الخميس 08/مايو/2025

من الراب إلى الإنشاد.. هكذا تغيرت مسيرة فنانين تونسيين

من الراب إلى الإنشاد.. هكذا تغيرت مسيرة فنانين تونسيين

في غمرة النجاح والشهرة والأضواء ومن دون مقدمات أوقف الفنان التونسي فوزي بن قمرة مشوار سنوات من الغناء الشعبي والرقص، أو ما يعرف في تونس بفن “المزود”، ليتجه بعد مدة من الاعتزال نحو الإنشاد الديني والموسيقى الروحية.

القرار الذي صدم جمهوره ومحبيه “لم يكن وليد تسرع أو تقليداً لموجة فنية جديدة” كما يقول المنشد بن قمرة لـ “هافينغتون بوست عربي”، بل استغرق منه نحو 7 سنوات من اعتزال الفن نهائياً والتفكير في نمط غنائي ملتزم يقدمه لجمهوره كبديل عن الفن الشعبي، الذي اشتهر به سابقاً.

ويضيف، “لم يكن قراري بترك عالم الغناء والرقص الشعبي بالصعب، لأن رحمة الله كانت واسعة على عبده، كما أن ذهابي لزيارة الحرم المكي زادت في يقيني بأن القرار الذي اتخذته كان عين الصواب” حسبما يرى بن قمرة.
ويواصل “أردت أن أستغل المساحات الموجودة في خامة صوتي لموسيقى تمسني شخصياً وتخاطب وجدان التونسيين، ولم أجد أفضل من الإنشاد الديني”.

لا ندم على ما فات

ويشدد بن قمرة على أنه لم يندم قط على الأغاني الشعبية والراقصة، التي بدأ بها مشواره الفني، باعتبارها مرحلة صنعت نجاحه وترك من خلالها بصمة في الساحة الفنية التونسية، إلا أنه في ذات الوقت يرفض سماعها بحجة أن كل وقته الآن مخصص للإنشاد الديني.

وحول مواصلة وسائل الإعلام التونسية بث أغانيه الشعبية يقول بن قمرة، “بشكل عام، أحترم كل الأذواق الفنية والاختيارات الشخصية للأفراد، بالتالي لم أمنع قط أي إذاعة أو محطة تلفزيونية من بث أغانيّ القديمة”.

وتلاقي موسيقى المنشد حالياً رواجاً كبيراً بين محبي هذا النمط الموسيقي، بل أضحى يستقطب شريحة عمرية شابة بسبب الإيقاع العصري الذي ينتهجه مع الحفاظ على كلمات ملتزمة سواء في مدح الرسول أو مواضيع تمس سلوك المسلم من قبيل بر الوالدين.

من الراب إلى الإنشاد
قدور لارتيستو صوتٌ آخر من الأصوات الشبابية في تونس، اختار دخول عالم الإنشاد الديني والأغاني الهادفة والملتزمة رغم صغر سنه وصعود شعبيته في مجال موسيقى الراب.

يرى بدوره أن انطلاقته كانت عبر الأغاني العاطفية، شأنه شأن شباب جيله، لكنه قرر أن يستغل حنجرته وخامة صوته الفريدة من نوعها في “بث رسائل نبيلة وهادفة”، على حد وصفه، للشريحة العمرية التي تسمعه.

غنى عن الحجاب وبر الوالدين ومساوئ الحشيش والمخدرات، وذلك بنمط غنائي ملتزم وعصري في ذات الوقت، كما برز نجمه عربياً بإعادة لأغنية “موطني” بالتزامن مع اندلاع الربيع العربي في مطلع العام 2011.

يقول قدور لـ “هافينغتون بوست عربي” إن توجهه للإنشاد الديني ساهمت فيه عدة عوامل أبرزها التزامه شخصياً منذ الصغر، “كان دائماً هناك صراع بيني وبين نفسي حول أي طريق فني سأسلك، الراب الذي بدأت مسيرتي من خلاله أو الإنشاد الديني، فاخترت أن أمسك العصا من الوسط وأن ألتزم فنيا بأغاني هادفة أمام الكم الهائل من الدعوات من الشباب الذي يتابعني”.

وأضاف “كان يصر أغلبهم على أن أستغل خامة صوتي في أغانٍ دينية، وبعد الثورة مباشرة اتجهت للإنشاد الديني عن قناعة علّي أكون سبباً في هداية الكثير من أبناء جيلي، لكن ذلك لم يمنعني من تطوير هذا النمط الغنائي كي أوصله لفئة الشباب”.

ويرفض قدور تصنيفه ضمن خانة فنية بعينها ويؤكد أن ما قام به يعد “ثورة فنية إيجابية” ومحاولة شخصية منه لإيجاد بديل موسيقي إسلامي في مواجهة لبعض الأنماط الموسيقية الشبابية، التي تحث على الرذيلة وشرب الخمر واستهلاك الحشيش.

ويختم قدور قائلاً، “سعادتي تكمن في أن أكون قدوة صالحة وحسنة لآلاف الشباب والمراهقين الذين يتابعونني، وتلك لعمري مسؤولية عظيمة أدعو الله أن يوفقني فيها. وأنا أخاطب في أغاني جميع الأطياف الصالح والطالح”.

قدور لارتيستو وفوزي بن قمرة ليسا إلا نموذجين لفنانين تونسيين آخرين اختاروا في مرحلة محددة من مسيرتهم الفنية الوقوف لحظة تأمل ومراجعة ما قدموه من فن سواء كان شعبياً أو طربياً أو راب، ويبقى في النهاية الحكم للجمهور.

– هافينغتون بوست عربي

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات