الأربعاء 07/مايو/2025

جمعية المكفوفين بالقدس.. 84 عامًا من العطاء

جمعية المكفوفين بالقدس.. 84 عامًا من العطاء

“لم أُفلح في الدراسة يوماً، لم أكن أحبّها أبداً، رغم أن عائلتي وضعتني في مدرسة خاصة، في المقابل كنت أهوى العزف،  وأنتظر حصة الموسيقى والأستاذ أبو خاطر بفارغ الصبر”، يقول أبو سمير.

“أبو سمير” صبري عبد اللطيف، كفيف فلسطيني يبلغ من العمر 57 عاماً، له عائلة تتكون من أربعة أولاد وثلاث بنات، تعوّد منذ سنوات على الخروج يومياً من منزله في قرية بتّير غربي مدينة بيت لحم، في ساعات الصباح الأولى، كي يكون على رأس عمله في جمعية المكفوفين العربية في البلدة القديمة في القدس.

رحلته إلى القدس لا تستغرق وقتاً طويلاً؛ فهي تحتاج ساعة ولربّما أقل، لكنّ حواجز الاحتلال الصباحية المنتشرة في المدينة تمنع الفلسطينيين من الوصول إلى أعمالهم في الوقت المحدّد.

من محطة “سرفيس” بتّير إلى باب الزقاق، حيث يركب بعدها في “باصات بيت جالا” وهي التي تمرّ عبر حاجز بيت لحم باتجاه القدس، ثم يصل “أبو سمير” إلى حي المصرارة وسط المدينة، ومن “باب العامود” باتجاه جمعية المكفوفين العربية في طريق الواد.

جمعية المكفوفين العربية تأسّست منذ عام 1932 في “باب الخليل” أحد أبواب مدينة القدس المحتلة، واحتضنت العشرات من المكفوفين خلال أكثر من 84 عاماً، ليصل عدد أعضائها اليوم إلى 150 عضواً، ويعمل في صناعة المكانس والفُرش يدويّاً 25 كفيفاً.

جميع المكفوفين الذين يعملون لدى الجمعية من سكّان الضفة الغربية المحتلة، وهنا يكمن التحدّي في الحصول على تصاريح لدخول القدس، وإنجاز أعمالهم، لكنّ الجمعية لا تعجز أمام أي عقبات من شأنها أن توقف رزق أيٍّ من أعضائها.

تمتلك الجمعية سيارة خاصة، تقوم بنقل جميع المواد الخام إلى منازل المكفوفين ممن لا يستطيعون الوصول إلى القدس، ويقومون هم بدورهم بالعمل في بيوتهم قدر استطاعتهم، وفي يوم ووقت محدّديْن تعود السيارة مجدّداً للحصول على الفُرش والمكانس المُنجزة، تقول نادرة بزبز، مديرة جمعية المكفوفين العربية.

وتضيف لـ”قدس برس” إنّ جميع المواد التي نحصل عليها باهظة الثمن، لأنها طبيعية، ونستوردها من الخارج، مشيرة إلى أن هناك نقصًا في المواد الخام بسبب ضعف التمويل، خاصة وأنّ اعتماد الجمعية يكون على بيع إنتاجها، أو التبرّعات من أهل الخير.

وتوضّح أن التاجر الذي يستورد لهم المواد من هولندا والمكسيك، اشترط عليهم الدفع المسبق لإمكانية توصية المطلوب من المواد للجمعية، مع العلم بأنّ المكفوفين يُنجزون، لكنّ السوق أيضاً مليء بالبضاعة الصينية التي تُنافس على الأسعار، ونوعية إنتاجها سيّئة.

وتشير إلى أن الجمعية تتأثر بالوضع السياسي والاقتصادي في البلاد، “لكنّنا نعمل جاهدين كي نحافظ على صمود الجمعية وحماية المهنة من الاندثار”، مؤكّدة على عزيمة وإرادة المكفوفين في أن يكون لهم عمل خاصّ بهم ويكسبوا رزقهم بأنفسهم.

يقول “أبو سمير” إنه بدأ بالعمل مع الجمعية قبل 12 سنة تقريباً، بعد أن فشل في الدراسة وكذلك في ورش البناء التي أخذت من عمره الكثير، فكان يصطدم بكل شيء حوله، لكن صناعة الفرش والمكانس كانت أكثر الأعمال التي أحبّها، كما يجد بأنها مصدر رزقه وسعادته.

ويوضّح أنه محظوظ جداً لقرب الجمعية من المسجد الأقصى المبارك، حيث يصلّي وزملاؤه صلاتيْ الظهر والعصر فيه بشكل يوميّ.

ويتمنّى “أبو سمير” من الله أن لا تندثر هذه المهنة إزاء ما تواجهه الآن من تحدّيات صعبة تتطلّب من جميع المسؤولين والجهات المختصّة الوقوف عندها، والوقوف بجانبها ودعم صمود مؤسسة قائمة منذ 1932.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 4 مستوطنين عصر اليوم الأربعاء، في عملية إطلاق نار استهدفت سيارة قرب مدينة جنين، قبل أن ينسحب منفذ العملية من...