الجريري .. عندما تصبح المطالبة بترشيد النفقات تهمة تستدعي السجن

في استمرارٍ لسياسة تكميم الأفواه قررت النيابة العامة برام الله، اليوم الاثنين (15-2)، توقيف الصحفي إيهاب الجريري لمدة 24 ساعة على ذمة التحقيق في القضية التي رفعتها “مصففة الشعر” في تلفزيون فلسطين، حيث كانت الأخيرة قد رفعت قضية على الجريري اتهمته فيها بـ”التشهير”، وذلك بعد انتقاده هدر المال العام نظراً للراتب الذي تتقاضاه.

وبحسب مصادر مطلعة لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”؛ فإنّ مصففة الشعر تتقاضى راتباً شهرياً بقيمة 10 آلاف دولار، وذلك بعد تعاقدها مع هيئة الإذاعة والتلفزيون في رام الله.

تحايل على القانون
وفي وقت لاحق قررت النيابة العامة الإفراج عن الجريري بعد ضغوطٍ مارستها بعض الجهات على النيابة، الأمر الذي وصفته الصحفية نائلة خليل بـ”تحايل على القانون بطرق ودّية”.

وقالت خليل على صفحتها على الفيسبوك: “لدي رأي وسأقوله للأمانة، أنا ضد الإفراج عن الزميل إيهاب الجريري بعد حديث ودي مع النيابة وتدخلات شخصية، لأن الأمر هنا لم يتم حله، بل تم تجاوز القانون بطرق ودية”.

وأضافت: “أنا موقفي مع معالجة أساس الموضوع وهو اعتقال الصحافي على أساس النقد”، مطالبةً بمعالجة أصل المشكلة وهي الحق بالنقد والكتابة دون تجريح واتهام وتشهير.

ومضت تقول: “حتى لا يتحول القانون في البلد إلى “بعبع” يشهروه علينا متى أرادوا، وبعد ذلك من علاقته منيحة مع النقابة بطلع بالضغط واللي علاقته نص نص بقعد 24 ساعة، واللي ما إله علاقة بالنقابة بقعد 15 يوما قابلة للتمديد حسب النوايا”، حسب قولها.

واختتمت قولها: “الأصل أن يكون القانون حاميا، وليس حمّال أوجه ومتحاملا، والصحافيون قادرون على حماية حريتهم إن تحركوا دفاعاً عن الفكرة، وليس الأشخاص، وكانوا جسما واحدا”.

نقد عام
وكان الصحفي الجريري كتب أمس على صفحته على “الفيسبوك”: “غدا في تمام العاشرة صباحا سأمثل أمام نيابة رام الله، في قضية رفعتها ضدي “مصففة الشعر” التي تعاقد معها تلفزيون فلسطين، لم تكن هذه السيدة قضيتي ولا مشكلتي لا من قريب ولا من بعيد، لم أشهّر بها بأي شكل، قضيتي دائما وأبدا الدفاع عن مصالح الناس وليس ضدهم، بما في ذلك وقف هدر المال العام”.

وأضاف: “لقد انتقدت شخصيات عامة ومسؤولين بمن فيهم الرئيس ورؤساء الوزراء وربما كافة وزراء الحكومات الأربع الأخيرة، كما انتقدت رجال أعمال وشركات، وهؤلاء كانوا على الدوام متفهمين وواسعي الصدر إلى حد بعيد.. أثق بعدالة القضاء الفلسطيني”.

وتابع: “ومهما كانت الضغوط السياسية الممارسة ضدي، أثق أنني سأخرج من هذه القضية أقوى من قبل. لقد ناضلنا جميعا من أجل التحرر وبناء دولة المؤسسات، دولة يسودها القانون والعدالة والحريات العامة، والإعلام في فلسطين قدم تضحيات جسامًا، لا يضاهيها ما نتعرض له أحيانا من ضغوط مهما تعددت أشكالها، وأثق أكثر بدعمكم جميعا. لن يسكتنا أحد ولا شيء عن الاستمرار في الدفاع عن حقوق الناس والمصلحة العامة بما يضمنه القانون وما تسمح به مهنيتنا التي نلتزم بأخلاقياتها”.

وكانت مؤسسات حقوقية قد أكّدت عبر تقارير خاصة بها على تزايد حالات التضييق على الصحفيين والكُتاب من أجهزة السلطة الفلسطينية بالضفة، الأمر الذي يؤكد على حالات كتم حرية الرأي والتعبير.

عباد يحيى كتب على صفحته قائلاً: “اليوم يلتقي في السجن الإسرائيلي رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، مع رئيس الدولة السابق موشيه كاتساف. الاثنان مدانان بقضايا من نوعية الفساد والتحرش وغيرها”.

ويضيف: “لم تغفر لهما كل أفعالهما ضد الفلسطينيين، ولم تشمل مرافعتهما في المحكمة عدد العمليات التي نفذوها ضد غزة ولا ما حققوه من إنجازات لصالح إسرائيل والإسرائيليين”.

ويتابع بقوله: “جماعتنا -في إشارة إلى السلطة الفلسطينية- يستذكرون كل خطوة خطوها في ما يقولون إنه نضال ضد الاحتلال، لتمرير كل أشكال الفساد والمصالح والظلم والمخالفات. يدفعوننا فاتورة نضالهم المزعوم”.

ويمضي: “وحين يتذكرون أن لدينا محاكم وقضاء، يعتقلون صحفيا تساءل عن شبهة هدر للمال العام متعلقة براتب مصففة شعر مذيعي التلفزيون الرسمي، فيعتقلونه، لا يحققون معه وحسب، بل يوقفونه على ذمة النيابة، ففي عودته لأسرته بعد التحقيق خطر على بقية المواطنين، كأنه قاتل متسلسل”، كما قال.

لا أساس قانونيًّا
فيما ذهب أدهم مناصرة، إلى التأكيد بأنه لا يوجد أساس قانوني لتوقيف الصحفي الجريري أو التحقيق معه.

ويقول: “الزميل إيهاب عندما تحدث عن موضوع ترشيد النفقات في مؤسسة عامة لم يذكر المصففة (اسماً)، ولم يُشخصن الأمر ولم يقذف ولم يُشهر، السياق والكيفية والماهية التي تحدث بها الزميل إيهاب عن الموضوع “مهنياً” تضمن له عدم المُساءلة والمحاسبة من أي جهة كانت، وهذا ليس فضلاً ولا منّة من فلان أو علنتان”، كما قال.