الأحد 20/أكتوبر/2024

أيمن عبد ربه.. حكاية إصرار توجت بالإبداع

أيمن عبد ربه.. حكاية إصرار توجت بالإبداع

لكل مبدع حكاية.. ولكل صاحب فكرة طريقة في إيصالها، أما أيمن عبد ربه، من قرية قوصين قضاء نابلس، فقد أصر على أن تكون رسالته مختلفة كما طريقة توصيلها، فالوعي البيئي هو الاهتمام الأكبر له، وطلبة المدارس هم الهدف الذي وجد به تربة خصبة لإيصال رسالته لكي تبدأ بعدها رحلة التميز في توعية الأجيال.

المركز الفلسطيني للإعلام” وقف عند هذه الحكاية، والتقى بالسيد أيمن عبد ربه، الأسير المحرر والمبدع في الميدان، ليتحدث عن تفاصيل ما في جعبته من قدرات وإبداعات وأحلام  وطموحات.

الفكرة

استهل عبد ربه حديثه لمراسلنا عن اهتماماته وبداياتها قائلاً: “بدأت حكايتي مع تدوير المخلفات الصلبة في أواخر عام 2010 عندما دعاني مدير مكتب مؤسسة سلطة جودة البيئة في مكتب نابلس لحضور محاضرة طلابية في إحدى المدارس، ومن خلال المحاضرة التلقينية التي استمرت ساعة من الزمن، أخذت أفكر بأسلوب أفضل يتميز بالتفاعل والقبول والرغبة بالتلقي”.

وبعد انتهاء المحاضرة -تابع عبد ربه-  واصلت التفكير بفكرة جديدة تطور من أسلوب التوعية البيئية التي نقوم بها في المدارس، ونخفف في الوقت ذاته عن الطلاب من زيادة العبء عليهم في المحاضرات، لأنهم يتلقون العلم بشكل تلقيني من الثامنة صباحًا حتى الواحدة ظهرًا، وبعد ساعات من التفكير أنجب عقلي فكرة الألعاب التربوية البيئية للأطفال، والتي أصنعها من مخلفات الخشب والحديد والبلاستك والكرتون والورق”.

في البداية قام عبد ربه بصناعة ست ألعاب، كل لعبة تتميز بحركة ممتعة وموضوع سلوكي تربوي ومن ثم أخذ بتجربتها مع مجموعة طلاب وحقق قبولاً ونجاحًا، كان له بذلك حافزًا ليفكر بصناعة العديد من الألعاب بكافة المواضيع البيئية حتى صار عددها قرابة 90 لعبة استخدمها في لقاءات التوعية البيئية في المدارس ومراكز الطفل الثقافية والنوادي والمخيمات الصيفية والمعارض البيئية، وكذلك يستفيد منها ذوو الاحتياجات الخاصة وذوو صعوبات التعلم.

تنوع المستهدفين

ولم يكتف عبد ربه بجمهور الطلبة في إيصال رسالته إلى الفئة الشابة.. بل إنه توسع ليشمل المعلمين وأولياء الأمور، وفي هذا الصدد أوضح قائلاً: “وسعت دائرة مجالات التدوير حتى شملت تدريب المعلمين والمعلمات والأمهات وطلاب جامعة على كيفية صناعة الوسائل التعليمية من مخلفات المدارس والبيئة بشكل عام، وكذلك تدريب طلاب المدارس على كيفية الاستفادة من الورق في صناعة عجينة الورق وتشكيلها لعدة أشكال ومجسمات تراثية ودينية ووسائل تعليمية وسياحية، وكذلك تدريب الفئات المستهدفة على كيفية صناعة أشجار الورد من العبوات البلاستيكية، وهذا ما حصل أيضًا مع طرق الاستفادة من إطارات السيارات”.
 
موهبة منذ الصغر

أما عن بداية مشواره في إعادة التدوير للنفايات، فقد بدأت تجربته منذ نعومة أظفاره من مخلفات البيئة؛ حيث برع في صناعة ألعابه مما يجده من مخلفات متناثرة حوله.

وعن هذا يقول: “كنت أحول علب الكولا الحديد إلى تركتور يجر علبة سردين، وكنت أصنع كذلك الشاحنات والجرافات وأشياء كثيرة من مخلفات البلاستك والخشب والمعدن حتى نمت لدي خبرة لا بأس بها”.

تطور خلف القضبان

ومما يثير الدهشة والإعجاب أن موهبة عبد ربه وصلت إلى درجة كبيرة من الفنية والتطور خلف قضبان السجن، إذ أمضى 14 عامًا في سجون الاحتلال الصهيوني، استطاع خلالها تنمية قدرته على تحويل الأشياء المهملة إلى أشياء جميلة.. فكان يصنع من علب الدخان الخضراء براويز جميلة، ومن الكرتون قبة الصخرة، ومن سلفر الدخان أشكالاً رائعة، ومن عبوات معجون الأسنان المعدنية برع في صنع براويز قبة الصخرة.

ويضيف عبد ربه: “كنت أرسل ما أقوم به كهدايا إلى الأهل والأصحاب، وبعد نيل الحرية تناغمت تجربة السجن مع وظيفتي في مؤسسة سلطة جودة البيئة، حتى صار اهتمامي واختصاصي في مجال فن تدوير مخلفات البيئة”.

وعن طبيعة  الأعمال التي قام بإنجازها، تابع: “منذ اهتمامي بمجال فن تدوير مخلفات البيئة في أواخر 2010 إلى بداية 2016 قمت بتنفيذ 420 لقاء تدريبيا مستهدفًا طلبة المدارس والجامعات ومعلمي المدارس وربات البيوت وخريجي الجامعات ورواد المخيمات والنوادي الصيفية”.

انتشار وتنمية

ولم تقتصر أعمال عبد ربه على ذلك، بل إنه قام بتنظيم العديد من المعارض في  المدارس والجامعات والجمعيات الأهلية، فساهم بإنشاء الحدائق من المخلفات في المدارس من مخلفات إطارات السيارات والعبوات البلاستيكية، وإنشاء مشاريع مدرسية لمعالجة مخلفات الورق عن طريق فرمه وتحويله لمصانع الورق والكرتون وكذلك صناعة المفيد منه عن طريق عجينة الورق.

ويركز عبد ربه على إيصال طرق التخلص من المخلفات في طريقة تحمي البيئة وتنفع المجتمع.

وفي هذا الصدد يضيف: “تخلصت من كميات كبيرة من المخلفات في لقاءاتي التدريبية فعلى سبيل المثال: نفذت 33 لقاء تدريبيًّا في مجال صناعة أشجار الورد من العبوات البلاستيكية في المدارس في عام 2015.. كل شجرة تحتاج 100 عبوة فتم تحويلها إلى أشجار ورد جميلة في كل مدرسة تم استهدافها.. أي أننا نجحنا بمثل هذا النوع من المجال بتخليص البيئة من 3300 عبوة بلاستيكية”.

ويطمح عبد ربه إلى إيصال رسالته لكل الفئات، وترسيخ مفاهيم ثقافة التعامل مع المخلفات وإنشاء موقع استيعاب المخلفات الصلبة وتحويلها لأشياء مفيدة وتوزيعها على المدارس والمهتمين.

موهبة تفتقد الدعم

وفي معرض إجابته عما إذا كان هناك دعم له ولاهتمامه، لم يخف عبد ربه استيائه من عدم الاحتواء لموهبته وإبداعه والعمل على تطويرها وتبنيها قائلاً: “حقيقة أن هذا السؤال دائمًا ما أضعه بين قوسين، وخاصة أنني في ميدان البيئة أعمل منذ خمس سنوات وما زلت، وكل المؤسسات البيئية والأهلية العالمية والعربية على علم بمشروعي وعملي وإنجازاتي ويقرون بمقدرتي وموهبتي وإبداعي”.

وبزفرة حارة قال: “ما زلت أصفق بيد واحدة حتى اللحظة، وإن قدموا المساعدة، فإنها لم ترتق إلى الآن لمستوى الطموح الذي يحقق لي الراحة وسعة انتشار الأفكار، وتطوير مجال التدريب في تدوير مخلفات البيئة”. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات