الصحفيون الشهداء يشمخون أشجارا في غزة

لم تشفع سنوات الغياب الطويلة لمقلتي أم الشهيد الصحفي علاء مرتجى من أن تمنع انسياب دموعها، وهي تغرس شجرةً باسمه في ساحة السرايا وسط مدينة غزة، وكأنّها عادت لتدفن قطعة من قلبها من جديد بعد سنواتٍ من الغياب والشهادة.

والدة الشهيد، التي كانت قد أصيبت في حادثة استشهاد نجلها الصحفي، إثر قصف صهيوني استهدف منزلهم بحي الزيتون في 9 يناير 2009، بقيت حبيسة كرسيها المتحرك، وعلامات الحزن لا تفارق تقاسيم وجهها، في مشهدٍ أثّر في نفوس الحاضرين من الإعلاميين.

إحياء يوم الأرض
هذه الفعالية نظمها المكتب الإعلامي الحكومي بالتعاون مع وزارة الزراعة، استهدفت زراعة 42 شجرة بأسماء شهداء الحركة الإعلامية، منذ العام (2000م) وحتى اليوم في أرض “السرايا” وسط مدينة غزة، كما أفاد سلامة معروف مدير عام المكتب لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”.

ونوه معروف أنّ وزارة الإعلام ستبدي هذا المشروع اهتماماً كبيراً، حتى تكبر الأشجار وتترعرع ويصبح هذا المكان مزاراً لذوي هؤلاء الشهداء الصحفيين، لافتاً إلى أنّ الأشجار تشمل شهداء الصحافة في الضفة وغزة والداخل.

وقال: “هذه الفعالية جاءت من أجل ترسيخ دور الإعلام من ناحية، وتكريماً لهؤلاء الأكرم منا جميعاً، الذين قدموا أسمى معاني التضحية من أجل كلمة الحق والحقيقة في الذكرى الأربعين ليوم الأرض”.

حسنة جارية
أما والدة الشهيد الصحفي سامح العريان فبدت متماسكة وهي تلطخ يديها من طينة شجرة وضع عليها اسم ابنها صورته، وقالت لـ”مراسلنا”: “سعيدة بأنني أم شهيد ضحى بدمه من أجل دينه ووطنه، ولا أقول إلا ما يرضي ربي، إنا لله وإنا إليه راجعون”.

وتمنت أم الشهيد العريان، أنّ تكون هذه الشجرة مثمرة يستفيد منها الناس حتى تبقى حسنةً جارية لابنها الشهيد.

وبنبرة حزينة استذكر “محمد” شقيق الشهيد الصحفي علي أبو عفش في كلمته عن ذوي الشهداء، دور الصحفيين وتضحياتهم البارزة في مواجهة إجرام الاحتلال، مؤكّداً أنّهم رحلوا بأجسادهم وبقيت أرواحهم ترفرف ترتقب يوم الحرية والنصر القريب.

وعن وزارة الزراعة، أكّد مدير عام الإرشاد نزار الوحيدي، أنّ وزارته أبدت في هذا اليوم خصوصية للصحفيين الشهداء بهذه الفعالية، لتؤكد على وحدة الأرض والشعب، وقال: “نحن نشارك اليوم لنقف ونزرع وعداً بألا تنازل عن حق هؤلاء الشهداء مهما كان”.

وأوضح أنّ وزارته تبذل كل جهد من أجل ربط الأرض بالإنسان وربط الإنسان بالأرض، وأضاف: “فقد أعدنا تأهيل الأرض، وجددنا آبار المياه، وأصلحنا شبكات الري”، مؤكّداً أنّه لا مواطنة بلا أرض، ولا ثبات في الأرض بلا زراعة.