عراق بورين.. اقتحامات متواصلة بددت سكون ليلها

على تلة صخرية شاهقة جنوب غرب مدينة نابلس تتربع قرية “عراق بورين، تلك القرية الصغيرة الوادعة التي حوّل الاحتلال ليلها الهادئ إلى حلقات رعب، بحجة البحث عن منفذي عملية الطعن التي وقعت في مستوطنة “هار براخا” القريبة، وأسفرت عن إصابة جنديين.

“سنظل نقتحم قريتكم ونداهم منازلكم كل ليلة، إلى أن نصل لمنفذي العملية، حتى لو استمر ذلك سنة كاملة”، بهذه العبارة هدد أحد ضباط الاحتلال رئيس مجلس قروي عراق بورين فتحي فقيه.

ويشير فقيه لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“، إلى أن قوات الاحتلال لا تزال تنفذ عمليات دهم وتفتيش لمنازل البلدة كل ليلة، مقدرا عدد المنازل التي تعرضت للدهم والتفتيش بنحو 95% من منازل القرية.

ويرافق عمليات الدهم استجواب سكان المنازل حول إن كان لديهم أية معلومات قد توصل إلى منفذي العملية، ويتم تحذيرهم من تقديم المساعدة لهم أو التستر عليهم.
 
تحت الحصار
وفور وقوع العملية مساء الأربعاء، تحولت عراق بورين إلى هدف لجيش الاحتلال الذي فرض عليها حصارا مشددا، وأغلق مدخل البلدة الوحيد بالسواتر الترابية، ونصب حاجزا عسكريا عند مدخل البلدة، ومنع الدخول أو الخروج منها، مما حوّل القرية إلى ما يشبه السجن الكبير.

وتداعى شبان القرية صباح الجمعة لإزالة السواتر الترابية عن مدخل البلدة، وأعادوا فتح الطريق، متحدين إجراءات الاحتلال.

وتقع مستوطنة “هار براخا” إلى الشرق من عراق بورين، ويقوم جزء منها على مساحة 250 دونما اغتصبت من أراضي عراق بورين.

وبسبب قرب القرية من المستوطنة ومن موقع العملية، يعتقد قادة جيش الاحتلال أن منفذي العملية قد لجأوا إليها.

ويقول الفقيه إن ضابط الاحتلال قال له خلال اقتحام منزله، أن لديهم معلومات بأن منفذي العملية توجهوا للقرية بعد العملية، ولم يغادروها حتى الآن.
 
على خط المواجهة
وتقع عراق بورين بين قرى بورين ومادما وتل وصرة ومدينة نابلس، ولا تبعد عن مركز المدينة سوى سبعة كيلومترات، وتبلغ مساحة القرية 5775 دونما ويقطنها 1000 نسمة، ويشتغل غالبية سكانها بالزراعة، حيث تشتهر بزراعة الزيتون والتين والعنب.

ورغم وفرة الأراضي الزراعية، إلا أن 42% من أراضي القرية تقع ضمن المنطقة (ج) ويمنع الاحتلال المزارعين من فلاحتها واستصلاحها إلا بتنسيق مسبق، الأمر الذي حولها إلى أراض بور لا تصلح إلا للرعي.

وفي السنوات الماضية، شهدت القرية مواجهات أسبوعية خلال مسيرات ينظمها الأهالي باتجاه مستوطنة “هار براخا” ويشارك فيها متضامنون أجانب، وكانت تنتهي غالبا بوقوع إصابات بالرصاص والغاز المسيل للدموع.

ويقول الفقيه إن المستوطنين يهاجمون المزارعين في حال وصولهم للأراضي القريبة من المستوطنة، وفي أغلب الأحيان يبلغون الجيش بوجود مواطنين بالقرب من المستوطنة، فتحضر قوات كبيرة من معسكر حوارة، وتقوم بإطلاق قنابل الغاز على المواطنين، وتجبرهم على مغادرة أراضيهم.

وتعتبر عراق بورين من القرى الصغيرة نسبيا بمحافظة نابلس، إلا أن القرية كان لها باع طويل في مواجهة الاحتلال ومستوطنيه.

ومنذ بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 ارتقى خمسة من أبنائها شهداء، بينهم القساميان مأمون إبراهيم قادوس وعنان جبر قادوس اللذان استشهدا خلال اشتباك مسلح عام 2002.