السبت 10/مايو/2025

خربة المراجم.. بيوت الصفيح تكسر الاستيطان

خربة المراجم.. بيوت الصفيح تكسر الاستيطان

إلى الجنوب من مدينة نابلس، تتركز أطماع المستوطنين بإقامة حزام استيطاني يفصل شمال الضفة الغربية المحتلة عن وسطها وجنوبها، تتربع خربة “المراجم” على مساحات شاسعة من الأرض، وتضم بيوتا من الصفيح، قدّر لها أن تتحدى أطماع المستوطنين وتواجه عربدتهم.

تقع خربة المراجم على مساحة منحدرة بين جبلين، تحدها من الغرب بلدة تلفيت ومن الشمال بلدة دوما، ومن الجنوب بلدة المغير ومعسكرٌ للاحتلال أقيم على أنقاض قرية جبعيت، ومن الشرق خربة عين الرشاش.

وتسكن الخربة أربع عائلات، بعد أن كان يقطنها عشرات العائلات، منذ عقود، يضاف إليهم عدد من العائلات المقدسية، ليصل عدد سكانها قرابة 100 نسمة، وفقا لرئيس مجلس قروي دوما عبد السلام دوابشة.

وتشتهر “المراجم” بحقول الزيتون، ويحترف أهلها الزراعة كمصدرٍ أساسي لقوتهم، ويربوّن الأغنام والدجاج داخل الكهوف الأثرية التي تنتشر على امتدادات الخربة، ويستفيدون من منتجاتها للاكتفاء الذاتي من الغذاء.
 
أطماع المستوطنين
وبسبب موقعها الهام، تتعرض خربة المراجم لاعتداءات الاحتلال والمستوطنين، في محاولة لطرد أهلها والاستيلاء عليها، وفي منتصف شهر تموز من العام الماضي، سلمت سلطات الاحتلال إخطارات هدمٍ لعدد من المباني السكنية في الخربة، بحجة عدم الترخيص.

ورغم وجود قرار بوقف الهدم وعدم بت محاكم الاحتلال بالقضية، إلا أن جرافات الاحتلال استبَقت الأمر، وهدمت ثلاثة من هذه المنازل صباح يوم الاثنين الماضي (4-4).

وبحجة وقوع الخربة في منطقة (ج) الخاضعة بالكامل لسيطرة الاحتلال، يحظر الاحتلال بناء أسقف خرسانية لبيوتها، لكن سكان “المراجم” استعاضوا عن ذلك بأسقف الصفيح “الزينكو”، الذي لا يقيهم برد الشتاء، ولا لهيب الصيف.

وقبل فترة، حاول أحد السكان تحدي إجراءات سلطات الاحتلال، وبنى سقفاً لبيته، ولم يلبث أن تسلم إنذاراً بهدمه.

وتقول ميسون إحدى سكان “المراجم” لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”: “ذات يوم فوجئنا بورقةٍ معلّقة على جدار البيت تطلب منا هدم السقف المعقود حديثاً”، وتشير إلى أنهم اضطروا لتثبيت ألواح من “الزينكو” على جدران المنزل المبني من الطوب خوفاً من هدمه.

وتضيف: “هذه الممارسات القصد منها هو إرهاب كل من يفكر أن يؤسس بيتاً في هذه المنطقة، حتى يحدّوا من عدد سكانها، ويدفعونا للرحيل”.
 
عربدة المستوطنين
يتناوب الاحتلال ومستوطنوه على تنغيص حياة سكان “المراجم” لدفعهم لتركها لتكون فريسة لأطماع المستوطنين، وتعتبر مسلكاً دائماً للمستوطنين، والذين يستخدمون طرقها لعبور الوادي المؤدّي إلى عين الرشاش، ثم إلى إحدى المستوطنات بمنطقة فصايل في الأغوار.

ويشكو أهالي الخربة من ممارسات المستوطنين خلال مرورهم من المنطقة، حيث يعمدون إلى العبث بممتلكاتهم وتخريبها.

ويخشى سكان الخربة من أن تضطرهم اعتداءات الاحتلال والمستوطنين إلى الرحيل عنها إذا استمر الوضع على حاله، في ظل غياب أي شكل من أشكال الدعم الرسمي الفلسطيني لصمودهم.

ويعللون ذلك بأن أبناءهم أخذوا يعزفون عن السكن في الخربة، خاصةً بعد حصولهم على وظائف تتطلب منهم السكن في المدن، وتقول ميسون: “كل من يفكّر بالسكن سيجعل الخربة آخر خياراته، نظراً لمضايقات الاحتلال ومستوطنيه”.
 
تهميش وتشتيت
ورغم أن “المراجم” تتبع إداريا لبلدة تلفيت، إلا أن طول المسافة بينهما جعلها ترتبط فعليا ببلدة دوما.

ويشير المواطن نايف مسلّم (40 عاماً) أحد سكان الخربة إلى أن دائرة الأراضي تصنف الخربة ضمن أراضي تلفيت، في حين أن إحصاءات السكان تضيف سكانها لقرية دوما، كذلك الأمر بالنسبة للانتخابات.

ويقول مسلّم لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” إن مشكلة أهل الخربة القديمة المتجددة، هي عدم اعتراف وزارة الداخلية بهم، فهي ترفض توثيق مكان السكن في هويات أهل الخربة، نظراً لعدم اعتراف سلطات الاحتلال بالمنطقة من ناحيةٍ قانونية، على حد قوله.

وتقول الحاجة لطيفة إن ارتفاع أسعار الأراضي الموجودة على حدود الخربة، دفع بالمالكين، خاصة بالمناطق التابعة لتلفيت، إلى بيع أراضيهم لتجار من منطقة القدس، ولم يستطع أهل المراجم توفير ثمن تلك الأراضي المجاورة لهم.

وتضيف: “لا نملك سوى قطعتين من الأرض هما الأقرب لنا، نزرع إحداها بالقمح والشعير، ونجني من الثانية كفايتنا من الزيت والزيتون”.

وبعد انتظار طويل، حصلت خربة المراجم على مشروع نفذه مجلس قروي دوما بالتعاون مع وزارة الحكم المحلي، وبتمويل من المصرف العربي للتنمية، لإعادة تأهيل شبكة الكهرباء، وهو ما أعاد بعض الأمل لسكانها بالثبات فيها.

ويقول كبير الخربة أبو محمد (90 عاماً): “الكهرباء أعادت لنا الشعور بأن الخربة عادت لتنبض بالحياة من جديد”.

تنام وتصحو خربة المراجم على وقع تهديدات الاحتلال بهدم المزيد من بيوتها، حالها كحال عشرات الخِرب والقرى بالضفة التي تئن من سياسة الهدم الهادفة لإفراغ المنطقة المصنفة (ج) من سكانها الأصليين.

وبحسب مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة غسان دغلس، فإن سياسة الهدم ارتفعت وتيرتها مؤخرا، وطالت أكثر من (412) منزلا ومسكنا ومنشأة منذ بداية العام الجاري.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات