الأحد 11/مايو/2025

في بلدة الزاوية.. دماءٌ تذكي لهيب الانتفاضة

في بلدة الزاوية.. دماءٌ تذكي لهيب الانتفاضة

في غضون 12 ساعة اجتذبت بلدة الزاوية غرب مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية المحتلة الأضواء مرتين، لتعطي زخما إضافيا لانتفاضة القدس بعد أن ظن قادة الاحتلال أن لهيبها قد بدأ يخبو.

فبعد أن سجلت مدينة “بتاح تكفا” عملية طعن جديدة بإمضاء ابن الزاوية عبد الرحمن محمود رداد (17 عاما)، لم يكد يشرق صباح اليوم التالي حتى كانت الزاوية تستقبل شهيدا آخر على بابها، وهو الفتى أحمد يوسف عامر (16 عاما) من بلدة مسحة المجاورة.

حالة من الفخر والاعتزاز ممزوجة بالألم تعم أهالي الزاوية منذ الإعلان عن هوية منفذ عملية “بتاح تكفا”، ورغم عدم تسليم جثمان الشهيد رداد حتى الآن، إلا أن توافد أهالي الزاوية على منزل عائلة الشهيد لم ينقطع لتقديم التهاني والوقوف إلى جانب العائلة، في مشهد يعكس حالة التضامن الشعبي الواسع مع ذوي الشهداء.

وبعد أن أبلغت سلطات الاحتلال الارتباط الفلسطيني بنيتها تسليم جثمان الشهيد عصر يوم الأربعاء الماضي، إلا أنها تراجعت عن التسليم، وأرجأته إلى موعد غير محدد.

ويقول رئيس بلية الزاوية نعيم شقير لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” أنه أُبلغ رسميا بوجود قرار سياسي في الكيان الصهيوني يقضي بعدم تسليم جثامين منفذي العمليات، وأن هذا القرار جاء عقب اجتماع المجلس المصغر لحكومة الاحتلال.

ويضيف: “بعد أن تهيأنا لاستقبال جثمان الشهيد، واتخذنا كل الاستعدادات لتشييعه بجنازة تليق به، جاء قرار التأجيل ليبقي هذا الجرح مفتوحا”.
 
إجراءات انتقامية

وتفرض قوات الاحتلال إجراءات عقابية انتقامية على الزاوية منذ استشهاد رداد؛ فقد نصبت حاجزا على المدخل الرئيس للبلدة، ويقوم الجنود المتواجدون عليه بممارسات استفزازية للمواطنين وإيقاف مركباتهم وتفتيشها.

كما نفذت قوات الاحتلال فجر الخميس الماضي عمليات دهم واسعة في البلدة، طالت منازل تسعة مواطنين، بينهم أسرى محررون، رافقها تدمير لمحتويات تلك المنازل، وتهديد ووعيد لسكانها.

وتعاني الزاوية كالقرى المجاورة من مرور شارع “عابر السامرة” من أراضي البلدة في الجهة الشمالية الغربية، والذي أنشئ عام 1997 بطول أربعة كيلومترات وعرض ثمانين مترا، ويبدأ هذا الطريق من مستوطنة “روش هعاين” في الداخل المحتل، وحتى مستوطنة “ارائيل” قرب سلفيت.

ويشير شقير إلى أن هذا الشارع يشكل عائقا يمنع توسع البلدة نحو الشمال، حيث يمتد المقطع المار بأراضي البلدة من بلدة بديا شرقا وحتى عزون غربا، ويمر فوق المدخل الرئيس للبلدة أو ما يعرف بجسر الزاوية، ويقطع البلدة عن أراضيها في المنطقتين الغربية والشمالية.

ويضيف أن الاحتلال عمد خلال إنشاء هذ الشارع، إلى تجريف أراضي المواطنين واقتلاع الأشجار المثمرة من زيتون وعنب ولوز وتين، حتى تغيرت معالم المنطقة كليا، وفقدت البلدة الكثير من أراضيها وأشجارها.

