يعني استمرار الدعم للوضع الراهن للسيطرة “الإسرائيلية”، وتسارع الاستعمار، والوضع الأمني المستقر -الذي يتزعزع قليلا من وقت لآخر- ودعم جيوب الحكم الفلسطيني.
وختمت بالقول إن الواقع القائم يعني استمرار السيطرة “الإسرائيلية” الكولونيالية، بما يحقق للزعماء الفلسطينيين رفاهية واستقرارا لهم ولعائلاتهم، ولذلك فلن يستطيعوا قلب الطاولة على “إسرائيل” وفتح صفحة جديدة من الصراع معها، لأن ذلك كفيل بالتشويش على وضعهم الاقتصادي، وهذا هو عين الفساد.
………………
نقلا عن الجزيرة نت بتصرف طفيف
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
الأمم المتحدة: 557 ألف امرأة في غزة يواجهن انعداما حادا بالأمن الغذائي
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة الأمم المتحدة للمرأة إن ما لا يقل عن 557 ألف امرأة في غزة يواجهن انعداما حادا للأمن الغذائي، وأن الوضع مقلق...
لليوم الـ 265.. القسام تواصل قنص جنود الاحتلال وتفجير آلياته
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل كتائب الشهيد عز الدين القسام لليوم الـ 265 على التوالي، التصدي للقوات الصهيونية المتوغلة في عدة محاور من قطاع...
3 شهداء من كوادر الدفاع المدني بقصف إسرائيلي على غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أعلن الدفاع المدني الفلسطيني عن استشهاد ثلاثة من كوادره بقصف اسرائيلي خلال قيامهم بواجبهم الإنساني في غزة. وقالت...
القوات اليمنية تستهدف هدفا حيويا بحيفا وسفينة بالبحر الأحمر
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت القوات المسلحة اليمنية التابعة لجماعة أنصار الله، تنفيذ عمليتين عسكريتين انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطينيّ،...
الاتحاد الأوروبي يحذر من استمرار الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة
بروكسل – المركز الفلسطيني للإعلام حذر الاتحاد الأوروبي، من "استمرار الوضع الإنساني الكارثي بقطاع غزة، جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ نحو...
أونروا: النقص الحاد للأدوية والوقود بغزة يعيق إنقاذ الأرواح
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن الفلسطينيين في قطاع غزة بحاجة ماسة إلى الرعاية الصحية، في حين...
حماس تطالب بتحرك دولي فوري لوقف جرائم الإبادة في الشجاعية
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام طالبت حركة حماس بتحرك دولي فوري لوقف جرائم القتل والتدمير والتهجير القسري التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي منذ صباح...