النمر لزيز.. ينتظر الموت جوعًا في عرينه

عندما رأيته للمرة الأولى اعتقدت أن طبيعته المفترسة تحرضه على تمشيط قفصه الحديدي جيئةً وذهابًا قبل أن أعرف أن جوعه الطويل وموت زوجته أضرّ بحالته النفسية والصحية.

يعيش النمر “لزيز” (180 كجم) -كما أطلق عليه الشاب “محمد عويضة” مسئول حديقة حيوانات “غابة الجنوب” التي نفقت معظم حيواناتها في حرب “العصف المأكول”- أحوالاً صعبة.
 
تجشّم التاجر “زياد عويضة” مالك الحديقة عناء استيراد زوج من النمور قبل قرابة 7 سنوات من موطنها أستراليا عبر تاجر سنغالي؛ حيث بلغت تكلفة نقله وحدها بطائرة خاصة من السنغال وصولاً لأنفاق رفح 5 آلاف دولار.

صديق مفترس
لا شيء يسلي محمد بعد نفوق كافة الحيوانات المهمة في حديقة الحيوانات بخان يونس سوى بقاء النمر “لزيز” على قيد الحياة رغم توقعه أن يموت في أي لحظة.

يكشف محمد عن ندبة كبيرة في ذراعه بعد أن غرس “لزيز” أنيابه فيها حين كان رضيعًا عمره عدة أسابيع تاركًا علامةً غائرة في ذراعه لا تزول أبدًا.
 
ويضيف لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “جلبنا زوج نمور مولودة حديثًا وزنها 5-6 كجم، وكنت أسقيها الحليب وأداعبها بيدي حتى كبرت وبدأ الزوار يأتون لمشاهدتها لكن أحوال الحديقة ساءت وماتت معظم الحيوانات”.

وبلغت تكلفة زوج النمور التي استوردناها سنة 2010 قرابة 40 ألف دولار، علاوة على نفقات النقل في مصر حتى أنفاق الحدود؛ حيث أقام مالك الحديقة يوم وصولهما مأدبة غذاء لكل من ساهم في مهمة نقلهما لغزة.
 
يسحب محمد مزلاجًا حديديًّا من قفص النمر كاشفًا عن ساتر معدني ينتقل بعدها النمر لجهة مجاورة في القفص قبل أن يقذف له ببعض الطعام.

ويتابع: “لا يأكل إلا اللحوم، وبكمية كبيرة، وكثيرًا لا أملك النقود لإطعامه، ولم يساعدني أحد سوى مؤسسة فوربويز فتكلفت بإطعامه لمدة شهر، رغم تعلقي الشديد به أتمنى أحيانًا لو يموت وأتخلص من قلقي على حياته”.

لم تكد حرب غزة الأخيرة تضع أوزارها حتى هرع محمد لتفقد حديقة الحيوان من خلف الجدار، ولبه معلّق بزوج النمور التي ماتت أنثاه وصمد الذكر بعد أن أصابه الهزال الشديد.

عن ذلك يقول: “لم أتجرأ على الدخول مباشرة خشية وجود قذائف أو حيوانات مفترسة تتجول في الحديقة، لكني تأكدت بعد موت الكثير منها أن النمر لا زال حيًّا، وكانت لحظة سعيدة”.

صفقة مرضية
قبل أيام زار النمر أحد هواة تربية الحيوانات ودفع لصاحبه 23 ألف دولار لكن صفقة البيع لم تتم ريثما يستكمل المشتري بعض ترتيباته المالية واعداً بالعودة القريبة.

ويضيف المشتري الذي رفض الكشف عن اسمه لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “ربيت سابقًا زوجين من الأشبال، والآن سأشتريه وأتخطى كافة عقبات الشراء والتربية، وأتمنى الاحتفاظ به فترة طويلة فهذه هوايتي”.

ويؤكد المهندس مهند المدهون، ممثل مؤسسة الرفق بالحيوان النمساوية “فوربويز” أن النمر “لزيز” يعاني من وضع صحي ونفسي سيئ خاصةً بعد موت زوجته.
 
ويضيف لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “النمور والفهود وهذه الأصناف من الحيوانات لا تعيش منفردة، فلابد أن يكون ذكر وأنثى سويًّا.. النمر “لزيز” في عداد الموتى، وقد وهن جسده بشكل كبير لدرجة كشفت فيها عن هيكله العظمي وهو يتجول ثائرًا في قفصه الحديدي”.