معارضة فتحاوية للقيادة الفلسطينية !

“القيادة الفلسطينية” في وضع لا تحسد عليه، فالأصوات التي تسحب الثقة منها وتتنصل من أدائها لم تعد تقتصر على المعارضة التقليدية لها من خارج منظمة التحرير الفلسطينية ومن داخلها، إذ انضمت إليها مؤخرا أصوات “قيادية” عالية من داخل حركة “فتح”، قاعدة هذه القيادة وأداتها الرئيسية لضبط الوضع الداخلي.
فعلى سبيل المثال، تحدثت “ورقة عمل” مقدمة من أعضاء في المجلس الثوري لحركة فتح نشرتها وكالة وطن للأنباء يوم الخميس الماضي عن “فقدان الثقة في أن المكون السياسي الفلسطيني القيادي قادر على تقديم حلول أو خيارات جديدة قادرة على تحقيق إنجاز أو تقدم منذ أوسلو وحتى الآن”، وقالت إن “القيادة الحالية” للحركة – التي يقودها الرئيس الفلسطيني محمود عباس – “لا تجسد المستوى المطلوب لمفهوم وممارسة القيادة وتفتقر لرؤية وأهداف توحدها”، ودعت إلى “احتضان ثوري خلاق” لهبة القدس الحالية التي وصفتها الورقة بـ”الثورة الشعبية” وإلى “تفعيل وتصعيد وتيرتها وأشكالها وتنويعها” وهو ما تحجم عنه القيادة الفلسطينية حتى الآن، وخلصت الورقة إلى أن “المؤتمر العام السابع هو الخيار الأفضل والأنجح للنهوض بالحالة الوطنية والفتحاوية”، وهو المؤتمر الذي تأجل موعد انعقاده ثلاث مرات حتى الآن إلى أجل لم يسمَّ بعد.
لكن القيادي الفتحاوي الأسير في سجون الاحتلال مروان البرغوثي، في مقال له يوم الخميس قبل الماضي، دعا إلى “توليد نخبة سياسية فلسطينية جديدة” لمعالجة “أمراض التكلس والشيخوخة الفكرية والنضالية”، “وللسماح للشباب باستلام مواقع قيادية”، لأن “القيادة الرسمية” كما سماها “منعزلة عن الجماهير” و”حولت السلطة الفلسطينية من قيادة حركة تحرر وطني إلى وسيط بين المواطن والاحتلال” الإسرائيلي، واستهجن “أن يستمر التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال، وندعي في الوقت نفسه ،ننا حركة تحرر تناضل ضد هذا الاحتلال”.
وفي هذا السياق أثار قيام وفد فلسطيني برئاسة قيادي في حركة فتح بتقديم التعزية بمقتل رئيس الإدارة المدنية في القيادة العسكرية للاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية الأسبوع الماضي موجة استهجان واستنكار واسعة في الأوساط الشعبية والوطنية الفلسطينية.
وقال البرغوثي في مقاله إن القيادة الرسمية “أخفقت في التقاط اللحظة التاريخية” لما وصفه بـ”الهبة الشعبية الحالية”، وقال إن “المطلوب هو استعادة خطاب حركة التحرر.. بعد أن أفقدتنا المفاوضات العبثية مفردات الخطاب التحرري” مضيفا إن “المهمات الكبيرة” المنبثقة عن العودة إلى خطاب التحرر الوطني تتطلب “عقد مؤتمر وطني” جامع من أجل “إعادة صوغ الحركة الوطنية والنظام الفلسطيني”، من دون أن يتطرق في مقاله إلى عقد المؤتمر السابع لحركة فتح.
غير أن الرئيس عباس، في كلمة له خاطب بها المجلس الاستشاري لحركة فتح يوم الثلاثاء الماضي بدا معنيًّا أكثر باستمرار الجهود الفلسطينية لعقد مؤتمر دولي تدعو إليه المبادرة الفرنسية، بالرغم من دعوته إلى “الإسراع” في عقد المؤتمر السابع لحركة فتح؛ لأنها كما قال هي “العمود الفقري للمشروع الوطني الفلسطيني”، ودعوته كضرورة وطنية ملحّة إلى عقد المجلس الوطني لمنظمة التحرير في دورة عادية لانتخاب لجنة تنفيذية جديدة للمنظمة فحسب.
وبعد يومين كان رئيس المجلس الاستشاري محمد الحوراني يعرب عن “أسفه”؛ لأن “كافة مؤسسات الحركة بما فيها المجلس الاستشاري ليس لها تأثير في قرارات الحركة”، ما “أوصل حركة فتح إلى حالة من الضعف والترهل والتخبط” كما نسبت “دنيا الوطن” إليه القول يوم الخميس الماضي.
لقد وصف البرغوثي الوضع الفلسطيني الراهن بـ”الأزمة”، وقال إن “الخروج من الأزمة يستدعي إنجاز المصالحة الوطنية، وإنهاء الانقسام الكارثي”، لكن “العنصر الأهم للخروج من الأزمة يتجاوز الوحدة الوطنية على أهميتها” فـ”المطلوب هو استعادة خطاب حركة التحرر”، ومن الواضح هنا أن البرغوثي يتخلى عن الفصائلي لصالح الوطني، فالعودة بحركة فتح إلى رحاب التحرر الوطني سوف يكون نقلة استراتيجية نوعية سوف تخلق على الفور أرضية مشتركة للشراكة الوطنية مع حركات المقاومة الوطنية والإسلامية، وتسقط تلقائيا معظم الأسباب الحقيقية للانقسام السياسي والجغرافي الراهن.
تقول التقارير الإعلامية إن حركتي “فتح” و”حماس” وقعتا في الدوحة يوم 22 آذار الماضي اتفاقا يقود إلى تأليف حكومة وحدة وطنية تمهد لإجراء انتخابات لرئاسة سلطة الحكم الذاتي الإداري الفلسطينية ومجلسها التشريعي وللمجلس الوطني لمنظمة التحرير.
لكن “الخطاب الوطني الديموقراطي لا يكفي وحده لتجاوز الأزمة”، كما كتب البرغوثي.
وعندما يتحدث دبلوماسي وقيادي فتحاوي مخضرم مثل ناصر القدوة عن “المؤسسة السياسية” الفلسطينية ومسلكها الذي “يعاني من عدم الوضوح في المواقف، وعدم تقديم رؤى ذات مصداقية”، ما “خلق فجوة وغضبا تجاهها من قبل الشباب الفلسطيني” كما نسبت وكالة وطن للأنباء إليه القول يوم الأربعاء الماضي، لا يسع المراقب إلا التساؤل عما كان يفعله السيد القدوة وغيره من القياديين طوال ما يزيد على عقدين منصرمين من الزمن كانوا خلالها جزءا لا يتجزأ من “القيادة الفلسطينية”، ومنظّرين ومنفّذين مخلصين لاستراتيجيتها.
يفسر محللون علوّ صوت المعارضة الفتحاوية لقيادتها الحركية والوطنية إما كجزء من صراع مستتر على خلافة الرئيس عباس، وإما كجزء من حملات إعلامية تمهد لانتخابات حركية في المؤتمر العام المقبل، وإما كتعبير عن قناعة صادقة بالفشل الذريع للقيادة الفلسطينية في تحقيق ما تسميه حتى الآن “المشروع الوطني”، وبالتالي تمهد للقفز من المركب قبل أن تغرق.
لكن مضامين المعارضة الفتحاوية لقيادتها كلام حق يأمل كل من عارضوا اتفاقيات أوسلو سيئة الصيت منذ البداية أن لا يراد به باطل.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

33 شهيدًا و94 إصابة بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وصول 33 شهيدا، منهم 29 شهيدا جديدا، و4 شهيد انتشال)، و94 إصابة، إلى مستشفيات غزة خلال...

أبو عبيدة: الإفراج عن الجندي الأسير عيدان ألكساندر اليوم الاثنين
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قرارها، الإفراج عن الجندي الصهيوني الذي يحمل...

16 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة إسرائيلية في مدرسة تؤوي نازحين في جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مجزرة فجر اليوم الاثنين، بعدما استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في جباليا البلد شمال غزة،...

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...