السبت 29/يونيو/2024

النائب محمد أبو طير.. مانديلا فلسطين

النائب محمد أبو طير.. مانديلا فلسطين

لم يعد هناك سجن من سجون الاحتلال إلا ودخله، لاقى به ويلات المحتل وتجرع ظلمات الزنازين، ورغم أنه قضى أكثر من نصف عمره بالسجن إلا أنه لم يتراجع وظل مناضلا ثائرا ضد الظلم فاستحق أن يلقبه البعض بـ”مانديلا فلسطين”.. إنه النائب المقدسي محمد أبو طير أحد رموز مدينة القدس وفلسطين المحتلة.

يحكي عنه صديق طفولته الدكتور ناجح بكيرات مدير الأملاك الوقفية بالقدس، الذي قال إن أبو طير أحد مناضلي الحركة الوطنية الفلسطينية، ولقبته بـ”مانديلا فلسطين”، كيف لا وقد قضى أكثر من نصف عمره داخل سجون الاحتلال كافة.

مناضل فلسطيني

يقول بكيرات: “النائب محمد أبو طير(65 عاماً) عانى كثيرا، وقضى أكثر من نصف حياته بالسجون، فهو لم ينعم بنسائم الحرية سوى سنوات قليلة ليعاد اعتقاله بفترات متباعدة ومتقاربة”.

ويضيف بكيرات عن حياة النائب قبل السجن: “أبو طير تخرج من مدرسة ثانوية الأقصى الشرعية في القدس، وعرف بأحد رموزها وأبنائها حيث كان يعرف فيها بالشيخ أبو طير، وكان يعرف بالكبوتشي؛ أي المناضل في الحركة الوطنية الفلسطينية”.

وتابع: “سافر النائب محمد أبو طير لدراسة اللغة العربية في جامعة بيروت، ومن هناك التحق بركب الثورة الفلسطينية، وعاد إلى الوطن المحتل نتيجة العمل الفدائي والعسكري وحكم عليه بالسجن المؤبد قضى منهم 13 عاماً، وقد أفرج عنه خلال صفقة أحمد جبريل عام 1985م ، وكان هو على رأس اللجنة المشرفة على الصفقة”.

وأشار بكيرات إلى أنه بعد خروجه من الأسر عاد إلى مدينة القدس وتحديداً إلى بلدة صور باهر حيث استقبله أهلها، وتزوج فيها للمرة الثانية، وأنجب طفلة بالإضافة لأطفاله الأربعة، ثم سجن مرة أخرى لمدة ست سنوات، وتتالت عمليات الاعتقال والأسر بحقه.

ويحكي بكيرات أنه  في عام 2006 رشح النائب محمد أبو طير للانتخابات عن قائمة التغيير والإصلاح وكان من ضمن القائمة التي فازت عن مدينة القدس، وبالتالي الاحتلال شن هجمة جديدة وشرسة تجاه النائب حيث تمت ملاحقته وكان هو أول من تم اعتقاله من النواب المقدسيين، ومن ثم أبعد عن مدينة القدس؛ حيث سحبت سلطات الاحتلال الإقامة منه “البطاقة الشخصية “، وخلال العشر سنوات أمضى الشيخ ثمان سنوات في سجون الاحتلال.

وعن شخصية النائب محمد أبو طير يقول صديق طفولته بكيرات: “نفسية النائب محمد محببة للجميع، فهو يتقبل الكل ويتعامل كما الأب، وهو مصلح اجتماعي، وكان أيضاً يعمل في إمامة مسجد إم طوبا ببلدة صور باهر، وهو حافظ لكتاب الله”.

وأضاف: “تغلب على النائب محمد أبو طير العاطفة الجياشة بالرغم من حزمه وهيبته إلا أنه ذو قلب رحيم ، فممكن كلمة أن تؤثر به وكلمة تغضبه، وكان له أثر جلي على الأسرى في هذه السجون، وكان معروفا عن الشيخ بالإيثار حيث إذا جاء شخص يحتاج لشئ أعطاه الشيخ إياه بالرغم من حاجته للشيء.

رمز مقدسي

أما من الناحية المجتمعية يقول بكيرات: “يعتبر النائب محمد أبو طير رمزا من رموز القدس وفلسطين، فقد كان من الممكن أن يعيش برخاء ولكنه آثر وضحى بكل شيء، حيث خسر موطنه ومدينته التي ولد فيها وكبر وترعرع، وخسر مشاهدة أطفاله عن قرب فهو لم يشاهدهم ولم يعش معهم إلا قليلاَ، فقد معظم عمره بالاعتقال، كنت أنا ووالدته  ووالده نزوره في السجون؛ حيث لم يبق سجن إلا ودخله، وتنقل بين سجون الاحتلال ولاقى ويلات المحتل وتجرع ظلمات الزنازين”.

وفي عام 1982م كنت في زيارة له أنا ووالدته؛ حيث كان حينها خلف قضبان سجن الرملة، ورأيت ما يتمتع به الشيخ داخل السجن فهو يحظى بالهيبة، وله مكانة معروفة ويعرف بقوة الشخصية في السجون كونه من أقدم الأسرى الذين كانوا موجودين في السجن”.

ويتابع “يعاني النائب محمد من أمراض في المعدة والصدفية نتيجة السجون والضغوطات وفترات الاعتقال وكبر السن”.

ويشير  بكيرات  الى أن الاحتلال باعتقال النائب محمد أبو طير الأخير وفي ظل الظروف التي تشهدها فلسطين المحتلة؛ يستهدف هذه الرموز بالاعتقالات الأخيرة لعدة أسباب منها: عند اعتقاله لهذه الرمزية والشخصية  المعروفة الفلسطينية يريد أن يرضي اليمين المتطرف الصهيوني ومجتمعه، ويريد أن يقول لهم “ها أنا أبعد هذه الرموز وأضعها داخل الزنازين”.

ويضيف “يريد إبعاد رموز الأقصى والقدس فحينما يبعده هو يرضى الجانب الصهيوني  خلال الانتخابات القادمة، ما يشكل خسارة  أيضاً للمجتمع الفلسطيني، فهذه الرموز تملك خبرات يريد الاحتلال باعتقاله إحداث  شرخ وفراغ داخل المجتمع في الحالة السياسية والاجتماعية الفلسطينية، واستهداف رموز كتلة الإحداث والتغيير، هو يريد أن يحدث شرخا داخل التنظيمات السياسية والتي تدعو للوحدة ولم الشمل”، مؤكدا أن الاحتلال عندما يستهدف فصيلا معين بالاعتقال ويترك آخر خارج الاعتقال؛ هو يريد أن يزيد من هذا الشرخ.

وأشار إلى أن الاحتلال مع اعتقال الشيخ الأخير يريد أن يخمد جذوة انتفاضة القدس.

ويشير بكيرات إلى أن النائب محمد أبو طير كتب سيرة حياته في كتاب سوف تصدره دار النشر والتوزيع ” الزيتونة، تناول فيها النائب أبرز محطات حياته، وتناول حياته السياسية وحياة السجون”. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات