الجمعة 09/مايو/2025

الأمعاء الخاوية.. سلاح الأسرى لنيل الحرية

الأمعاء الخاوية.. سلاح الأسرى لنيل الحرية

“معركة الأمعاء الخاوية”.. تلك إحدى المعارك الأشد شراسة فيما يُعرف بـ”المقاومة السلمية” في مواجهة الظلم والجور الصهيوني تجاه الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، ويلجأ الأسرى لهذا السلاح من أجل تحقيق مطالبهم أو وقف إهانة كرامتهم.

محمد القيق

الصحفي محمد القيق (33 عاماً) هو أحد نماذج الإضرابات الفردية وأشدها صموداً، حيث يخوض إضرابًا عن الطعام في سجون الاحتلال الصهيوني منذ 90 يوماً متتالياً.

اُعتقِل من بيته الكائن في مدينة رام الله في 21/11/2015 عند الساعة 2:00 فجراً، حيث داهمت قوة من جيش الاحتلال بيته قبل أن يقوموا باعتقاله، وبعد تقييد يديه وتغمية عيونه تم نقله إلى مستوطنة بيت ايل القريبة من رام الله، وترك بعدها في العراء حوالي 20 ساعة، ثم نقل لمركز تحقيق المسكوبية وبعدها إلى مركز تحقيق الجلمة، وبعد التعذيب وسوء المعاملة التي تعرض لها القيق، قرر خوض الإضراب المفتوح عن الطعام.

استمر محمد في إضرابه معانداً جبروت الاحتلال وإهانته له، وعدم السماح له بتلقي العلاج أو الكشف عنه طبياً، إلى أنّ قرر أنّ يغذيه قسرياً وهو ما ارتكبه فعلياً.

وتُعرف التغذية القسرية بأنها عملية إرغام الأسير المضرب عن الطعام على تناول الطعام والسوائل، حيث يتم ربطه بكرسي، أو يمسك به بالقوة سجانون، أو ممرضون إذا كان ذلك في المستشفى، ويتم تثبيت رأسه لمنعه من التحرك، ثم يقوم شخص آخر بإدخال أنبوب بلاستيك “بربيش” عن طريق الأنف حتى يصل إلى المعدة، ثم يضخ سائل لزج إلى المعدة مما يشكل خطورة حقيقة على حياة الأسرى.

وأقدم الاحتلال على تغذية الأسير القيق  قسرياً لكسر إضرابه، الأمر الذي يعتبر بمثابة جريمة؛ حيث أجمعت العديد من المنظمات الحقوقية والطبية على مخالفة هذا الأسلوب لمبادئ حقوق الإنسان، لأن القانون الدولي يكفل للأسير حق الخصوصية وحرية التحكم في جسده والإضراب عن الطعام، في حال تعرضت حقوقه للانتهاك.

وكان ثلاثة أسرى فلسطينيين قد استشهدوا في سجون الاحتلال جراء تغذيتهم قسرياً، وهم الأسير عبد القادر أبو الفحم، راسم حلاوة، على الجعفري.

وبرغم ذلك واصل الأسير الصحفي محمد القيق إضرابه عن الطعام، وأعلن خلاله شعاراً جعله مبدأً له “حراً أو شهيداً” وكذا قررت عائلته في اتصال خاص بـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّها تقف إلى مبدأ ابنها وأن موقفها واضح وهو خروج محمد فوراً من الأسر إلى أحد المستشفيات الفلسطينية.

انتصارات خالدة

بطولة وقضية الأسير محمد القيق التي أصبحت تدوي في كل العالم لم تكن قصة أسطورية بل هي منهج رسخه عدد من الأسرى الذين خاضوا حروباً شرساً من هذا النوع، فقد انتصر الشيخ خضر عدنان (36 عاماً) بعد إضرابٍ خاضه لـ56 يوماً على التوالي.

وقد جرى الاتفاق في حينه على تلبية مطالب الأسير عدنان وضمان الإفراج عنه في موعدٍ محدد من العام الماضي، وقال رئيس نادي الأسير قدورة فارس في تصريح صحفي مقتضب: “لقد حقق الأسير عدنان ما أراد، وكان إنجازاً وطنياً رائعاً”.

الأسير المحرر أيمن الشراونة من بلدة دورا قضاء الخليل، كان ضمن الأسرى الذين خاضوا إضراباً جماعياً عن الطعام في أغسطس/آب 2004، بعد أن زادت أوضاعهم سوءا داخل السجون الصهيونية، لكن بعد 19 يوما من الإضراب المتواصل لم ينجح الأسرى الفلسطينيون في تحقيق مطالبهم.

ومع ازدياد الأوضاع سوءا داخل السجون، قرر الأسرى في أبريل/نيسان 2012 خوض إضراب جماعي عن الطعام مرة أخرى، وكان الشراونة أحد المشاركين فيه، ورفعت مطالبهم لسلطات السجون، وكان أهمها: إنهاء العزل الانفرادي للأسرى المعزولين والسماح للأهالي في غزة بزيارة ذويهم داخل السجون، وكذلك وقف سياسة التفتيش العاري، وتحسين الظروف المعيشية للأسرى داخل السجون.

وبعد 28 يوما من الإضراب نجح الأسرى هذه المرة في تحقيق مطالبهم، ووصف الشراونة ذلك بأنه كان انتصاراً.

في أبريل/نيسان 2014 بدأ الأسرى المحكومون إداريا إضرابا جماعيا عن الطعام، سمي بـ”مي وملح”، وذلك لتحقيق مطالبهم وهي إنهاء الاعتقال الإداري دون تهمة محددة وبحجة الملف السري.

ويقول الشراونة إن إضراب الأسرى بأمعائهم الخاوية هو ورقتهم الأخيرة لإيقاف الإجرام الصهيوني ضدهم، حيث استعاد هو حريته بعد 261 يوما من الإضراب عن الطعام، بعد صفقة استجابت فيها سلطات الاحتلال لمطالبه.

الأسيرة المحررة هناء شلبي أحد النماذج الأسيرة البطلة التي خاضت إضراباً عن الطعام، تقول: إن “الأسير يدخل زنزانة مظلمة وباردة، لا مقومات للحياة فيها نهائيا، كما يربط بقيود “كلبشات” تكون حسب التهمة والحكم الصادر بحقه.

وبمرارة تتحدث هناء عن تجربتها مع التفتيش العاري، وتقول إن الصهاينة نزعوا عنها ملابسها وهي مقيدة وأصبحت عارية تماما أمام سبعة جنود ومجندة، وفي هذه اللحظة قررت هناء الدخول في إضراب عن الطعام.

تصف هناء التفتيش العاري بالقول “إنه صعب جداً على الأسير الفلسطيني، إنه أسلوب المحتل لإذلال الفلسطيني الشامخ الرافع رأسه”.

وبحسب جميل الخطيب – محام متخصص في الدفاع عن الأسرى داخل سجون الاحتلال – فإن النصوص الدولية تمنع التفتيش العاري.

بعد 44 يوما من الإضراب، تدهورت حالة الأسيرة شلبي الصحية بشكل حاد، وتحدثت تقارير طبية وقتها أنها قد تفقد حياتها في أي لحظة، لكن سلطات الاحتلال أذعنت لمطالب هناء وتم إطلاق سراحها.

إضرابات جماعية

منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، خاض الأسرى الفلسطينيون معارك الإضراب عن الطعام بشكل متكرر احتجاجا على أوضاعهم السيئة داخل سجون الاحتلال، بعضها فشل وبعضها نجح، مع العلم أن وسيلة الإضراب عن الطعام استخدم عالميا كسلاح فعال ضد السجان ضمن معارك التحرر ورفع الظلم.

وأدى نجاح الإضراب الجماعي إلى دخول بعض الأسرى في إضراب فردي عن الطعام، منهم الأسير خضر عدنان الذي شجع العديد من الأسرى على خوض التجربة نفسها، مثل أيمن الشراونة وسامر العيساوي، وهما الأسيران المحرران اللذان قررا الإضراب عن الطعام بعد أن أعاد الاحتلال اعتقالهما.

ثائر حلاحلة، بلال ذياب اثنان من الأسرى الذين ساروا على خُطى من خلفهم في خوض الإضرابات الفردية، حيث أعلنا في 28 شباط 2012، عن خوضهما إضراباً عن الطعام احتجاجًا على استمرار سياسة الاعتقال الإداري دون تهمة موجّهة، وقد مضى على الإضراب الذي يخوضه كل من الأسيرين (76 يوماً).

كما شكلت بطولة الأسير المحامي محمد علان، أنموذجاً فريداً في الإضراب عن الطعام حيث تنسم الحرية من سجون الاحتلال الصهيوني بعدما أضرب عن الطعام 65 يوماً متتالية احتجاجاً على اعتقاله الإداري العام الماضي.

وقد اشتهر علان برسالةٍ خطها في إضرابه عبر محاميه: “الاعتقال الإداري عودة إلى العبودية والرقيق، وبالتالي أرفض أن أكون عبداً عند أي جهة، الحقيقة أنا الآن أتلذذ بالجوع طالما كانت الحرية هي الهدف في ظل غياب القانون في المحاكم الإسرائيلية، ولذلك وجدت نفسي مضطراً لخوض هذه المعركة”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

اعتقال 4 فلسطينيين من الخليل

اعتقال 4 فلسطينيين من الخليل

الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الجمعة، 4 فلسطينيين خلال اقتحامات متفرقة في مدينة الخليل جنوبي الضفة...