ونوه إلى أن سلطات الاحتلال استولت في عام 1992 على المنطقة الغربية الجنوبية من البلدة لصالح شركات اقتصادية، والتي حولتها بدورها إلى المنطقة إلى كسارات ومحاجر.
 
الزاوية في سطور
 تقع بلدة الزاوية إلى الجنوب الغربي من مدينة نابلس، وتبعد عنها 36 كم، وترتفع 277 متراً عن مستوى سطح البحر، وهي تقع على الحد الغربي الفاصل بين الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948.

ويحدها من الغرب مدينة كفر قاسم ومستوطنة “روش هعاين” وقرية مجدل يابا (مجدل الصادق) المدمرة، ومن الجنوب تحدها رافات ودير بلوط، ومن الشمال مسحة، ومن الشرق بديا وسرطة.
وتبلغ مساحة أراضي الزاوية ما يقارب 24000 دونم، وتسبب جدار الفصل بابتلاع ما يقارب 8000 دونم، وتشتهر بأشجار الزيتون.

ويبلغ عدد سكانها قرابة 7000 نسمة، ويتوزعون على ثلاث حمائل (عائلات) وهي: شقير، وموقدي، ورداد، وتضم كل حمولة من هذه الحمائل عددا من العائلات الصغيرة.

وكانت الزاوية تاريخيا إحدى قرى نابلس قبل أن تتبع محافظة سلفيت بعد استحداثها، وكانت إبان فترة الحكم العثماني تعدّ إحدى قرى “الجماعينيات” وهي 28 قرية كانت تابعة لبلدة جماعين، والتي كانت بدورها تتبع مدينة نابلس.
 
سجل مشرق

ويحفل تاريخ الزاوية بسجل مشرق من التضحيات التي قدمها أهالي البلدة من دماء أبنائهم وحريتهم منذ النكبة، ولا تزال البلدة تدفع ضريبة موقعها الاستراتيجي المتقدم والمتاخم للأراضي المحتلة عام 48.

وتشير سجلات بلدية الزاوية إلى أن أول شهداء البلدة هو الشهيد مصطفى أحمد مصطفى شقير الذي استشهد عام 1948، والشهيد خليل سليمان رداد عام 1954.

وتوالى بعدها ارتقاء الشهداء من أبناء البلدة على امتداد سنوات الاحتلال، فكان الشهيد صبحي موسى صالح شقير عام 1974، والشهيد محمد غالب شقير عام 1988، والشهيد غسان شريف محمد شقور عام 1989، والشهيد عبد الكريم يوسف أبو نبعة عام 1990، والشهيد ناجي محمد عيد شقير عام 1991، والشهيد سامر نعيم مصطفى موقدي عام 1992، والشهيد شقير سمارة شقير عام 2002، والشهيد إياد نعيم راتب رداد عام 2002، والشهيد رامي نادر طالب شقير عام 2006.

ويُمضي عدد من أبناء الزاوية أحكاما متفاوتة في سجون الاحتلال، من بينهم عدد من أصحاب المؤبدات والأحكام العالية.

ويأتي في مقدمة أسرى الزاوية الأسير منصور محمد عزيز موقدي الذي اعتقل عام 2002 وصدر بحقه حكم بالسجن المؤبد، ويعاني من الإصابة التي تعرض لها خلال اعتقاله، وتسببت له بالشلل وأمراض عديدة.

كما يمضي الأسير عماد عبد الله شقير الذي اعتقل عام 2002 حكما بالسجن المؤبد و8 سنوات، والأسير فادي فارس مصطفى موقدي الذي اعتقل عام 2004 ومحكوم بالسجن 17 سنة، والأسير رافت رشيد عبد الله موقدي الذي اعتقل عام 2002 ومحكوم بالسجن 17 سنة، والأسير سعيد عبد المنعم محمد أبو بيح المعتقل عام 2004 ومحكوم بالسجن 17 سنة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات